يُقدّر العلماء أن المادة الداكنة تشكل 80 في المئة من كتلة الكون، ولكن اكتشافها يطرح عليهم تحديًا لم يتمكنوا من الانتصار عليه حتى الآن.

لندن: اضطر فريق دولي من العلماء الى إطفاء جهازهم ذي الحساسية الفائقة الذي كلف بناؤه نحو 10 ملايين دولار بعد أن فشل في التقاط أي اشارة الى أكثر المواد غموضاً في الكون.

ورغم تمكن العلماء من سبر "مناطق في الكون غير مكتشفة من قبل" فإنهم عادوا يهرشون رؤوسهم حائرين إزاء المقاومة العنيدة لهذه المادة ورفضها الكشف عن وجودها ولو بأبسط المظاهر وأدقها. 

وقال الدكتور تشام عضو الفريق الدولي من كلية لندن الجامعية "إن اشارة ايجابية واحدة كانت ستلقى ترحيباً حاراً ولكن الطبيعة ظنَّت علينا بها".

ويعتقد العلماء بحتمية وجود كميات هائلة من المادة الداكنة بسبب طريقة الجاذبية في التأثير على دوران المجرات وتسببها بانحناء الضوء اثناء سيره في الفضاء.

دور حاسم

ورغم ان المادة الداكنة تقوم بدور حاسم في ترابط الكون وتحديد شكله فانها لا تُرى بالتلسكوبات أو أجهزة الرصد التقليدية. 

وللعثور على المادة الداكنة صمم العلماء "كاشف الزينون الكبير تحت الأرض" أو لوكس ليعمل بأجهزة فائقة الحساسية على عمق 1600 متر تحت الأرض في جوف منجم ذهب سابق في ولاية ساوث داكوتا الاميركية. وبوضع الكاشف في خزان يحوي 72 الف غالون من الماء ذي الدرجة العالية من النقاء كان العلماء يأملون بالتقاط ومضات طفيفة من الضوء الذي ينبعث حين تصطدم جسيمات المادة الداكنة بذرات عنصر الزينون. 

ولكن النتائج التي تحققت من الجولة الأخيرة لتجربة الكاشف، التي استمرت 20 شهراً وانتهت مؤخرًا، لم تتوصل الى ما يدل على وجود هذه الجسيمات الشبحية. 

وكان كاشف الزينون الكبير يبحث عن جسيمات ضخمة ضعيفة التفاعل يُعتقد انها أفضل تعبير نظري عن وجود المادة الداكنة.

وبحسب نظرية الجسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل فان مليارات من جسيمات المادة الداكنة تخترقنا كل ثانية دون ان نلاحظها.

ورغم عدم تكلل التجربة الأخيرة بالنجاح، فان العلماء يخططون لتصميم كاشف تزيد حساسيته 70 مرة على حساسية "لوكس" بأمل ان يتمكن من العثور على الجسيمات.

أفضل حساسية

وقال كبير الباحثين في تجربة "لوكس" البروفيسور ريك غيتسكل من جامعة براون الاميركية "ان كاشف الزينون الكبير تحت الأرض وفر أفضل حساسية بحثية في العالم منذ الجولة الأولى لعمله في سنة 2013. وبهذه النتيجة النهائية للأبحاث الممتدة من 2014 الى 2016 أوصل العلماء المتعاونون في تجربة لوكس حساسية الأجهزة الى مستوى أقصى من الأداء يزيد اربع مرات على اهداف المشروع الأصلية".

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن غيتسكل قوله: "سيكون عملا رائعاً لو ان الحساسية المحسَّنة اسفرت عن اشارة واضحة الى وجود المادة الداكنة. ولكن ما لاحظناه يتوافق مع الخلفية وحدها". 

وأُعلن نبأ عدم العثور على أثر للمادة الداكنة بالتجربة الجديدة التي اجراها كاشف الزينون الكبير تحت الأرض في ملتقى دولي للعلماء المختصين بالمادة الداكنة تستمر اعماله من 18 الى 22 يوليو 2016 في مدينة شفيلد شمال انكلترا.

وقال سايمون فيوروكي، عالم الفيزياء من مختبر جامعة باركلي ومدير التعاون العلمي للتجربة: "اننا عملنا بمثابرة وبقينا يقظين طيلة أكثر من عام ونصف العام لإبقاء الكاشف مستمرا بالعمل في ظروف مثلى وزمن مفيد الى أقصى الحدود لجمع البيانات. وجاءت النتيجة ببيانات لا لبس فيها نستطيع ان نفخر بها وهي نتيجة تحققت في اوانها في هذا المجال العلمي الذي يتسم بحدة المنافسة حتى إذا لم تكن الاكتشاف الايجابي الذي كنا نتطلع اليه". 

ويقول علماء إن اكتشاف المادة الداكنة سيكون أهم من اكتشاف موجات الجاذبية.

ومن المقرر ان تحل محل تجربة الزينون الكبير تحت الأرض أو "لوكس" تجربة جديدة باسم لوكس زيبلن ستُجرى بكاشف اكبر يستخدم 10 أطنان من الزينون السائل.

أعدت إيلاف المادة عن صحيفة ديلي تلغراف عبر هذا الرابط: 

http://www.telegraph.co.uk/science/2016/07/21/dark-matter-more-elusive-than-ever-as-scientists-admit-detector/