لاقى ترحيب الهيئة العليا للمفاوضات بفك ارتباط النصرة عن القاعدة انتقادا شديدا من أوساط معارضين سوريين كون الهيئة ليس حزبا سياسيا أو تيارا، وهي بذلك الترحيب خرجت عن دورها الأساسي المنوط& بها في التفاوض مع النظام السوري في جنيف.

بهية مارديني: رحبت الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية بإعلان جبهة النصرة فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، وتشكيل جسم جديد لا يرتبط بجهات خارجية، وكان قد أعلن قائد جبهة النصرة أبو محمد الجولاني الخميس الماضي فكّ ارتباطه بتنظيم القاعدة، معلناً انطلاق التنظيم الجديد جبهة فتح الشام، وقال بيان للهيئة العليا للمفاوضات تلقت " ايلاف" نسخة منه "أن إعلان زعيم جبهة النصرة فك ارتباطه بالقاعدة وتشكيل جسم جديد لا يرتبط بجهة خارجية يمثل خطوة مرحباً بها."

واعتبرت" أن هذه الخطوة تحتاج إلى اتباعها بخطوات أخرى لتصحيح أخطاء الفترة الماضية، وتحقيق الاندماج مع المشروع الوطني الحقيقي الذي يجمع كل السوريين تحت راية واحدة، تنتقل بالبلاد إلى مرحلة خالية من الاستبداد والظلم”، وأكدت الهيئة "أن الشعب السوري لن يرضى إلا أن تكون سوريا المستقبل دولة الحرية والعدالة والمساواة، والتي توفر الأمن والاستقرار لأبنائها بعيداً عن فكر التطرف والغلو".

ولاقى هذا الترحيب انتقادا شديدا حتى من داخل الهيئة نفسها ومن بعض أعضائها، حيث قال معارض سوري، طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لايلاف:& “أنه ليس مهمة الهيئة تزكية الفصائل العسكرية المعارضة أو التسويق لها أو الترحيب بما تقوم به، وهي خرجت عن دورها الذي يجب أن تقوم به كهيئة مفاوضات في جنيف".

فك الارتباط مع التخلف

واستغرب جهاد مقدسي عضو منصة القاهرة& مرور هذا البيان في الهيئة العليا للمفاوضات بوجود قوى المعارضة الداخلية مثل هيئة التنسيق الوطنية،& وآخرين من الشخصيات المستقلة المحسوبة على منصات تنادي حصراً بالحل السياسي، وحتى بوجود بعض القوى المسلحة غير المؤدلجة التي قتلت النصرة الكثيرين منهم”.

وقال "أنتم بالأصل مجموعة قوى سياسية مهمتها التفاوض ولستم حزباً سياسياً واحداً، فلماذا تخوضون ببيانات لا تفيد لا من قريب و لا من بعيد”، مستطردا:” لا بل أن هكذا نوع من البيانات تضر حتماً قضية التغيير الديمقراطي في سورية وعلاقاتكم مع باقي القوى السياسية، وستزيد الانطباع بأنكم خاضعون لقوى أبعد ما يمكن عن المشروع الوطني و الديمقراطي المنشود في سورية".وحول جبهة النصرة وفك الارتباط أيضا اعتبر زكريا الصقال القيادي المعارض السوري “أنها خاصة من خواص العقل الانتهازي المهزوم البرغماتي الباطني المستلب وبمعنى الضحك على اللحى والعقول ".
وأكد "أننا نريد الجوهر وفك الأرتباط مع التخلف والتسلط ومفهوم الحاكمية، والأهم الاقتناع أن ليس لله وكلاء يفوضهم ظلم وحكم الآخر، لا حزب ولا أمارة ولا خلافة وايضا مجموعة المستبدون، الذين اعتقدوا ان خلع عباءة الاستبداد والأمين العام وحكم الفرد والحزب”، وشدد وهو عضو في المجموعة الديمقراطية في الائتلاف المعارض وعضو أمانة عامة في تيار الغد السوري أن "عليهم أن يعوا أن الديمقراطية هي مفهوم حق الاختلاف دون عنف ويحمى بالقانون والقضاء، أي دولة ضامنة وجامعة لمجموعة مواطنين، يعني نسف كل الهويات المريضة الساكنة للتاريخ".

