في هذا الموقف أخرجت سيدة سورية رأسها من خيمتها، في مخيم الرقبان المؤقت المقام في منطقة عازلة نائية (أرض حرام بالمصطلح العسكري بين اطراف متقاتلة) قرب من الحدود الأردنية السورية، وتمتمت قائلة "أرجوك يا ألهي، ألا تلتفت لأولئك البشر".

وفي وقت لاحق من تلك الليلة وعندما كنت أتحدث إلى علي، لاجئ آخر بالمخيم منذ ما يقرب من شهرين تقريبا، اشتدت حدة الرياح لتقتلع خيمته ولتطيرفي الهواء مثل طائر حلق فجأة.

ويقول علي "طقس الصحراء يعني اننا نواجه هبوب عواصف رملية طوال الوقت، وأحيانا تتسبب في دمار هائل وتلحق أضرارا بالخيام".

وأضاف "إنها مغبرة، ودرجة الحرارة الان مرتفعة جدا، حتى في الليل. ويعاني الناس من العطش. إن الوضع صعب جدا. نعاني نقص المياه والغذاء ولا توجد رعاية طبية".

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 85 ألف شخص تقطعت بهم السبل في مخيمي الرقبان، بالقرب من نقطة التقاء الحدود العراقية والسورية والأردنية، وفي مخيم الحدلات الذي يبعد 80 كيلومتر إلى الغرب منه.

أوضاع متدهورة

لم يتمكن الصحفيون من الدخول إلى المنطقة المعروفة بالساتر الرملي (بسبب المرتفعات الرملية القريبة)، وطوال أشهر لم يتمكن عمال الإغاثة من الوصول إليها.

وأعلن الأردن حدوده الشمالية والغربية منطقة عسكرية مغلقة، في أعقاب تفجير انتحاري على مركز للجيش تسبب في مقتل سبعة جنود، بالقرب من الرقبان في 21 يونيو/ حزيران.

وأعلن التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم "الدولة الاسلامية" مسؤوليته عن الهجوم.

وفي هذا الوقت خرج مسؤولون أردنيون ليصفوا الهجوم بأنه "دليل واضح" على أن عناصر تنظيم الدولة كانوا مختبئين بين حشود الناس المتجمعين على الحدود الأردنية.

الطقس القاسي وهبوب الرياح والغبار يزيد معاناة اللاجئين&السوريين

وقال وزير الإعلام الأردني، محمد المومني، لبي بي سي :"الأردنيون غاضبون اليوم مما حدث، وتهدف هذه المحاولة إلى تقويض أمننا واستقرارنا".

وأضاف : "نقف اقوياء في حربنا ضد الإرهاب ونأمل من العالم أن يتفهم قراراتنا السيادية وأن يدعم الأردن".

أصبحت إمدادات المياه للاجئين محدودة جدا خلال الأسابيع الماضية، وتوقف توزيع الحصص الغذائية والأدوية.

ويشكو سكان المخيم، وبينهم أطفال وكبار في السن، من تفشي الأمراض نظرا لتردي الأوضاع الصحية وعدم وجود دورات مياه أو أنظمة صرف صحي.

وقالوا إن هذه الأوضاع أدت لحدوث بعض الوفيات.

وفي ظل تدهور الأوضاع بصورة مستمرة، تتفاوض بعض منظمات الإغاثة مع السلطات الأردنية للسماح لها بتنفيذ عمليات إغاثة طارئة.

"فشل دولي"

ينص القانون الدولي على ضرورة توفير الحماية ومنح اللجوء لهؤلاء الذين يفرون من الحروب.

وحتى الان تجد المنظمات الإنسانية نفسها غير قادرة على الضغط على الأردن ليعيد فتح حدوده مع سوريا.

إذ لا يمكنها الاعتراض على المخاوف الأمنية الأردنية، وأصبحت في موقف حرج بسبب رفض العديد من الدول الغربية استقبال هؤلاء الفارين من مناطق الصراعات.

ويستضيف الأردن حاليا أكثر من 650 ألف لاجئ سوري مسجل.

الأردن أغلق الحدود وأعلنها منطقة عسكرية عقب هجوم انتحاري&على مركز للجيش بالقرب من مخيم الرقبان

وأطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نداء للمجتمع الدولي لتقديم المساعدة لهؤلاء العالقين في الصحراء، هذا الأسبوع.

وقال روبرت مارديني، المدير الإقليمي للجنة :"لا يتعلق الأمر بالأردن فقط. تعكس الأزمة فشلا دوليا في حماية ومساعدة المتضررين ومن هم في حاجة ماسة للمساعدة".

وحثت منظمة أطباء بلاحدود، الطبية الخيرية، السلطات الأردنية على السماح لها بإخلاء السوريين المصابين بشدة جراء القتال.

وأعرب برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، عن أمله في ترتيب إيصال مساعدات غذائية تكفي لمدة شهر خلال الأيام المقبلة.

وقالت شذى المغربي، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي :"تلقينا حاليا ضوءا أخضر من الحكومة الأردنية لتوزيع المساعدات، لكننا لم نعرف تاريخا محددا لتنفيذ المهمة حتى الآن".

وأضافت "نأمل أنها ستكون فرصة لكسب بعض الوقت والنظر في حلول دائمة وطويلة المدى".

التماس الإمدادات

وأعلنت مجموعة سورية معارضة تمثل قوات قبلية عن تشكيل مجلس تنسيق خارجي لعشائر تدمر ومنطقة البادية للإشراف على شؤون اللاجئين في المخيم.

ويأتي غالبية سكان المخيم من المنطقة، التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة قبل أن تستعيدها قوات النظام السوري مدعومة من روسيا، في مارس/ آذار الماضي.

ويقول المجلس إن ثمة طبيبا واحدا وممرضات ومهندسين ومدرسين بين هؤلاء المتواجدين الآن في الرقبان.

ويقول عمر البنيه، المتحدث باسم هذا المجلس من تركيا :"نطلب من العالم تقديم المساعدات الأساسية فقط. ويمكننا حتى إقامة عيادة طوارئ خاصة بنا، لا نطلب توطين هؤلاء الناس في أوروبا أو الدخول إلى الأردن".

وبالعودة إلى موضع خيمته، يقوم على بإزالة طبقات الغبار عن ممتلكاته القليلة.

وأخبرني "نحتاج فقط إلى ما يديم قوتنا حتى يمكننا العودة إلى قرانا، وبدون ذلك، فإن المستقبل يبدو قاتما".