بعد تفجيرات القاع الأخيرة، وانكشاف لبنان أمنيًا أمام موجات التفجيرات، عمد الأهالي إلى اعتماد الأمن الذاتي، فهل يكون الحل أم بداية لانكشاف لبنان أكثر أمام الأخطار الأمنية؟

إيلاف من بيروت: لا يزال التوتر والقلق يسودان غالبية البلدات اللبنانية على الحدود مع سوريا، بعد تفجيرات بلدة القاع الأخيرة، ففي منطقة راشيا، يرتفع منسوب الاستنفار، والأصوات الآتية من جهة جبل الشيخ تقلق أهالي وادي التيم، خصوصًا أن الحدود باتت معبرًا لمجموعات المسلحين المعارضين هناك، وبعد ما جرى في بلدة القاع، يبدو الأهالي أقرب إلى نظرية الأمن الذاتي، وخصوصًا في القرى التي تقع على الحدود المفتوحة، وبات أمرًا عادياً مشاهدة أبناء البلدة يحملون السلاح، ومعهم شرطة بعض البلديات، ويتجمعون في لجان ينقصها التنظيم.

وفي البلدات الحدودية سرعان ما امتشق رجالها والنسوة أسلحتهم، ولو الى جانب الجيش اللبناني، في وقت سجّل انتشار مسلح علني لعناصر حزب الله وسرايا المقاومة في معظم قرى البقاعين الشمالي والأوسط تحسبًا لأي طارئ، وقد حذّرت المصادر الأمنية من ظواهر الأمن الذاتي هذه، ورأت انها تكشف لبنان أكثر أمام الأخطار المحدقة به، فيما الأجدى إسناد المهمّة إلى الجيش اللبناني والقوى الامنيّة الشرعيّة وتأمين الدعم السياسي والمعنوي واللوجستي لهما، وتركهما يتصرفان خصوصًا وأن الاجهزة أثبتت كلها جدارة وتفوقًا في الحرب على الارهاب. في المقابل، توقفت المصادر الأمنية عند استنفار عسكري مسيحي - شيعي مشترك برز في عدد من القرى الحدوديّة، على حد تعبيرها، تزامنًا مع ارتفاع بعض الاصوات معلنة أن ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" هي وحدها الكفيلة بحماية لبنان من الخطر الإرهابي، وقد رأت المصادر أن "حماية المسيحيين تكون بالاقتراب من الدولة لا من حزب الله أو النظام السوري، فخطوات مماثلة لا تحصّن أمننا ولو بالحد الأدنى بل تعرّضنا أكثر للاستهداف من قبل "الارهابيين".

تقسيم لبنان

والسؤال الذي يطرح مع غياب الدور الفاعل للدولة اللبنانية، هل يكون الحل اليوم اعتماد الامن الذاتي في مختلف المناطق؟ يرفض النائب نضال طعمة (المستقبل) في حديثه لـ"إيلاف" ذلك، ويؤكد أن ما أضعف الدولة هو وجود الأمن الذاتي، ولن نقبل إلا بالدولة اللبنانيّة، ولن ننجر إلى كل فئة تقوم بأمنها الذاتي، ونقول إننا نريد الدولة، ومؤسساتها.

هل الأمن الذاتي اليوم بداية لتقسيم لبنان؟ يجيب طعمة: "لا شك انه يؤدي إلى تقسيم لبنان، ويعيدنا بالذاكرة إلى الحرب الأهلية، لأنها بدأت بأمن ذاتي، ورأينا ويلاتها، ثم عدنا وتحاورنا".

ويضيف: "يجب أن نضع كل إمكانياتنا بيد الدولة اللبنانيّة، كي تقوى، ولم يعد هناك داعٍ من أن يشعر كل فريق بأنه مستهدف وخائف، يجب أن تكون هناك قناعة جماعية بدعم الدولة اللبنانية".

ويلفت طعمة إلى&أن هناك&ممن يُذكِّر بعودة الحرب ويقرع طبولها،&

لكنها مرفوضة، ونحن نتذكر الحرب كي نتعلم منها، ويجب تطبيق إعلان بعبدا لننأى بأنفسنا عن الأحداث حولنا، وما يجري في سوريا، شئنا أم أبينا، سيلسعنا بناره إذا لم نَنْأَ بأنفسنا عنها.

الفكر التقسيمي

بدوره، يعتبر النائب نبيل نقولا (تكتل التغيير والاصلاح) في حديثه لـ"إيلاف"، أن لا احد يطمح في لبنان إلى الأمن الذاتي، إلا الفئات التي لديها الفكر التقسيمي، ولكن عندما تغيب الدولة هناك من يحل مكانها والفراغ هو من يملأه الآخرون، وواجبات الدولة القيام بكل ما أوتيت للحفاظ على الأمن في كل لبنان.

ويؤكد نقولا أن الأمن الذاتي مرفوض بتاتًا، لأنه يؤدي إلى التقسيم، وعشنا ذلك خلال الحرب اللبنانية، عندما كانت هناك حماية ذاتية لكل منطقة، رأينا في النهاية كيف انتهت إلى حرب شوارع ضمن المناطق التي كانت تتدعي بأنها تقوم بحماية ذاتية.
&