قارب النائب وليد جنبلاط جملة من الملفات السياسية على مستوى الداخل اللبناني والمتحرك الإقليمي والدولي، مؤكدًا بأن لا مانع لديه من انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية.

إيلاف من بيروت: قال النائب وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، إن لبنان محكومٌ بالجغرافيا السياسية، وأن المحور السوري الإيراني يشكل الحلقة الأقوى ضمن هذه الجغرافيا، مشيرًا في مقابلة خاصة مع "إيلاف"، إلى أن سوريا وإيران، بالتزامن والتوافق، تنتظران ظروفاً أفضل من أجل الوصول إلى رئيس لبناني.

وعن خياره الرئاسي حاليًا، قال: "بما أن القوّتين المسيحيتين اتفقتا على العماد عون فلا مانع، ولكن لا أدري ما هو موقف سعد الحريري".

ونفى جنبلاط الخبر الذي أوردته وسائل إعلام لبنانية حول عدم إعطائه تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، قائلا: "عندما أقرر برنامجي النهائي لزيارتي إلى الولايات المتحدة، فالتأشيرة موجودة".

وفي تعليقه على الإنقلاب الفاشل في تركيا وتداعياته، قال: "الإنقلاب لا يبرر هذه الحملة من الإستئصالات الهائلة والاعتقالات في الجيش والقضاء".

وإليكم النص الكامل للحوار:

ملف الرئاسة

بعض القوى السياسية تقول إن لبنان محكومٌ بالجغرافيا، وأن قرار إنتخاب رئيس مرهون بتوافق إقليمي أولاً، والدول العربية والغربية تردد على لسان مسؤوليها أن موضوع الانتخابات شأن داخلي لبناني، وأن العالم يوافق على ما يختاره اللبنانيون، كيف تفسر هذا الأمر، ومن نصدق؟ 

لبنان محكوم بالجغرافيا السياسية واليوم العامل الأقوى في تلك الجغرافيا السياسية، إن صح التعبير، هو المحور السوري الإيراني، وقبل أن تأتي إيران إلى لبنان كانت دائمًا التسوية محكومة بالجغرافيا السياسية وكانت للسوري من أيام حافظ الأسد وحتى اليوم مع بشار الأسد الكلمة الأساس في إنتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق آنذاك (خلال إتفاق الطائف) مع السعودية وأميركا. واليوم نتيجة الخلاف السعودي الإيراني والخلاف السعودي السوري تبقى الكلمة الأساس لسوريا –النظام- ومعها إيران.

 هل فشلت زيارة وزير الخارجية الفرنسي؟

لا نستطيع أن نقول إنها فشلت. أتى (وزير الخارجية الفرنسي) في مسعى أو لمحاولة إخراج لبنان من هذه المعادلة التي ذكرتها آنفاً (محكوم بالجغرافيا السياسية). لا يستطيع أن يخرج لبنان من هذه المعادلة، وسوريا ومعها إيران بالتزامن والتوافق تنتظر ظروفاً أفضل من أجل الوصول إلى رئيس لبناني، وذلك أفضل لمصالحها.

قبيل عيد الفطر، إلتقيت بالدكتور سمير جعجع، ورشحت معلومات تفيد عن محاولتكم إحداث خرق ما في الملف الرئاسي على صعيد تسمية ميشال عون، ثم التقى جعجع الحريري وسافر الأخير إلى المملكة العربية السعودية. على ماذا اتفقتم مع الدكتور جعجع؟

إتفقنا مع الدكتور جعجع على محاولة إخراج رئيس صنع في لبنان، وهذا الأمر يلتقي أيضًا مع جهود الرئيس نبيه بري. صحيح أن الدكتور جعجع أو القوات اللبنانية غير موجودة على طاولة الحوار التي ستعقد في اغسطس المقبل، لكن الدكتور جعجع والرئيس بري وسعد الحريري وأنا نحاول أن نصل إلى صيغة توافقية لبنانية، لكن برأيي المعادلة الإقليمية أقوى.

هل تحاولون تسويق إسم الجنرال ميشال عون لدى سعد الحريري؟

شخصياً موقفي هو الآتي: بما أن القوّتين المسيحيتين إتفقتا على العماد عون فلا مانع. أما ما هو موقف سعد الحريري؟ فلست أدري.

هل يعني هذا أن موضوع ترشيح سليمان فرنجية قد سقط؟

لم أقل سقط، بل أعود وأذكر بأن هناك جغرافيا سياسية تتحكم بالقرار اللبناني اليوم مع الأسف.

