دمشق: خرجت "عشرات العائلات" السبت من احياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة المعارضة عبر الممرات "الانسانية" التي فتحها النظام السوري بين شطري مدينة حلب بعد اسابيع من فرض حصار مطبق عليها.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان من جهته عن خروج عدد من المدنيين السبت من الاحياء الشرقية عبر ممر في حي صلاح الدين للانتقال الى الاحياء التي يسيطر عليها النظام، دون ان يحدد عددهم.

واوردت وكالة الانباء الرسمية (سانا) من جهتها، "ان عشرات العائلات خرجت صباح اليوم عبر الممرات التي حددت (...) لخروج الاهالي المحاصرين من قبل المجموعات الارهابية في الاحياء الشرقية ووصلت الى حي صلاح الدين".

واضافت الوكالة "قام عناصر الجيش باستقبالهم ونقلهم بالتعاون مع الجهات المعنية عبر حافلات نقل الى مراكز الاقامة المؤقتة".
كما اشارت الوكالة الى "وصول عدد من النساء ممن تزيد أعمارهن على 40 عاما من أحياء حلب الشرقية الى حي صلاح الدين".

ونشرت الوكالة صورا تظهر نساء في معاطف سوداء يمشين في صف بصحبة اطفال او يصعدن في حافلة. وبثت قناة الاخبارية السورية صورا لعدد من النساء والاطفال يعبرون طريقا تحيط به ابنية مهدمة.

وافادت الوكالة ايضا ان مسلحين من احياء حلب الشرقية سلموا انفسهم واسلحتهم صباح السبت للقوات السورية في حي صلاح الدين، من دون ان تشير الى عددهم. وتشهد مدينة حلب منذ صيف العام 2012 معارك مستمرة وتبادلا للقصف بين الفصائل المقاتلة التي تسيطر على الاحياء الشرقية وقوات النظام التي تسيطر على الاحياء الغربية.

وبعد اسابيع من الغارات والحصار فتحت السلطات السورية معابر لتشجيع المدنيين والمقاتلين الراغبين في القاء السلاح على الخروج من القسم الخاضع لسيطرة المعارضة في حلب، بهدف استعادة السيطرة على ثاني اكبر مدن سوريا.

ويرى محللون ان خسارة الفصائل المقاتلة مدينة حلب ستشكل ضربة كبيرة لها وتحولا في مسار الحرب التي اودت منذ منتصف مارس بحياة اكثر من 280 الف شخص وبتدمير هائل في البنى التحتية.

وضع في طريق مسدود
ويسعى النظام من خلال فتح هذه الممرات الانسانية الى اخلاء الاحياء الشرقية البالغ عدد سكانها حوالى 250 الف نسمة، في سياق المعارك التي تخوضها قواته لاستعادة هذه المناطق من الفصائل المقاتلة التي تسيطر عليها منذ 2012، والسيطرة بالكامل بالتالي على ثاني اكبر مدن سوريا.

وكانت موسكو، حليفة النظام الابرز والتي تساعده عسكريا، اول من اعلن عن فتح هذه الممرات وقدمها على انها لهدف "انساني" وهو ما تشكك فيه المعارضة ومحللون. ويقول ابو محمد (50 عام) وهو اب لاربعة اولاد "اريد الخروج ولكنني لا ارغب بالتوجه الى المناطق التي يسيطر عليها النظام" معربا عن خوفه "من ان يقتادوا ابني البالغ من العمر17 عاما لاداء الخدمة الالزامية والقتال على الجبهة". وقال ابو محمد "ان الوضع الانساني يزداد سوءا ونجد صعوبة بالحصول على الغذاء".

ارحلوا او موتوا جوعا
ورحبت الامم المتحدة بقتح الممرات كما عرضت الاشراف عليها. الا ان الولايات المتحدة ابدت الجمعة تشكيكا كبيرا فيها ووصل الامر بوزير خارجيتها جون كيري الى حد التخوف من ان تكون هناك "خدعة" روسية وراءها. كما شككت المعارضة بنوايا النظام وحليفه الروسي.

وقال عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد رمضان لفرانس برس "ليس هناك اي ممرات في حلب توصف بممرات انسانية، فالممرات التي تحدث عنها الروس يسميها اهالي حلب بممرات الموت".

ونددت المعارضة بسمة قضماني بـ"رسالة وحشية لشعبنا: اما ان ترحلوا او تموتون من الجوع". ويستخدم النظام السوري سياسة الحصار لتجويع المناطق الخارجة عن سيطرته واخضاعها، بهدف دفع مقاتليها الى تسليم سلاحهم.

ويشن سلاح الجو السوري غارات مكثفة على مواقع في منطقتي الشقيف وضهرة عبد ربه الواقعتين في شمال مدينة حلب، بهدف تشديد الحصار اكثر على الاحياء الشرقية، بحسب المرصد.

كما يسعى النظام بذلك الى عرقلة اي محاولة يقوم بها المقاتلون من اجل ارسال تعزيزات او شن هجوم مضاد لفك الحصار على الاحياء الشرقية.