تونس: شهدت تونس الاربعاء حادث سير مروع اسفر عن مقتل 16 شخصا واصابة 85 آخرين في القصرين، وسط غرب، في حين تواجه البلاد تزايدا مقلقا لهذه المشكلة.

وبسبب تدهور البنى التحتية للطرقات والقيادة المتهورة وقلة صيانة السيارات، قتلت حوادث السير 528 شخصا في الاشهر الخمسة الاولى العام 2016 اي بزيادة نسبتها 9،1 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2015، وفجر الاربعاء اصطدمت شاحنة ثقيلة محملة بالاسمنت بحافلة لنقل الركاب على مستوى سوق اسبوعية بمنطقة خمودة من معتمدية فوسانة بولاية القصرين ما اسفر عن مقتل 16 شخصا واصابة 85 آخرين بينهم 7 حالهم حرجة وفق حصيلة غير نهائية اعلنتها السلطات.

واعلنت وزارة الداخلية ان الحادث نجم عن "عطب في مكابح الشاحنة تسبب في انحدارها وارتطامها بالحافلة"، وأثارت صور لضحايا الحادث المروع انفعالات على شبكات التواصل الاجتماعي، وتونس ثاني بلد في شمال افريقيا بعد ليبيا من حيث عدد قتلى حوادث السير (24،40 قتيلا لكل مئة الف ساكن) وفق منظمة الصحة العالمية.

إرهاب الطريق

واعتبر عماد الطويل امين عام "الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات" ان الدولة هي "المسؤول الاول" عن ارتفاع حوادث السير القاتلة معربا عن الاسف لعدم توفر التمويلات اللازمة لحملات التوعية، وافاد ان الشباب هو الضحية الاولى لحوادث السير لأن "60 بالمئة من الضحايا تتراوح اعمارهم بين 15 و39 عاما"، وقال الطويل لفرانس برس "نحن نعيش ارهاب الطريق. وعدد حوادث السير مروع" داعيا الى فرض قوانين "اكثر ردعا"، من ناحيته دعا كمال الدين المساكني مدير مركز شرطة المرور الرئيسي في العاصمة الى تعميم سحب رخص القيادة واصفا القوانين الحالية بأنها "مرنة للغاية"، ولفت الى ان اجراء من هذا النوع سوف "يسبب الما حقيقيا للسائق".

وتعتبر الرشوة في صفوف قوات الامن على الطرقات من اسباب عدم احترام قوانين السير في تونس، وفي الاشهر الاخيرة تداول نشطاء انترنت على نطاق واسع مقاطع فيديو لرجال امن يطلبون رشاوى من سائقي سيارات سجلوهم دون علمهم بهواتف خلوية، وعزلت السلطات في يونيو الماضي عنصر امن إثر تداول مقطع فيديو طلب فيه من سائق رشوة قيمتها 40 دينارا، وقال شرطي طلب عدم نشر اسمه ان "السائق لم يعد يخاف من الشرطة ولا يحترم قانون السير".

تهور

ويكفي ان يقود المرء سيارة بضع دقائق في احد شوارع تونس ليعاين بنفسه مظاهر عدم احترام قانون السير من تجاوز اشارة المرور الحمراء (قد تكون احيانا معطوبة) والسير في الاتجاه المعاكس او على سكة المترو او ركن عربات في الطريق، وهناك ظاهرة اخرى تتمثل في من يقود دراجات نارية كونهم لا يأبهون بالخطر ولا يرتدون الخوذة ويركب معهم في كثير من الاحياء ابناؤهم، وانتقد مسؤول بوكالة تدقيق فني للسيارات في سيدي حسين قرب العاصمة "عدم وعي" اصحاب السيارات المتقادمة الذين لا يقومون بصيانة سياراتهم كما يلزم، وقال حسين التونسي المسؤول في مدرسة لتعليم قيادة السيارات ان من يتعلمون عنده "منضبطون للغاية" لكنهم "يتحولون الى متهورين حقيقيين" ما إن يحصلوا على رخصة القيادة.

وهذا الشهر حذرت يومية "لوكوتيديان" الناطقة بالفرنسية من اسناد رخص القيادة الى اشخاص لا يستحقونها بسبب الرشوة التي "تنخر" هذا القطاع، وتقر السلطات بجسامة المشكل لكنها تقول انها لا تستطيع ايلاءه العناية اللازمة في الوقت الحالي نظرا الى التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد، وقال وزير الداخلية هادي مجدوب مؤخرا في مقابلة مع فرانس برس "هناك انحراف يستوجب امكانيات كبيرة"، لكنه اشار الى ان اولوية السلطات حاليا هي مكافحة "الارهاب" الذي تصاعد في تونس بشكل لافت بعد الاطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.