واصلت الطائرات الحربية السورية السبت التحليق في سماء مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا برغم تحذيرات واشنطن لدمشق بعدم شن اي غارات جديدة ضد حلفائها الاكراد من شأنها ان تهدد سلامة مستشاريها العسكريين.

بيروت: تدور معارك عنيفة منذ ليل الاربعاء بين المقاتلين الاكراد من جهة وقوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها من جهة ثانية في مدينة الحسكة التي يتقاسم الطرفان السيطرة عليها منذ العام 2012.

وتصاعدت حدة هذه الاشتباكات مع تنفيذ الطائرات السورية الخميس والجمعة غارات على مواقع للاكراد للمرة الاولى منذ بدء النزاع في سوريا قبل اكثر من خمس سنوات. وهي المرة الاولى ايضا التي تتدخل فيها الطائرات الاميركية لحماية مستشاريها على الارض من الطائرات السورية.

ونفذت طائرات حربية سورية طوال الليل ويوم السبت طلعات جوية في اجواء مدينة الحسكة، من دون ان يتضح ما اذا شنت غارات جوية نتيجة حدة المعارك، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.

وافاد صحافي متعاون مع وكالة فرانس برس في الحسكة عن هجمات هي الاعنف للقوات الكردية ضد مواقع للنظام في شرق وجنوب المدينة ليل السبت الجمعة.

واكد مصدر عسكري ان الجيش السوري "تمكن من صد الهجمات".

واشار مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن بدوره الى "معارك عنيفة استخدمت فيها المدفعية والقذائف خلال الليل والصباح"، لافتا الى ان "وحدات حماية الشعب الكردية وقوات الاسايش (قوات الامن الكردية) حققت تقدما في شرق المدينة".

ويسيطر الاكراد على ثلثي الحسكة، فيما تسيطر قوات النظام السوري على الجزء المتبقي ولا سيما وسط المدينة.

الحماية والسيطرة

وبدأت الاشتباكات الاربعاء بين قوات الاسايش ومجموعات الدفاع الوطني الموالية لقوات النظام، على خلفية توتر في المدينة اثر اتهامات متبادلة بتنفيذ حملة اعتقالات خلال الاسبوعين الاخيرين. وزادت حدة المعارك لاحقا لتتدخل الخميس كل من وحدات حماية الشعب الكردية وقوات النظام فيها.

ومنذ اتساع رقعة النزاع في سوريا في العام 2012، انسحبت قوات النظام تدريجيا من المناطق ذات الغالبية الكردية محتفظة بمقار حكومية وادارية وبعض القوات في المدن الكبرى، ولا سيما في الحسكة والقامشلي.

واوقعت المعارك في الحسكة منذ الاربعاء ما لا يقل عن 41 قتيلا بينهم 25 مدنيا من ضمنهم عشرة اطفال، وفق المرصد.

ويقول الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش "من الواضح ان الاكراد يريدون السيطرة على كامل المدينة"، فيما تسعى قوات النظام لضمان بقائها في هذه المحافظة.

واعلنت وحدات حماية الشعب في بيان السبت نيتها حماية مدينة الحسكة من قوات النظام.

وقالت "استغل النظام انشغال وحدات حماية الشعب في جبهات منبج والشدادي (جنوب الحسكة) بشكل خسيس ومنحط"، مؤكدة "اننا في وحدات حماية الشعب كما حررنا المنطقة من ارهاب داعش وجبهة النصرة وحافظنا عليها، سنقوم بحمايتها من ارهاب النظام ايضاً".

وكان الجيش السوري اتهم بدوره الاربعاء من وصفهم بـ"الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني" بالاستمرار "في ارتكاب جرائمهم بهدف السيطرة على مدينة الحسكة".

وتدعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية اذ تعتبرها القوة الاكثر فعالية في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية. وتشكل الوحدات حاليا العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية التي تحظى بدعم جوي من التحالف الدولي وتمكنت من طرد الجهاديين من مناطق عدة بينها ريف الحسكة الجنوبي، واخرها مدينة منبج في حلب.

الدفاع عن النفس

ودفعت الغارات السورية على مناطق الاكراد في الحسكة الولايات المتحدة الجمعة الى ارسال طائرات مقاتلة لحماية قواتها الخاصة التي تقدم الاستشارة العسكرية للمقاتلين الاكراد، ما اعتبر التدخل الاميركي الاول ضد النظام السوري.

الا انه لم تحصل اي مواجهة عسكرية مباشرة لان الطائرات السورية كانت قد انسحبت عندما وصلت الطائرات الاميركية.

وحذر الكابتن جيف ديفيس المتحدث باسم البنتاغون بان هذا الاجراء اتخذ "لحماية قوات التحالف". واضاف "سنضمن سلامتهم، وعلى النظام السوري عدم القيام بامور تعرضهم للخطر (...) ولدينا الحق الثابت في الدفاع عن انفسنا".

واكد عبد الرحمن عدم وجود قوات خاصة اميركية في المدينة، لافتا الى انها "موجودة في القواعد الاميركية الواقعة على مسافة حوالى ستة كلم الى الشمال".

ودفعت الغارات والمعارك الالاف من سكان المدينة في المناطق تحت سيطرة الاكراد وتلك تحت سيطرة قوات النظام الى النزوح، وفق المرصد السوري.

وعلى جبهة اخرى في وسط سوريا، قتل 20 مدنيا، بينهم خمسة اطفال على الاقل، ليل الجمعة السبت في قصف مدفعي وجوي لطائرات حربية يرجح انها سورية ضد مناطق واقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في ريف حمص الشمالي.