اديس ابابا: في وقت تشهد فيه اثيوبيا موجة غير مسبوقة من التظاهرات المناهضة للحكومة منذ عشر سنوات، يخشى محللون ودبلوماسيون من ان يغرق هذا البلد الحليف الاساسي في الحرب على الارهاب بالقرن الافريقي في مشاكل داخلية حادة.

فحركة الاحتجاج التي بدأت في منطقة اورومو بوسط وغرب اثيوبيا في تشرين الثاني/نوفمبر وامتدت منذ بضعة اسابيع الى منطقة امهرة شمالا، شهدت للمرة الاولى يومي السبت والاحد تظاهرات متزامنة في المنطقتين وكذلك في العاصمة اديس ابابا.

والقمع العنيف لقوات الامن اسفر عن سقوط مئة قتيل على الاقل في صفوف المتظاهرين بحسب حصيلة لمنظمة العفو الدولية.

وتمثل اورومو وامهرة لوحدهما اكثر من 60 % من المئة مليون اثيوبي، في ثاني بلد اكثر اكتظاظا بالسكان في القارة الافريقية. وبات الناشطون من الاتنيتين يحتجون جهارا اكثر فاكثر عما يعتبرونه هيمنة بلا منازع لاقلية التيغريين المتحدرين من شمال البلاد ويشغلون المناصب الرئيسية داخل الحكومة وقوات الامن.

وقال الباحث رينيه لوفور الاخصائي في شؤون منطقة القرن الافريقي "منذ وصوله الى الحكم في 1991 (بعد ان طرد بالسلاح الدكتاتور منغستو هايلي مريام) لم يعرف النظام وضعا بهذا السوء (...) فاثيوبيا باتت اشبه بطائرة دخلت منطقة اضطرابات بالغة"، مضيفا انه بالرغم من "حالة الحصار" المفروضة على منطقة اورومو فان التظاهرات لم تتوقف مطلقا.

واعتبر الباحث "ان هذه الازمة منهجية لانها تطرح تساؤلات حول اسس عمل الحكومة التي وضعتها (اثيوبيا) منذ 25 عاما: متسلطة ومركزية. الفدرالية امر خادع".

وحققت اثيوبيا نتائج مذهلة في مجال التنمية، لكن الحصيلة في ما يتعلق بالحريات العامة ضئيلة الى حد كبير.

في انتخابات العام الماضي فاز الائتلاف الحاكم بزعامة رئيس الوزراء هايلي مريام ديسالين بكل مقاعد البرلمان. وفي سياق هذا الفوز بلا منازع ازداد الضغط على المعارضة بشكل اكبر، فسجن عدد من الشخصيات بينهم نائب رئيس مؤتمر اورومو الوطني بيكيلي جربا والمتحدث باسم حزب سماياوي الفتي بموجب قانون مكافحة الارهاب الذي يثير الانتقادات ويستخدم برأي المدافعين عن حقوق الانسان لاسكات المنتقدين.

- اشارات توتر - 

تعد اثيوبيا ايضا ثاني بلد افريقي اكثر قمعا في مجال حرية الصحافة مع وضع عشرة صحافيين خلف القضبان بحسب لجنة حماية الصحافيين.

ولفت جيتاشو ميتافيريا بروفسور العلوم السياسية في جامعة مورغان في بالتيمور بالولايات المتحدة الى "ان هذه الحكومة تسيطر عليها اقلية اتنية تفرض ارادتها على الغالبية. لا يوجد نقاشات مع الشعب ولا حوار".

واشار الى "ان مستوى الاحباط يزداد. اشك في ان يكون هناك عودة الى الوضع الطبيعي".

اما الحكومة الاثيوبية التي بقيت الى حد كبير في منأى عن الانتقادات لقمعها المفرط، من قبل حلفائها الغربيين الذين يعتبرون اثيوبيا واحة استقرار في منطقة مضطربة، فردت حتى الان بمزايدات امنية.

وتتهم السلطات المتظاهرين بانهم يحركون من قبل "اعداء من الخارج" ويشيرون الى اريتريا.

وتمنع الحكومة منذ تموز/يوليو بانتظام الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي تعتبر اداة اتصال مميزة للناشطين.

ولفت دبلوماسي اوروبي الى "ان القادة الاثيوبيين فقدوا رؤية ملس زيناوي (الرجل القوي السابق في البلاد الذي توفي في 2012). ويبدون اشارات اضطراب ولا يثقون بشعبهم".

ويقر ميريرا غودينا الوجه البارز في المعارضة ورئيس مؤتمر شعب اورومو بان تأثيره قليل على حركة وصفها ب"حركة جماهيرية" تفلت بنظره من التنظيمات السياسية.

والشعارات التي يهتف بها المتظاهرون مثل "افرجوا عن سجنائنا" او "نريد حريتنا" انما تعبر قبل كل شيء عن المطالبة بفتح المجال السياسي، وباتت تتخطى الى حد كبير الخلافات على الاملاك والاراضي التي كانت وراء موجة الاحتجاجات الراهنة.

واضاف ميريرا غودينا "ان ذلك يتواصل الان منذ تسعة اشهر. لا اعتقد انه سيتوقف الا في حال اجراء اصلاحات جدية. انها انتفاضة".