استنكار وترحيب

بدورها عبرت سميرة المسالمة نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري بطريقة غير مباشرة عن استنكارها لبيان الهيئة العليا للمفاوضات وتساءلت هل "اعترف الجولاني بالثورة السورية؟وهل أقر بمقاصدها المتعلقة بإنهاء نظام الاستبداد مهما كان شكله ولونه؟ وهل أقر بالمخاطر التي عرّض الشعب السوري وثورته لها وضمنها قتال الجيش الحر واعتقال قادة له والتسهيل على داعش؟".
وأضافت "هل انتهى من نهج الاٍرهاب والتكفير والادعاء بالحاكمية؟ وهل هو مع الثورة السورية لسوريا ديمقراطية ومدنية وتعددية تضمن المساواة والحريّة والعدل لمواطنيها؟ وهل يعترف بعلم الثورة السورية وبأطرها وفي المقدمة الائتلاف والهيئة العليا للتفاوض التي أعلنت في بيان لها ترحيبها بما قاله الجولاني واعتبرته خطوة ايجابية تريده أن يستكمل ما بعدها؟".

هذا ورحبت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا بقرار جبهة النصرة و فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، وقالت أن ما قامت به جبهة النصرة، خطوة أولى نحو محلية الثورة وأهدافها.

من جانبهم أعلنت كلا من حركة أحرار الشام الإسلامية، والحزب الإسلامي التركستاني لنصرة أهل الشام، وتجمع أهال العلم في الشام، وتجمع أهل الشام،على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي& مباركتهم لفك ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة، وتشكيل "جبهة فتح الشام" وقطع علاقة الجبهة& مع أي جهة خارجية.

توحيد الكلمة

ودعا بيان لحركة أحرار الشام الإسلامية جبهة فتح الشام وجميع الفصائل الثورية الأخرى إلى المسارعة في خطوات جدية بمشروع جامع يوحد شمل كافة فصائل الثورة في جسم واحد، ويحافظ على مكتسبات الثورة عسكرياً وسياسيا، فيما قال الحزب الإسلامي التركستاني لنصرة أهل الشام أن فك ارتباط النصرة بتنظيم القاعدة وتشكيل كيان جديد وقطع علاقاتها مع أي جهة خارجية، خطوة محمودة، "وما نرى ذلك إلا ليكونوا نواة واحدة تتكاتف عليها الجهود، ويكون في سبيلها توحيد الكلمة ورص الصفوف”، وأشار الى أن أن ذلك حرصاً "على جمع الكلمة وتوخياً لمصلحة الشام وأهله، وسداً لذرائع أعداء الإسلام، ودعا الفصائل للعمل الجاد واتخاذ الخطوات العاجلة لجمع الكلمة وتحقيق فريضة الاعتصام".

وثمّن تجمع أهل الشام أيضا فك ارتباط النصرة بتنظيم القاعدة، وأعلن بسط يده لأي جهد وعمل غايته وحدة الكلمة وجمع صفوف الثوار على أرض الشام في جسم واحد، فيما اعتبر محللون إن جبهة النصرة قررت إعادة تسويق نفسها بعد أن صعدت الولايات المتحدة وروسيا جهودهما العسكرية ضدها وضد تنظيم داعش. وطالب معارضون بالكشف عن الداعم الحقيقي لجبهة النصرة وخاصة بعد أن كشف الجولاني عن وجهه .

وقال جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض: "الولايات المتحدة تستمر في اعتبار جبهة النصرة جماعة لديها النية في تنفيذ هجمات في الغرب وضد أهداف غربية ومازالت لدينا مخاوف من تزايد قدرة الجبهة لتنفيذ عمليات يمكن أن تهدد الولايات المتحدة والغرب".