هناك من يسأل أي ديمقراطية نعيشها في لبنان، بالوقت الذي تعطل فيه جلسات البرلمان ويصبح خيار إنتخاب رئيس محصوراً بإسم واحد فقط، إما أن تنزلوا لإنتخاب هذا المرشح أو بلا رئيس أفضل؟

لا أوافق على هذه النظرية، وتبقى الديمقراطية اللبنانية حيّة في الصحافة والمجتمع اللبناني في حب الحياة، وفي المهرجانات، وفي عشوائية العيش وفي الإقتصاد. يبقى اللبناني يحب الحرية أولاً، وإذا قارنّا النظام السياسي في لبنان مع النظام السياسي في أميركا. مسكين الرئيس الأميركي لا يستطيع أن يمرر قانونًا نتيجة العقبات في الكونغرس.

أيهما أفضل بالنسبة إلى حزب الله، عون أم الشغور الرئاسي؟

حزب الله جزء من منظومة سياسية عسكرية هي سوريا وإيران، وقلت إنهم ينتظرون اللحظة المناسبة لمصالحهم، وأنا لست هنا لأدخل في إستعراض مصالح حزب الله وسوريا وإيران كي يمرروا أو يفرجوا عن رئيس.

حظيت زيارتكم إلى البطريرك بإهتمام كبير شأنها شأن باقي اللقاءات التي تقومون بها، هل لدى البطريرك أي حلول للموضوع الرئاسي؟

كانت الزيارة محصورة بموضوع محدد. طلبت من البطريرك أن يزور المختارة لمباركة نهاية أعمال ترميم الكنيسة التي تخص عائلة آل الخازن، والتي بناها أحد الأجداد، الشيخ بشير جنبلاط، في القرن التاسع عشر، وإتفقنا على الزيارة المقبلة في 6 اغسطس من الشهر المقبل، وطبعاً أتينا على الموضوع العام اللبناني الرئاسي والإقليمي.

النفط والرئاسة وقانون الإنتخابات

إلى أي حد يرتبط موضوع النفط بالملف الرئاسي وقانون الإنتخابات، وبالنسبة إلى الأخير هل سنذهب إلى قانون الستين بحال تعذر التوافق على قانون جديد؟

موضوع النفط يرتبط بالمصالح الصغيرة اللبنانية، وقد أنشأنا هيئة ناظمة وهذا ليس كافيًا. النفط ذخيرة مستقبلية للأجيال القادمة فلا يمكن أن يبقى راكدًا في المصالح السياسية، حيث أن الوزارة في الوقت الحاضر أكبر من الهيئة التي تعتبر هيئة إستشارية وهذا لا يجوز. هذا النفط هو موضوع إستراتيجي يجب أن تكون هناك هيئة مستقلة تديره وتنشىء حسابًا للأجيال المقبلة، ولا أؤيّد ربطه بالموضوع الرئاسي، أما بالنسبة لقانون الإنتخابات فما زلنا في قانون الستين، ولم نخرج منه لأننا لم نتفق على قانون جديد.

ألا تتعارض مخاوفك من تعرض لبنان لخضات أمنية مع الكلام الذي يقول إن الدول العربية والدولية متفقة على تحييد لبنان عن الصراعات؟

في الوقت الحاضر علينا أن نوجه التحية للأجهزة الأمنية اللبنانية التي تقوم بعمل جبار في حماية لبنان من الارهاب من حين لآخر. في الأمس القريب، جرت عملية إرهابية في القاع، ولكن بالصدفة أخطأ المهاجمون الهدف وكشفوا أنفسهم. ونجحنا في إستئصالهم. ليس هناك من إتفاق دولي بل تلاقي مصالح حول لبنان، لأننا نحارب الإرهاب في لبنان. والأجهزة الأمنية اللبنانية تلتقي مع الأجهزة العربية والدولية في محاربة الإرهاب، وهذا ممتاز.

هل لديك مخاوف/معلومات عن عمليات إرهابية قد تستهدف لبنان على غرار ما حصل في القاع؟

علينا أن نتوقع كل شيء. لذلك علينا أن ندعم الأجهزة الأمنية. فهذه الأجهزة عملها فعّال والتنسيق بينها ممتاز.

في ظل هذه الاوضاع، هل هناك ضرورة للتمديد لقائد الجيش؟

هذا شأن تقرره الحكومة. لن أدخل في التفاصيل.

العقوبات المالية 

كان لكم موقف من العقوبات المالية على حزب الله. حكي عن قيام شخصيات لبنانية بلعب دور في هذا الموضوع، هل هذا صحيح؟

سمعت فقط أن حاكم المصرف المركزي إستطاع أن يميّز أو يضع قواعد على العقوبات المفروضة على حزب الله، وبين المواطنين والمؤسسات التي لا علاقة لها بحزب الله، ولا نريد أن نظلم تلك الشريحة ولا يجوز.

