يجري تثبيت مراوح إنتاج الطاقة الكهربائية من الريح في قيعان البحار عادة، وهذا يفرض على الشركات نشرها في المناطق غير العميقة وقرب الشواطئ. ليبدأ كارتيل عالمي من شركات الطاقة العمل على إنتاج مراوح عائمة.

إيلاف من برلين: يمكن أن يحدث توفير إمكانية نشر محطات، أو حقول، للمراوح الهوائية في عرض البحر، يمكن أن يحدث خرقًا في هذه الطريقة من إنتاج الطاقة البديلة. إذ إن طريقة تثبيتها في القاع تحدد لشركات الطاقة إمكانية نشرها عند السواحل فقط.

وذكرت مصادر شركةDNV GL فوق القومية (ألمانية ونروجية واسكتلندية) أنها تقود مشروعًا يساهم فيه العديد من الشركات العالمية، المهتمة بإنتاج وتقنيات الطاقة البديلة من الهواء، لإنتاج أول مراوح هوائية عائمة. ويفترض إنتاج هذه المراوح وفق قياسات ومعايير دولية تجعلها صالحة لمختلف بلدان وبحار العالم.

اعتبرت الشركة، التي تتخذ من ميناء هامبورغ مقرًا لها، "معايير الإنتاج العالمية الموحدة" مهمة جدًا في عملية نشر المراوح العائمة مستقبلًا. المهم في هذه المراوح أنها لا "تتعلم العوم" فحسب، بحسب مصادر الشركة، وإنما يخطط العلماء لتزويدها بتقنيات تجعلها تغيّر اتجاه مروحاتها مع تغيّر اتجاه الريح. وهذا ممكن بالطبع حينما تكون المروحة عائمة، وليست مثبتة في قاع البحر.

وقال يان ريسبنز، من شركة" الطاقة المتجددة" في هامبورغ، إن المشروع لا يزال في بدايته، لكن شركته، التي تساهم في المشروع، تخطط مع شركة "ستاتويل هيدو" النروجية لبناء أول حقل من المراوح العائمة في عرض البحر مقابل السواحل الإسكوتلندية. يبدأ العمل بالمشروع في العام المقبل، وخصص"الكارتل" مبلغ 250 مليون يورو لتمويله. ويعقب ذلك مشروع مماثل في اليابان بكلفة مقاربة، ومن حقل من المراوح من أحجام مختلفة وطاقة إنتاج مختلفة أيضاً.

تبحر بنفسها
وذكر ريسبنز أن المراوح الكهربائية، مهما اختلفت أحجامها، لا يمكن في العادة تثبيتها في قاع البحر حينما يكون القاع أعمق من 50 مترًا عن سطح الماء. وعادة ما تكون هذه المناطق أقرب إلى السواحل، حيث تهبّ الرياح بقوة أضعف من هبوبها في عرض البحر، كما إن اتجاهات الريح قرب السواحل متغيرة.

ويعمل مهندسون متخصصون، من مختلف الشركات، على تزويد المراوح العائمة بالقدرة على الابحار بنفسها، مثل البواخر، وهذا يعني الاقتصاد بكثير من المال. لأن شركات الطاقة تستخدم بواخر خاصة بها، أو تستأجر أخرى خاصة بالسحب البحري تنقل المراوح على متنها إلى سواحل البحر.

لا ينبغي هنا أن ينسى المرء صعوبة وكلفة تثبيت المراوح، وخصوصًا الضخمة منها، في قاع البحر. فهي عملية تحتاج رجال غوص ومهندسين متخصصين وأجهزة ضخمة.

13 شركة من مختلف الاختصاصات
يضيف يوهان ساندبيرغ، المهندس في شركةDNV GL إن 13 شركة من مختلف الاختصاصات تشارك في مشروع مراوح الهواء العائمة. فهي شركات تتخصص بإنتاج الطاقة، وفي بناء السفن، وفي بناء المراوح، وفي إنتاج المعادن التي لا تصدأ، وفي الأبحاث البحرية، وفي إنتاج المحركات... إلخ.

وأوضح ساندبيرغ أن إشراك هذا العدد من الشركات المتخصصة يهدف أيضًا إلى توفير قناعة علمية بالمراوح العائمة التي ستنتج. إذ تتوقف عشرات المراوح على السواحل الألمانية عن الدوران عند هبوط سرعة الرياح، أو تغيير اتجاهاتها، وهذا يسبب خسائر بملايين اليوروهات سنويًا، في حين أن المراوح العائمة لن تتوقف، لأنها تستدير مع اتجاه الرياح.

وطبيعي أن يصدر من مراوح الهواء ضجيج عالٍ أثناء عملها بالنظر إلى ضغط الريح القوي وحجم الريشات الضخم، وذلك مزعج بالنسبة إلى سكان السواحل القريبة. إلا أن المراوح العائمة ستكون بعيدة عن السواحل، ثم إن المهندسين خططوا لإنتاج حافات ريشاتها حادة كالمشرط بهدف تقليل الضجيج وتسهيل الحركة. ويؤكد ساندبيرغ أن استخدام المراوح العائمة في إنتاج الطاقة سيؤدي أيضًا إلى تقليص انطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون.

تقدير التكاليف
وربما ستكون كلفة بناء نماذج المحطات الأولى من المراوح العائمة أكثر من كلفة بناء المحطات التقليدية، لكن ذلك سيجري تعويضه من خلال مضاعفة إنتاج الكهرباء، وتقليل كلفة النقل والتثبيت في قاع البحر، وتراجع كلفة التصليح والترميم.

الجدير بالذكر أنه تدور في ألمانيا أكثر من 26 ألف مروحة لإنتاج الكهرباء من الهواء على السواحل فقط، بحسب إحصائيات دائرة البيئة الاتحادية للعام 2015. وتقدر طاقتها بنحو200 ملياركيلوواط/ ساعة من الكهرباء سنويًا. وافتتحت في مدينة ماجدبورج الألمانية عام 2002 أكبر مروحة لتوليد الطاقة من الريح في العالم، ارتفاعها 120 مترًا، وقادرة على تزويد 15 ألف وحدة سكنية بالكهرباء على مدار الساعة. وتأمل ألمانيا برفع حصة طاقة الرياح من المجموع العام للطاقة المستهلكة إلى 20 % حتى العام 2020.