تصاعد خلاف بين اكبر كتلتين شيعية وسنية في العراق بين التأييد والرفض لطلب وزارة الخارجية العراقية من نظيرتها السعودية استبدال سفيرها في بغداد ثامر السبهان بذريعة تدخله في الشؤون الداخلية .. فيما اعتبر السفير سياسيي العراق الشيعة بأنهم خريجو المدرسة الايرانية.

وبعد 48 ساعة من طلب وزارة الخارجية العراقية من نظيرتها السعودية باستبدال السفير السعودي في العراق السبهان، فإن الرياض لم ترد على الطلب، بعد وسط توقعات بعدم اتخاذها اجراء بالمثل بالنسبة للسفير العراقي لديها.

تحالف القوى السنية: طلب استبدال السفير سابقة خطيرة

واعتبر تحالف القوى العراقية، الذي يضم القوى والاحزاب السنية في البلاد، طلب العراق من السعودية استبدال سفيرها في بغداد ثامر السبهان استجابة لضغوط المليشيات المنفلتة.

وقال تحالف القوى العراقية في بيان صحافي الثلاثاء تسلمت "إيلاف" نصه، إن "السياسات العراقية تنزلق مرة أخرى الى محور الاختلاف مع الدول العربية بلا مبرر برغم أنها مدت يدها للشعب العراقي ووقفت معه ولاتزال في محنته الامنية والانسانية". واكد انه فوجئ بقرار الحكومة العراقية طلب تغيير السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان معتبرًا ذلك "سابقة خطيرة لم تألفها الاعراف والتقاليد الدبلوماسية بين الدول المتحضرة في اساءة متعمدة للدور السعودي الاقليمي".

واضاف ان هذا الطلب "جاء استجابة للضغوط التي تمارسها المليشيات المنفلتة التي لطالما هددت الامن العراقي والعربي وبدفع من الاجندات الاقليمية التي لا يروق لها رؤية عراق وطني بعلاقات عربية معافاة". ونوّه الى انه لم تعد هناك قدرة على السكوت عن إزدواجية الدبلوماسية العراقية "فهي من جهة تستقبل وفود المجاميع المسلحة كالحوثيين وتغض النظر عن التدخل الاقليمي الفج في الشأن العراقي وتبرره، ومن جهة أخرى تسعى من دون أي مسوغ لتعكير علاقات العراق العربية وتأزيمها في وقت نحن احوج ما نكون فيه الى الانفتاح على العالم الخارجي والابتعاد عن سياسة المحاور التي اضرت ببلدنا وجعلت العالم ينظر له على ان سيادته مشوبة بعيب التبعية".

وشدد التحالف السني على عدم قبوله بالقرار الصادر عن الخارجية العراقية بطلب استبدال السبهان، داعيًا الحكومة الى التراجع عنه، صوناً للمصالح المشتركة .. مؤكدًا على ضرورة ان تكون مواقف الحكومة من مثل هذه القضايا "مدروسة ومتخذة بتوافق الشركاء، لا أن ينفرد بها حزب أو فئة وأن تكون نابعة من مصالحنا الوطنية، لا استجابة للضغوط من أي طرف جاءت".

التحالف الشيعي يرحب بطلب استبدال السبهان

وعلى العكس من موقف القوى السنية، فقد رحب تحالف القوى الشيعية بطلب استبدال السفير السعودي في العراق .. معتبرًا انه مظهر من مظاهر الحرص على إنجاح مسار تطوير العلاقات الثنائيَّة بين البلدين.

وخلال اجتماع للهيئة القيادية للتحالف الشيعي في بغداد برئاسة رئيسه وزير الخارجية ابراهيم الجعفري، فقد بحث قادة التحالف التطورات السياسية والامنية في العراق، وفي مُقدّمتها انتصارات القوات المسلحة &والواقع الأمنيَّ المتدهور في محافظة ديالى نتيجة الاقتتال العشائري مُؤكـِّدة على أهمّية التلاحم وحلِّ النزاعات بالطرق السلميَّة والقانونيَّة وقرَّرت تشكيل لجنة لمُتابَعة الوضع وإيجاد حُلول لما ترتـَّب عليها.

وأكدت الهيئة القياديّة على ضرورة الارتقاء بالعلاقات السياسيَّة بين القوى السياسيَّة بما يُحقق مزيداً من الاستقرار، وتوفير أكبر قدر مُمكِن من الخدمات ومعالجة المشاكل الاقتصاديَّة بروح المسؤوليَّة.

وشدَّد المُجتمِعون على "تعزيز العلاقات العراقـيَّة مع المُحيط العربيِّ وتطويرها بما يُحقـِّق المصالح المُشترَكة ويُوفـِّر الظروف والمناخات المساعدة لتحقيق ذلك مُرحِّبين بطلب وزارة الخارجيَّة العراقـيَّة من نظيرتها السعوديَّة استبدال سفيرها في العراق باعتباره مظهراً من مظاهر الحرص على إنجاح مسار تطوير العلاقات الثنائيَّة بين البلدين"، بحسب قولهم كما نقل بيان صحافي الثلاثاء عقب الاجتماع اطلعت على نصه "إيلاف".

