تعترف رشا حفظي، أول امرأة سعودية في مجلس بلدي، أن الثقة بأعضاء المجالس البلدية مفقودة، وأن البلاد تعاني ضعفًا في الثقافة الانتخابية، لكنها جادة في تحقيق شعار "بدأنا وسنواصل" كي تلبّي ما يريده ناخبوها في جدة.
&
إيلاف من جدة: سيدة أعمال، وشريك مؤسس في شركة معاد للاستشارات التنموية القائمة على تطوير الأفكار والمبادرات الاجتماعية والتطويرية. أسّست شركة ماركت لنكس المتخصصة في تسويق الفعاليات والمؤتمرات وإعدادها.

إنها سيدة الأعمال السعودية رشا حفظي، أول امرأة سعودية تفوز بمقعد في المجلس البلدي في محافظة جدة، ثاني أكبر المدن السعودية. من أبرز اهتماماتها الشأن العام والريادة الاجتماعية ومبادرات المجتمع المدني وتطوير الأحياء ذات الدخل المنخفض ومشاركة الشباب والمرأة في صنع القرار، ولها العديد من المشاركات على المستوى المحلي والعربي والدولي.

في حوار مع "إيلاف" في شأن الانتخابات البلدية النسائية السعودية والقفزة التي حققتها المرأة في دخول المعترك السياسي والاقتصادي والاجتماعي السعودي، قالت إن التفاعل مع المجلس البلدي ضعيف من كل فئات المجتمع، "ليس من المرأة وحدها، لأسباب منها ضعف الثقافة الانتخابية عند المواطنين، وفقدان الثقة في العمل الانتخابي، خصوصًا بعد تجربتي المجلس البلدي الاولى&والثانية، وإشكالية فهم أهمية المشاركة الوطنية في العلم التنموي، وضيق وقت الانتخابات ووقت التسجيل، وضعف التوعية".

تضيف: "لم أرفع مستوى توقعاتي، ولم أقطع وعودًا انتخابية، بل وضعت خطة عملي لنفسي كمرشحة، ووعدت بالمتابعة في الملفات والقضايا، لكن لم أعد بتنفيذ أي مشروعات".
&
في ما يأتي نص الحوار:

دخلت المرأة السعودية أخيرًا الحراك في وجوهه السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلها، وأنت إحدى اللواتي أردن تحريك المياه الراكدة بخوضها انتخابات المجلس البلدي في نسخته الأولى. كيف أتتك الجرأة لدخول هذا المعترك، خصوصًا أن العديد من الأحياء الجداوية يحتاج قرارات فاعلة وحاسمة وسريعة؟

المسألة بالنسبة إليّ لم تكن خوض الانتخابات بقدر ما كانت استكمال العمل التنموي الذي أقوم به منذ سنوات. شاركت مع المجالس السابقة في مشاركات المواطنين والمواطنات، بشكل فردي أو من خلال المجموعات المدنية، التي كنت عضوًا مؤسسًا فيها، مثل مجموعة بلدي أو مجموعة شباب جدة. السبب الآخر لدخولي المجلس البلدي هو معرفتي قضايا جدة الحيوية والتنموية وعلاقاتي الجيدة مع السكان في مختلف الأحياء والمناطق.


هل هي جرأة حسبت خطواتها... أم تحدٍّ لواقع المجتمع العربي بصفة عامة، والسعودي خاصة بذكوريته المسيطرة لتتولى المرأة زمام الأمور وتحدث تغييراً حقيقياً؟&

لا أعدّها إلا خطوة جديدة ومهمة في مشوار العمل التنموي، سواءً على المستوى الشخصي أو على المستوى الوطني.
&
ليست الأولى
لم تكن الانتخابات البلدية الأولى التي تخوضها المرأة السعودية. سبقتها انتخابات الغرفة التجارية ومجلس الشورى وجمعية المستهلك وغيرها. لماذا شهدت الانتخابات البلدية هذه الضجة الإعلامية؟

لأن المجلس واجهة الدولة التنموية الذي يعبر عن صوت المواطن فيها. أردد دائمًا مقولة الدكتور طارق فدعق (سقطت القدس في اليوم الذي تم تسليم مفتاح المجلس البلدي فيها). كما يناقش المجلس البلدي قضايا عامة وشمولية أعم من القضايا المتخصصة التي تناقشها المجالس الأخرى، إضافة إلى أن عمل البلديات عالميًا يهتم بالشأن العام بشكل أوسع وأشمل من عمل البلديات محليًا.

هل تطورت ثقافة الانتخاب في جدة أكثر من باقي المدن؟
محتمل، وأعتقد أن الحراك ليس فقط في ما يخص قضايا المرأة، وإنما ما يخص قضايا الشباب أيضًا.
&
إذا قلنا تغيّرت الصورة النمطية للمرأة السعودية. لماذا لم نشهد تفاعلًا من السيدات في الفترة الانتخابية، كناخبات أو مرشحات؟