هناك من لوح بـ7 أيار جديد للرد على هذه العقوبات، هل يتحمل لبنان بظل الأوضاع الحالية مثل هذه الخضات؟

كلها أخبار صحف وتنظيرات.

هل هناك رابط بين تصريحاتك بهذا الخصوص والكلام الذي أثير عن عدم إعطائك تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة الأميركية؟

خبر أنني لم أُعْطَ تأشيرة هو غير صحيح، وقد أوردته محطة مرموقة، ولكن هذه المحطة المرموقة اللبنانية أو غير اللبنانية تحب أن تقدم هذا النوع من الأخبار. عندما أقرر برنامجي النهائي لزيارتي إلى الولايات المتحدة فالتأشيرة موجودة.

مخاوف وتحذيرات 

ساندتم الثورة السورية منذ إنطلاقتها وكانت لكم مواقف عنيفة ضد النظام. بعد خمس سنوات هل تعتقد أن سوريا التي عرفناها ذاهبة إلى غير رجعة؟

نعم ذهبت ودمرت نتيجة التقصير الغربي الفادح في مساعدة الثورة والشعب السوري، نتيجة السماح لبعض الدول الإقليمية والعربية دخول عناصر غير سورية إذا صح التعبير جهادية اليوم تستفحل في الإرهاب في سوريا، ونتيجة أيضًا عدم إعطاء الثورة السورية السلاح المضاد للطائرات لإضعاف النظام والتسوية لاحقًا للوصول إلى حل سياسي. نعم هناك عدة عوامل سمحت لهذا النظام أن يستمر وسمحت للإرهاب أن يستفحل.

ما مدى تأثير سوريا مقسمة إلى كيانات على لبنان؟

الذي قال في الماضي إن سوريا هي قلب العروبة النابض لم يخطىء. سوريا هي في الأساس في كل معادلة الشرق العربي سوريا قلب الشرق العربي نعم سوريا أساس، وإذا دخلت في التقسيم هناك خطر على كل الشرق العربي وليس فقط على لبنان.

أيعقل أن تنظيماً كـ"داعش" تقاتله أميركا وروسيا ودول أوروبية وعربية، قادر على شن هجمات في عدة دول أوروبية ويسيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق؟

نعم يعقل، لسبب بسيط. لأن السلاح الأفتك والأمضى عند داعش ليس فقط القنابل والرشاشات أو المدافع هو سلاح التواصل الإجتماعي والتواصل الفكري عبر الإنترنت، لذلك لا بد لحركة تصحيحية في الإسلام، ولا بد من العودة إلى أيام عصر النهضة أيام هارون الرشيد أيام المأمون والأندلس، هناك إسلام وهنا إسلام؟

هل تعتقد أن الدول العربية لا تزال قادرة على لعب دور في إطفاء الحريق السوري، أم أنها أثبتت عجزها منذ إرسال الجامعة للمراقبين العرب؟

تستطيع، لكنّ هناك، بكل صراحة، خلافاً إستراتيجياً يلحق الضرر بالمصالح العربية والسورية، هو الخلاف الإيراني- العربي، أنا مع التقارب الإيراني العربي الذي هو مكلف كثيراً من اليمن إلى سوريا إلى لبنان إلى غيرها من المناطق على قاعدة الحل السياسي في سوريا، ولكن مع إبعاد بشار الأسد. للوصول إلى الحل السياسي في سوريا يجب الحفاظ على المؤسسات وإبعاد رموز النظام الذين استفحلوا في القتل والإجرام وعلى رأسهم الرئيس السوري، وذلك كما قال نبيل العربي والأخضر الإبراهيمي.

الإنقلاب في تركيا

في تركيا هل حدث إنقلاب أم مسرحية إنقلابية؟ وما تعليقكم على التوقيفات أو التداعيات التي حصلت؟

فلنقل إنه إنقلاب، لأننا نقرأ تحليلات غريبة عجيبة. حتى ولو كان إنقلابًا فهذا لا يبرر هذه الحملة من الإستئصالات الهائلة والاعتقالات في الجيش والقضاء. لست أفهم ما علاقة القضاء في الإنقلاب، وهنا أحذر من الوصول إلى أحكام الاعدام، لأن هذا سيعيد تركيا إلى الماضي القديم، كما يذكرنا بأيام المؤامرات التي كانت تقوم أيام الحكم العثماني في الحرم العثماني في توب كابي topkapi، وما أدراك ما الضرر الذي سببته على تركيا الحديثة. لا يمكن الدخول في هذا النهج التسلطي، الذي كان قد إبتدأ قبل الإنقلاب ضد شريحة معينة من الصحافيين القضاة وغيرهم.