إيلاف من الجزائر: دافع الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال عن الإصلاحات التي أقرتها وزيرة التربية نورية بن غبريت وتدخل المنهاج الدراسي بداية السنة الدراسية الجديدة المقررة مطلع أيلول سبتمبر الداخل، ونفى أن تكون هذه الإصلاحات قد مست بمواد الهوية الوطنية وألغت مادة التربية الإسلامية، غير أن الأصوات الرافضة لمشروع الوزيرة تزيد يوما بعد يوم.

وجاء دفاع سلال عن أحد ركائز طاقم حكومته في رده المكتوب على مساءلة برلمانية للنائب فاتح ربيعي المنتمي لتكتل الجزائر الخضراء الذي انتقدت الأحزاب الثلاثة المكونة له بشدة في أكثر من مرة إصلاحات الوزيرة.

لا تغيير

وقال سلال في رده المكتوب الذي اطلعت عليه "إيلاف" إن " هيكلة المناهج الدراسية لم تشهد أي تغيير، حيث تعتبر اللغة العربية لغة التعليم والتعلم ومادة التربية الإسلامية جزء لا ينفصل عن المسار التعليمي الإلزامي للمتمدرسين في جميع الأطوار التعليمية، وهي غير معنية بأي نوع من التدابير التي ترمي إلى التقليص من الحجم الساعي ولا بالنسبة لمعاملها"، وأضاف سلال أن " استبدال تسمية مادة "التربية الإسلامية" بالتربية الأخلاقية كما أشيع غير وارد، ولم يتم طرحها من أي جهاز أو جهة تابعة لوزارة التربية الوطنية".

وبحسب رد الوزير الأول، فإنه "ولأول مرة في تاريخ المنظومة التربوية تم إخضاع كتاب التربية الإسلامية للمصادقة العلمية لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف"، وأكد عبد المالك سلال أن عملية إعادة تنظيم البكالوريا (الثانوية العامة) اهتمت بـ"إشراك النقابات التربوية وأولياء أمور التلاميذ والخبراء والمختصين والقائمين على عمليات تسيير الامتحانات والمسابقات، فضلا عن باقي الشركاء الاجتماعيين".

ولفت سلال إلى أن" مشروع إصلاح النظام التربوي يرمي إلى تحسين أداء القائمين على عملية التربية والتعليم في المنظومة التربوية الجزائرية والرفع من المستوى التحليلي للطلبة المتمدرسين، دون أن يؤدي ذلك إلى المساس بالهيكلة والمكونات الأصلية للمناهج الدراسية القائمة على القيم والثوابت المكونة للهوية الوطنية والمتمثلة أساسا في الإسلام والعروبة والأمازيغية."

ونفى سلال أن تكون مناهج الجيل الثاني التي ستطبق الموسم الدراسي الداخل الذي ينطلق في 4 سبتمبر المقبل ذات خلفية فرنسية، وأكد أن " معدي البرامج التعليمة أعضاء اللجنة الوطنية للمناهج لم يكونوا معنيين بلقاء الخبراء الأجانب، مع التأكيد على وعي السلطات العمومية بالاستعانة بصفة دائمة بالخبراء والمختصين الوطنيين في مجال البلورة والصياغة النهائية لهذه البرامج."

تخوف

لكن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تبقى متخوفة من إصلاحات الجيل الثاني التي ستدخل حيز التنفيذ السنة المدرسية القادمة، والتي ستمس الطورين الابتدائي والمتوسط، وذكر مصدر من الجمعية لـ"إيلاف" أن مكتبها الوطني أطلق نداء لحماية قطاع التربية والتعليم العالي من أي تغيير في المناهج قد يضرب الهوية الوطنية.

 وأفاد المصدر أن هذا النداء، الذي اطلعت عليه إيلاف، أكد أن "الأوضاع المتدهورة التي وصلت إليها مستويات التعليم في الجزائر، لم تعد تخفى على أحد، بل يكاد يُجمع المختصون والمهتمون بالشأن التربوي وعامة المواطنين أن المدرسة الجزائرية في جميع مراحلها لم تعد تؤدي الدور المنوط بها، وأصبح مستوى التعليم بها متدنيا إلى درجة جعل النظام التعليمي لا يحقق أهدافه، وأصبحت الشهادات العلمية مجرد وثائق لا تعبر عن درجات معرفية، ومستويات فكرية، قادرة على تحقيق الإقلاع التنموي."

 وتحدثت جمعية العلماء المسلمين التي تظل لها قيمة وسط الجزائريين بفضل مؤسسها الإمام عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح في الجزائر عن " ضبابية في الرؤية والتسيير، وما نستشفه من توجيهات مبهمة في الاستشراف والتخطيط، يكشف لنا عن حالة من الاستمرارية للسياسات التربوية التي أنتجت هذا الوضع البائس."

وجاء في النداء الذي أطلقته أن "أبرز صور الضبابية التي تحيط بواقع المدرسة ومستقبلها هي انعدام الشفافية في تسيير ملف الإصلاحات، وترك الأمر للتسريبات والتكهنات مما فتح الباب للإشاعات، وأحدث قلقا في مختلف شرائح المجتمع وحيرة"، وطالبت الجمعية بأن تتحول المنظومة التربوية والتعليمية في الجزائر نحو اعتماد اللغة الانجليزية لغة ثانية بشكل متدرج، وبخطوات مدروسة بدل الفرنسية.

كما شددت على أن يكون "تدريس التربية الإسلامية والتاريخ، وفق رؤية واضحة يتم بها استعادة منزلتهما الكاملة في مختلف التعامل التربوي، وذلك بتخصيص الوعاء الزمني الملائم، وتوفير الأستاذ الكفء، والمعامل اللائق، وجعل الامتحان في المادتين إجباريا وضروريا في جميع المستويات والشهادات".

تكتل 

ودعت جمعية العلماء " المسئولين وكافة قوى الشعب الحية وأصحاب الضمائر في سلك التربية والتعليم وأولياء التلاميذ، والنقابات والإعلاميين، وكل مفاصل الدولة إلى التنبه التام واتخاذ الموقف المناسب لضمان مستقبل أبنائنا،وأن يقفوا جميعا وقفة واحدة في وجه كل ما يمس مقومات الأمة، وإضعاف شعورها الوطني، وترمي إلى فصل أبنائها عن لغة دينهم، وعن لغة العلم والتكنولوجيا، والإصرار على فرنستهم".

وأعلن نخبة من الناشطين والعاملين في الحقل التربوي والأكاديمي والمعرفي ومنخرطين في منظمات أولياء التلاميذ، ميلاد "المبادرة الجزائرية لمراجعة المنظومة التربوية"، وجاء في بيان تأسيس هذه المبادرة الذي اطلعت عليه "إيلاف" أن الهدف من هذه الخطوة " تعزيز عناصر الهوية الوطنية والتنبيه إلى خطورة بعض الإصلاحات التي باشرتها وزارة التربية". 

وتطالب المبادرة بتثبيت مواد الهوية الوطنية العلوم الإسلامية، واللغتين العربية والأمازيغية، ومواد التاريخ والجغرافيا، في الامتحانات الرسمية لجميع الشعب، وتأجيل بت الحكومة في المشروع المقترح بهيكلة البكالوريا، وتوسيع الاستشارات، واستعادة شعبة العلوم الإسلامية والتعليم التقني.