كان التفاعل ضعيفًا من كل فئات المجتمع، ليس من المرأة وحدها، لأسباب منها: ضعف الثقافة الانتخابية عند المواطنين، وفقدان الثقة في العمل الانتخابي، خصوصًا بعد تجربتي المجلس البلدي الأولى والثانية، وإشكالية فهم أهمية المشاركة الوطنية في العلم التنموي، وضيق وقت الانتخابات ووقت التسجيل، وضعف التوعية. بالنسبة إلى المرأة السعودية، وإضافة إلى الأسباب السابقة، ثمة أسباب أخرى، مثل صعوبة إجراءات التسجيل للناخبات، وضيق وقت التسجيل للناخبات، وعدم وجود وعي بالمجلس البلدي ودوره وأهمية مشاركة المرأة فيه، وعدم فهم النتائج المهمة لمشاركة المرأة في المجالس البلدية.
&
"بدأنا وسنواصل"
ذكرت أن قرار الترشح لم يكن شخصيًا بحتًا. كيف؟
كان القرار نتيجة حتمية وخطوة مرحلية في تدرج العمل التنموي الذي شاركت فيه خلال السنوات السابقة مع عدد من العاملين في المجال التنموي المحلي. وعليه، كان قرار المشاركة بالإجماع لتمثيل قضاياهم في المجلس، وإيصال صوتهم، لا لتمثيل شخصي فقط.
&
هل كان سهلًا أن تكوني في المجلس البلدي، خصوصًا أنك ضمن العاملين فيه ولو بشكل تطوعي؟&
أبدًا. لم يكن سهلًا. بدءًا من الحملة الانتخابية وإدارتها وإقناع المجتمع والناخبين، حتى جلوسي في المجلس والعمل فيه أن الأمر ليس سهلًا أبدًا.
&
ليس العمل الخدماتي والاجتماعي والتطوير الاداري غريبًا على رشا حفظي. كيف انعكس ذلك على خططها كعضو في المجلس البلدي؟ وما أهم الملفات المطروحة على طاولة حفظي الآن لمناقشتها والبتّ فيها؟ وما هي أصعب الملفات؟

من خلال عملي وعلمي بدور عضو المجلس البلدي، لم أرفع مستوى توقعاتي، ولم أقطع وعودًا انتخابية، بل وضعت خطة عملي لنفسي كمرشحة، ووعدت بالمتابعة في الملفات والقضايا، لكن لم أعد بتنفيذ أي مشروعات. أهم الملفات المطروحة هي: ملف جدة، ويشمل التخطيط الاستراتيجي للمدينة ومشاركة المجتمع المدني، وملف الدائرة الثانية، مبادرة أعيان الحي، وملف التواصل في المجلس، وملف 940، وملف حوكمة المجلس، وتم الانتهاء من الخطة الاستراتيجية للمجلس، وجارٍ العمل على أخذ آراء المواطنين وتطلعاتهم.
&
"بدأنا وسنواصل". ماذا يمثل هذا الشعار بالنسبة إليك؟ هل تعتبرينه نقطة بداية أم مشواراً اخترته لتكوني ملهمة جيل آتٍ؟
هذا شعار يمثل هويتي ومعرفة من أنا، و"استخلافي" في الأرض من الله عز وجل. والشعار بصيغة الجمع، لأني لا أمثل نفسي، لكنني أمثل المواطنين والمبادرين، الذين عملت وما زالت أعمل معهم للتنمية المحلية. ليس بداية، فنحن في منتصف الطريق، وسنواصل حتى نصل.
&
لكل مجتهد نصيب
مدينة جدة ثاني أكبر المدن السعودية والأكثر تفاعلًا سكانيًا واتساعًا وتعددًا في الأعراق. هي بوابة الحرمين الشريفين ومحط أنظار العالم. ألا تجدينها مهمة صعبة تولي ملفات شائكة في هذه المدينة؟

صعبة نعم، لكنها ممكنة. الأهم بنظري هو التدرج في العمل، والبدء بتحقيق الإنجازات حتى لو بسيطة لزرع الثقة والأمل. أود الإشارة إلى أن أعضاء المجلس البلدي لا يستطيعون العمل وحدهم بمعزل عن المواطنين. فمشاركة المواطن هي قوة دافعة في سبيل تحقيق المطالب، خصوصًا أن العضو المنتخب يمثل المواطنين ويلبي مطالبهم.
&
بدأ كثيرون يفقدون الثقة بأعضاء المجالس البلدية، إذ لم يلمسوا أي تغيير حقيقي في عملهم. كيف ستعملين على كسب ثقة المواطن الذي ملّ من الشعارات وينتظر حقائق على أرض الواقع؟

تأتي الثقة بالعمل الجاد وإشراك المواطن، وعدم قطع وعود كاذبة، والبدء بحل القضايا الأسهل فالأصعب. المشاكل كبيرة نعم، لكن تحتاج إلى العمل والعمل والعمل، ولكل مجتهد نصيب.
&
أنت مشاركة فاعلة في دورات تنموية وتدريبية كثيرة. ماذا عن هذا الشق من العمل؟، وكيف توازنين بينه وبين مهام عملك في المجلس البلدي وعملك الخاص؟

من الصعب جدًا تلبية كل الالتزامات، العملية أو التنموية، لكن المهم وجود فرق عمل داعمة تدعمنا، وموظفين أكفاء مخلصين يتمتعون بالحس الوطني، والأهم استغلال الوقت في العمل بصمت وعدم تضييع الوقت في تكرار طرح غير عملي لا يفيد.
&
هل عينك على مجلس الشورى؟
أركز الآن على تحقيق ما أنتخبني أهل جدة من أجله. في المستقبل، لكل حادث حديث.
&
أين تجد رشا حفظي نفسها؟ وما الخطط التي تعمل عليها؟&
إضافة إلى المجلس البلدي، عندي أعمالي الخاصة: مكتب استشارات تنموية وشركة فعاليات. في المستقبل، أرى نفسي قد حققت أنموذجًا في العمل التنموي المحلي، وأرى أن تكون دراسات الحالة التي طورتها سواء في المجلس البلدي أو في شركة "معاد" نماذج للعمل التنموي المحلي.&
&