القدس: يحمل الفتى الفلسطيني احمد ابو الحمص آثارا واضحة لقطب في رأسه خضع له بعد اصابته برصاصة اسفنجية اطلقها حرس الحدود الاسرائيلي في القدس الشرقية المحتلة، وهذا ليس الا الاثر الظاهر للاصابة التي سترافقه تبعاتها طيلة حياته.

وابو الحمص (13 عاما) واحد من عشرات الفلسطينيين الذين اصيبوا باضرار بالغة غير قابلة للشفاء بسبب نوع من الرصاص الاسفنجي الاسود بدأت قوات الامن الاسرائيلية باستخدامه قبل عامين تقريبا في القدس الشرقية.

وفي السادس من يناير الماضي، وبينما كان احمد في طريقه لزيارة شقيقته في حي العيسوية، اندلعت اشتباكات بين شبان فلسطينيين وقوات الامن الاسرائيلية ما ادى الى اصابته باحدى هذه الرصاصات. وبقي الفتى في غيبوبة لمدة 45 يوما قبل ان يستيقظ ليجد انه فقد جزءا من جمجمته اضافة الى عدد من قدراته الطبيعية.

ولا يستطيع الفتى الخروج من المنزل او اللعب مع اصدقائه او حتى التحدث بشكل متواصل من دون ان يتلعثم. ويقول عمه مهدي لوكالة فرانس برس ان ابن اخيه "كان طفلا ذكيا ونشيطا وكثير الحركة، ولكن حاليا الحمد الله هو قادر على المشي، ولكن لا يمكنه المشي لمسافات طويلة". واضاف "يعاني من صعوبة في النطق وذاكرته غير مكتملة"، مشيرا الى ان الفتى فقد قدرته على القراءة والكتابة ايضا.

وتستخدم القوات الاسرائيلية منذ يوليو نوعا جديدا من الرصاص الاسفنجي الاسود في القدس الشرقية المحتلة مصنوعا من البلاستيك، بحسب جمعية حقوق المواطن في اسرائيل. وبحسب الجمعية، اصيب اكثر من 30 فلسطينيا في القدس الشرقية بهذا النوع من الرصاص، بينما فقد 14 منهم عينا.

وفي السابع من سبتمبر 2014، توفي الفتى محمد سنقرط (16 عاما) بعد ان كان اصيب برصاصة من النوع نفسه اطلقتها الشرطة الاسرائيلية في 31 اغسطس في القدس الشرقية. وقالت المحامية نسرين عليان من جمعية حقوق المواطن ان سنقرط توفي "لانه اصيب برصاص في راسه اطلقت من مسافة قريبة".

واغلقت الشرطة في مايو الماضي ملف التحقيق مع الشرطي المتهم بقتل سنقرط "لعدم وجود ادلة كافية". وتقول المنظمات الحقوقية ان استخدام هذا النوع من الرصاص يهدف الى تقليل الخسائر البشرية، ولكن طريقة استخدامه تثير الشكوك.

وتقول مديرة قسم اسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس سري بشي لفرانس برس "الرصاص الاسفنجي يصنف كسلاح غير قاتل. ولكن اي سلاح قد يكون قاتلا، اعتمادا على الطريقة التي يستخدم بها". اضافت "المشكلة انه يستخدم بطريقة غير مسؤولة. ما نراه في القدس الشرقية هو ان الشرطة تستخدم القوة المفرطة غير الضرورية ضد المتظاهرين، وانها فشلت في اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية المتظاهرين المدنيين، خصوصا الاطفال منهم".

وتنص توجيهات استخدام هذا النوع من الرصاص الاسفنجي على ضرورة اطلاقه من مسافة عشرة امتار على الاقل على القسم السفلي من الجسم، ويسبب في العادة الامًا شديدة من دون ان يترك اثرا طويل الامد، بحسب عليان.

صيد الاطفال
ويتهم عم الطفل افراد القوى الامنية الاسرائيلية "بالاستمتاع لدى قيامهم بتصيّد اطفال مثل احمد. (...) في كل مرة يصيبون فيها رأس طفل او رجله، تظهر عليهم علامات السعادة وكأنهم يلعبون لعبة صيد". وردا على سؤال عن استخدام هذا النوع من الرصاص، قالت المتحدثة باسم الشرطة الاسرائيلية لوبا سمري "من واجب الشرطة حماية ارواح وسلامة المواطنين" في مواجهة "مواقف تهدد الحياة".

وقالت "وفقا للقانون ومبادئ الدفاع عن النفس، من حق الشرطة استخدام الاسلحة الفتاكة والمزودة بذخيرة غير قاتلة بما في ذلك الرصاص الاسفنجي وامور اخرى"،مشيرة الى انها "تقوم باستخدامها بشكل معقول وبالحد الادنى من الضرر". واضافت "الشرطة تعمل وستواصل العمل بحزم لحماية ارواح وسلامة الجمهور".

في يوليو العام الماضي، اصيب نافز الدميري (55 عاما)، وهو خياط اصم وابكم من مخيم شعفاط للاجئين، برصاصة مطاطية ادت الى فقدانه عينه اليمنى واصابته بكسور في وجهه. واصيب الدميري عند اقتحام قوات خاصة اسرائيلية المخيم، بعد ان لجأ الى محل بقالة قريب هربا من مواجهات اندلعت في المخيم.

ولكونه ابكما واصما، لم يسمع الدميري اصوات الرصاص او المشادات، وخرج لتفقد المواجهات، فاصيب برصاصة في عينه، بحسب ما يظهر شريط مصور أخذ من كاميرا للمراقبة. ويضع الدميري عينا زجاجية مكان عينه التي فقدها، ويجلس حبيس منزله خائفا من الشرطة الاسرائيلية. وتوقف الدميري عن العمل إثر الحادثة. كما توقّفت زوجته التي كانت تعمل كعاملة نظافة، عن الذهاب الى وظيفتها، لتعتني به.

وتقول زوجته غادة "حالته النفسية تضررت للغاية. هو كان يخرج في كل يوم والان يجلس في البيت. ويخاف للغاية من الخروج ورؤية الشرطة".