كما تمّت خلال الاجتماع "مُراجَعة الخطوات العمليَّة لتفعيل وتعزيز دور التحالف الوطنيِّ (الشيعي) &وتحمُّل مسؤوليَّاته في إنجاح العمليّة السياسيّة وتحقيق البرنامج الحكوميّ".

السبهان: السياسيون الشيعة في العراق خريجو المدرسة الإيرانية

ومن جهته، استبعد السفير السعودي في العراق ثامر السبهان أن يؤثر طلب بغداد استبداله على العلاقات السعودية-العراقية، لكنّه أشار إلى أن السعودية لن تلجأ للرد بالمثل لأن "المملكة أكبر من هذه الأمور ولديها أهداف أسمى من ذلك".

وأضاف السفير في تصريح لـ"راديو سوا" أن "المبررات" التي قدمتها وزارة الخارجية العراقية بشأن طلب استبداله جاءت بدوافع شخصية لا علاقة لها بالعمل الدبلوماسي. واشار الى انه ابُلَغ عدة مرات من الأجهزة الأمنية العراقية بوجود تهديدات ومخططات لاغتياله، وأضاف "علمًا بأن أغلب التحذيرات التي تأتينا، تأتينا من نفس الأجهزة الأمنية في الحكومة العراقية. فلذلك لا عذر لهم في ذلك". وأوضح أن أحد قادة "الميليشيات الإرهابية" ظهر علانية في التلفزيون، وقال "إنني مطلوب لهم وأن عملية اغتيالي ستكون شرفًا للجميع".

وجدد السبهان الحديث عن النفوذ الإيراني في مؤسسات الدولة في العراق، وقال "أعتقد بأن الحكومة العراقية والعراقيين يعلمون علم اليقين مدى التوغل الإيراني للأسف في مفاصل الدولة العراقية، في أجهزتها الأمنية، في أجهزتها العسكرية، في الجيش، في إدارة الحكومة، والقيادات الموجودة الآن على الساحة السياسية كلهم خريجو المدرسة الإيرانية.. فأكيد أنهم لن يتصرفوا دون الرجوع وأخذ الإذن من حكومة إيران هذا شيء طبيعي جدًا". وشدد السبهان على أهمية التواجد العربي والسعودي في العراق .. منوهًا الى أن الوضع الراهن سينتهي قريبًا وتعود البلاد إلى أهلها حسب قوله.

وفي وقت سابق اليوم، رفض ائتلاف متحدون للاصلاح برئاسة اسامة النجيفي طلب استبدال السفير السعودي داعيًا الى مراجعة قرارها معتبراً أن مبرراته واهية. وشدد على انه "ليس من قبيل المصادفة ان تستقبل الخارجية في اليوم التالي وفدًا من جماعة الحوثيين اليمنية المسلحة في مسألة لاتزال موضع انقسام داخلي، وفيها رسالة استفزاز تجاه الموقف العربي وتنم عن انجرار الحكومة نحو المحور الايراني، وهو ما يسبب تصدعًا جديدًا في الجبهة الداخلية وقد كنّا احرى بالابتعاد عنه".

&وكان ائتلاف الوطنية بزعامة نائب الرئيس العراقي السابق، إياد علاوي، قد اعتبر أمس طلب العراق من السعودية استبدال سفيرها في بغداد خاطئًا .. مشيرًا الى انه كان الاولى بالحكومة بناء علاقات حسن جوار مع الاشقاء العرب.

وقد جاء الطلب العراقي بإستبدال السفير السعودي، بعد حملة شنتها قوى عراقية حليفة لايران ضد السبهان متهمين اياه بتهديد السلم الأهلي في البلاد، اثر اشارته الى الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها تشكيلات الحشد الشعبي الشيعية ضد اهالي المناطق السنية، التي يتم تحريرها من سيطرة داعش، وهي انتهاكات اكدتها منظمتا العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش.

وكان السبهان ذكر في تصريح متلفز لإحدى القنوات الفضائية المحلية أن رفض الأكراد ومحافظة الأنبار دخول قوات الحشد الشعبي مناطقهم دليل على عدم مقبوليته من قِبل المجتمع العراقي. &وكانت تقارير صحافية كشفت قبل ايام عن محاولات لاغتيال السفير السعودي، ونقلت عن مصادر عراقية قولها إن "الميليشيات التي خططت لاغتيال السبهان على ارتباط مباشر بإيران".

وكان السبهان قدم اوراق اعتماده سفيرًا جديدًا للسعودية في العراق الى الرئيس فؤاد معصوم في 18 يناير الماضي، وذلك بعد قطيعة بين البلدين دامت ربع قرن. &&