أصدر القضاء المغربي في سابقة هي الاولى من نوعها الحكم بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ وغرامة مالية قيمتها 1000 درهم (100دولار)، إضافة إلى تعويض مدني قدره 20 ألف درهم (2000 دولار) لفائدة أصحاب الدعوى القضائية على الكاتب عزيز بنحدوش بسبب روايته التي تحمل عنوان "جزيرة الذكور" بتهمة السب والقذف لارتباط بعض أحداث الرواية بوقائع كانت المنطقة مسرحا لها في الماضي.

إيلاف من الرباط: أصدر القضاء حكما بالسجن شهرين موقوفي التنفيذ، في أول سابقة من نوعها في تاريخ المغرب المعاصر، في حق كاتب رواية تحمل عنوان " جزيرة الذكور"، واسمه عزيز بنحدوش، ويعمل أستاذا لمادة الفلسفة، في منطقة "تازناخت"، على مقربة من مدينة ورزازات (جنوب البلاد)، وقد وجهت له المحكمة تهمة السب والقذف لارتباط بعض أحداث الرواية بوقائع كانت المنطقة مسرحا لها في الماضي.

وأمام هذه التهمة أصرّ كاتب الرواية، وهو صاحب اسم مغمور، لم يكن معروفا من قبل، على القول إن أحداث الرواية لا علاقة لها بأي أناس، ولا بأي أماكن معينة، مشيرا إلى أنها مجرد خيال، ككل عمل أدبي قد يستلهمه الروائي من محيطه، أو تجاربه، أو قراءاته وأبحاثه.

وقبل صدور الحكم القضائي، تعرض كاتب رواية "جزيرة الذكور"، عزيز بنحدوش، للاعتداء والتهجم عليه، وتحطيم سيارته من طرف أشخاص، بدعوى أنه تعرض لحياتهم الخاصة، بقصد التشهير بهم، فيما هو ينفي عن نفسه هذه الشبهة، ملمحا إلى أنه تناول في عمله الأدبي ما سماه ب"ظاهرة الأبناء الأشباح"، على حد تعبيره، من دون أن يقصد الإساءة لأي أحد من أبناء المنطقة.

&

&

الأبناء الأشباح

ويقصد الكاتب برواية "الأبناء الأشباح"، بظاهرة قال إنها كانت سائدة في مرحلة قديمة من الزمن، وبالضبط خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وتتلخص في أن بعض المهاجرين كانوا يعمدون إلى تسجيل أبناء لاوجود لهم أصلا، في دفتر الحالة المدنية، بغية الرفع من القيمة المادية للتعويضات العائلية في فرنسا، وذلك بتواطؤ مع بعض المسؤولين المحليين.

هذه الظاهرة، وما نتج منها من مشاكل وتداعيات، وخاصة في ما يتعلق بالإرث وغيره، هي التي شكلت المحور الرئيس للرواية، وهي التي جعلت الكاتب محل متابعة من طرف بعض المشتكين الذين رفعوا المسألة إلى القضاء، الأمر الذي ترتب عليه الحكم بشهرين موقوفي التنفيذ، وغرامة مالية بمبلغ 1000 درهم (100دولار)، إضافة إلى تعويض مدني قدره 20 ألف درهم (2000 دولار) لفائدة أصحاب الدعوى القضائية.

فراغ قانوني

الكاتب يعتبر نفسه مظلوما، ويستغرب لكون المحاكمة تمت في إطار قانون الصحافة، علما أن العمل الأدبي لم ينشر في جريدة أو مجلة، وإنما في كتاب أدبي، وعلى نفقته الخاصة، مؤكدا أن هناك فراغا قانونيا في هذا الإطار، يتعين تداركه مستقبلا، مع العلم انه، وبحسب التصريحات المنسوبة إليه، استأنف الحكم، لكنه لا يفكر في انتداب محام، اقتناعا منه أنه الأجدر بالدفاع عن نفسه .
ومنذ صدور الحكم ضده، وصفحات الفضاء الأزرق " الفيسبوك " تحفل بكتابات وآراء تدافع عنه، سواء من طرف بعض القراء، أو من بعض الكتاب والأدباء المغاربة المعروفين.

الكلمة للقراء والنقاد

وفي هذا الصدد، كتب الشاعر والناشط الحقوقي صلاح الوديع، معبرا عن تضامنه الكامل مع الكاتب، قائلا: "ارفعوا أيديكم عن الكاتب عزيز بن حدوش وعن روايته "جزيرة الذكور....اتركوا الكلمة للقراء والنقاد. فهم أولى بمحاكمة الإبداع من القضاء".

واضاف : "لنتذكر وقائع التاريخ. لقد منعت كتبا كثيرة، ثم ذهب الرقيب ولم يذكره أحد وبقي الكتاب حيا يرزق".

"الأسماء التي منعت كتبها، يوما ما، باقية: حامد أبو زيد، محمد شكري، عبد القادر الشاوي، سيد القمني، فاطمة المرنيسي، نوال السعداوي، حسن حنفي، فرج فودة. فمن يتذكر الرقيب؟".

كتاب بودلير "أزهار الشر"،على سبيل المثال لا الحصر تم منعه حال صدوره. وها هو اليوم يدرس في أغلب المؤسسات التعليمية في العالم.