في عام 1998، لم يكن هناك سوى 35 بلدا ألغى تطبيق عقوبة الإعدام، لكن الآن ارتفع هذا العدد إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بما كان عليه الحال في السابق. لكن هذا التغير حيال أحكام الإعدام في العالم يخفي خلفه واقعا شديد التعقيد.

هناك 39 بلدا فقط لا تزال تطبق عقوبة الإعدام، وهذه البلدان تقع بشكل أساسي في أفريقيا والشرق الأوسط والشرق الأقصى، لكنها تشمل أيضا الولايات المتحدة.

وتقول منظمة العفو الدولية إن عام 2015 شهدا ارتفاعا مثيرا في عدد الأشخاص الذين طبقت فيهم أحكام الإعدام، وهو أكبر مستوى منذ عام 1989.

وهناك ثلاثة بلدان مسؤولة عن 90% من تطبيق أحكام الإعدام وهي إيران وباكستان والسعودية. (تُبقِي الصين إحصائياتها المتعلقة بتطبيق أحكام الإعدام طي الكتمان، ولهذا فهي غير مشمولة مع البلدان الثلاثة المذكورة).

احتجاج في باريس على تطبيق عقوبة الإعدام في إيران

بيد أن هناك مجموعة من البلدان لا تزال قوانينها تتضمن عقوبة الإعدام لكنها لا تطبقها على أرض الواقع.

هناك ستة بلدان، مثل إسرائيل، مازالت تطبق عقوبة الإعدام عند ارتكاب الأفراد جرائم غير عادية، إذ تبقيها في حالة ارتكاب الإبادة والخيانة خلال زمن الحرب.

ولم تصدر محاكم هذه البلدان، وهذا أمر غير عادي، أحكاما بالإعدام منذ سنوات كثيرة. يلاحظ أنه في البرازيل، حيث لا تزال عقوبة الإعدام تقتصر على الجرائم العسكرية خلال الحرب، لم تطبق هذه العقوبة منذ عام 1855.

لكن هناك مجموعة منفصلة وأكثر عددا تضم 49 بلدا لا تزال تطبق أحكام الإعدام، إذ إن قوانينها لا تزال تنص على إنزال عقوبة الإعدام في الجرائم "العادية". ومن بين هذه البلدان، نجد أن نصفها أصدر حكم إعدام واحدا على الأقل خلال السنوات الخمس الأخيرة.

تختلف العديد من هذه البلدان عن وضع إيران أو السعودية من حيث أن مرتكبي بعض الجرائم يُعاقبون بأحكام الإعدام، وهذا يعني أن مئات إن لم يكن آلاف من الأشخاص تصدر في حقهم أحكام الإعدام، لكن هذه الأحكام لا تطبق على أرض الواقع.

البلدان التي لا تزال قوانينها تنص على إنزال عقوبة الإعدام، بالرغم من أنها لم تعدم أي شخص خلال السنوات العشر الماضية على الأقل، تسمى البلدان التي "ألغت الإعدام بواقع الحال".

ويضرب بارفي جابر، من "مشروع عقوبة الإعدام" الذي يقدم المشورة للمحامين لمساعدتهم في الطعن في أحكام الإعدام في مختلف مناطق العالم، مثالا على ها بحالة كينيا باعتبارها بلدا نموذجيا في هذا الصدد.

وقال جابر لبي بي سي "في كينيا عقوبة الإعدام إلزامية في عدد من الجرائم، بما في ذلك القتل والسطو الذي يعاقب بالإعدام".

وهكذا، هناك أكثر من 4000 شخص محكوم عليهم بالإعدام وينتظرون تطبيق هذه الأحكام فيهم لكن كينيا لم تعدم أي شخص منذ أكثر من 30 عاما.

نزلاء في سجن بمدينة مومباسا في كينيا

وقال جابر أيضا إن في بلدان الكاريبي الأعضاء في الكومنولث، وعددهم 12 دولة، يوجد أشخاص ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام خلال العقد الماضي.

وأضاف أن محاكم هذه البلدان لا تزال تصدر أحكام الإعدام على المدانين نظرا إلى أن هذه "العقوبة تعتبر قانونية، أو حكما يتسق مع أحكام القانون لكن السلطات لا تنفذ في الواقع هذه العقوبة".

ويُعزى هذا الواقع، أي إصدار أحكام الإعدام وعدم تطبيقها، في جزء منه إلى الجهود المتزايدة للمحامين العالميين ومناصري الحق في الحياة لمنع التنفيذ على أساس أن بلدانا أخرى سجلت سوابق في هذا الإطار.

وهناك مثال محدد من دولة بيلز التي تحول حكم إعدام صدر على شخص أدين بالقتل في عام 1999 إلى حكم بالسجن مدى الحياة. وقد طرحت هذه الحالة تحديات مماثلة في أجزاء أخرى من بلدان الكومنولث في منطقة الكاريبي، وكذلك في أجزاء من أفريقيا وجنوب شرق آسيا.

وقال جابر إنه بفضل هذه الجهود، استفاد "مئات إن لم يكن آلاف من الأشخاص من تخفيف أحكام الإعدام وتحويلها إلى أحكام بالسجن مدى الحياة".

بيد أنه في مناطق أخرى من العالم، نجد أن بلدانا كانت تُصنف على أنها تمتنع بواقع الحال عن تطبيق أحكام الإعدام، مثل تشاد، بدأت تنفذ مرة أخرى هذه العقوبة، في حين نجد أن المالديف وطاجيكستان هددتا أيضا بأن تحذوا حذو تشاد.

وبالرغم من أنه ليس هناك بلد معين لجأ إلى تطبيق أقسى عقوبة تنص عليها قوانينه منذ مدة طويلة، أي عقوبة الإعدام، فإن المدانين الذين ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام فيهم قد لا يشعرون بالضرورة بأنهم محصنون من الشعور بالخوف من تنفيذ أحكام الإعدام فيهم.