باريس: بعد ثمانية اشهر من توصل 195 بلدا لاتفاقية باريس لانقاذ المناخ، تتزايد الضغوط لتحويل الوعود بشان خفض انبعاثات الكربون الملوثة الى افعال مع اجتماع زعماء العالم في قمة مجموعة العشرين واجتماعات الامم المتحدة هذا الشهر. 

ووقعت 180 بلدا على اتفاقية المناخ التاريخية الذي تم التوصل اليها في باريس في كانون اول/ديسمبر، الا انها لن تسري الا بعد ان تصادق عليها 55 دولة مسؤولة عن 55% من انبعاثات الغازات الملوثة، لتصبح اتفاقية ملزمة. 

وصادقت كل من الصين والولايات المتحدة، المسؤولتان عن نحو 38% من الانبعاثات الضارة في العالم، على اتفاقية باريس السبت عشية اجتماع زعماء مجموعة العشرين في هانغتشو في الصين. 

وحتى انضمام بكين وواشنطن الى الاتفاق، لم تكن صادقت على الاتفاقية سوى 24 دولة لا تصدر سوى 1% من انبعاثات الغاز في العالم، طبقا للجنة الامم المتحدة المسؤولة عن الاتفاق الذي يهدف الى الحد من الاحتباس الحراري عند درجتين مئويتين فوق مستوياته قبل الثورة الصناعية. 

وصرح باسكال كانفين من الصندوق العالمي للحياة البرية "مع توقع ان يكون العام 2016 اكثر الاعوام حرارة في التاريخ، يذكرنا ذلك بانه ليس لدينا الكثير من الوقت لنتحرك للابقاء على ارتفاع درجات الحرارة في العالم تحت درجتين مئويتين". 

وقال في بيان "لدينا اتفاقية باريس لتقودنا. والان نريد من الحكومات ان تطبقها". 

وصرح الرئيس الاميركي باراك اوباما ان الاتفاق يمثل "اللحظة التي قررنا فيها اخيرا انقاذ كوكبنا"، بينما قال الامين العام للامم المتحدة انه "متفائل" بان يبدأ سريان الاتفاقية قبل نهاية العام. 

وشكرت باتريشيا اسبينوسا الامينة التنفيذية لاتفاقية الامم المتحدة الاطارية حول التغير المناخي، الولايات المتحدة والصين على المصادقة على الاتفاقية التي قالت انها تحمل المفتاح لمستقبل مستدام للجميع. 

واضافت "كلما تم الاسراع في المصادقة على اتفاقية باريس وتنفذيها كاملة، اصبح المستقبل اكثر امانا"، داعية الدول الاخرى الى "الانضمام الى هذه الموجة من الطموح والتفاؤل نحو مستقبل افضل واكثر استدامة". 

يشارك في مؤتمر هانغتشو زعماء الدول التي تمثل 85% من اجمالي النتاج المحلي في العالم، وثلثي سكان العالم، وتنتج نحو 75% من الغازات الملوثة.

وسيلي هذا المؤتمر قمة تعقد في 21 ايلول/سبتمبر يستضيف فيها الامين العام للامم المتحدة بان كي مون قادة العالم على هامش اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة لدعوة المزيد من الدول الى المصادقة على اتفاقية المناخ. 

- التخلص من الفحم -تهدف اتفاقية المناخ الى الحد من الاحتباس الحراري من خلال الاستعاضة عن الوقود الاحفوري الملوث بمصادر طاقة متجددة، وهو هدف طموح، وقد تعهدت معظم الدول الاعضاء في الامم المتحدة بخفض الانبعاثات. 

والهدف من ذلك هو منع حدوث اسوأ التاثيرات المتمثلة في الفيضانات والعواصف الشديدة، وارتفاع مستوى مياه البحر بسبب الاحتباس الحراري.

الا ان المصادقة على الاتفاقية هي وحدها التي تلزم الدول بتنفيذ اتفاقية دولية من هذا النوع، بحسب ما اوضح "معهد موارد العالم" (وورلد ريسورسيز) للمناخ. 

واعتمادا على دساتيرها، تحتاج العديد من الدول الى اصدار قانون محلي للقيام بذلك. وقال لي شيو مستشار السياسات في منظمة "غرينبيس" للبيئة ان مصادقة الولايات المتحدة والصين على الاتفاقية يجعل بدء سريانها باكرا اقرب الى التحقيق.

 واضاف "ولكن يجب النظر الى هذه اللحظة على انها نقطة البداية وليست النهاية للعمل العالمي على المناخ". 

وتسعى فرنسا التي استضافت الاجتماع الذي اثمر عن اتفاقية المناخ، جاهدة الى بدء سريان اتفاقية المناخ قبل الاجتماع المقبل في مراكش في المغرب في الفترة من 7 الى 18 تشرين الثاني/نوفمبر. 

وقال ديفيد واسكو من "وورلد ريسورسيز" للمناخ "تقديراتنا تشير الى انه من المرجح ان تصادق 55 من الاطراف على الاتفاقية هذا العام، اي ما يمثل 58% من الانبعاثات". 

واضاف "انها عملية تسير اسرع مما شهدنا في الماضي بالنسبة للمناخ أو اي نظام عالمي من هذا النوع". 

وبالمقارنة، لم يبدأ سريان بروتوكول كيوتو الذي سبق اتفاقية باريس، الا بعد ثماني سنوات من توقيعه.

وقال الباحث نيكلاس هوهني من معهد "نيوكلايمت" انه "اذا تخلصت دول مجموعة العشرين من اعتمادها على الفحم، فان ذلك سينعكس بدرجة كبيرة على قدرتها على زيادة تعهداتها المناخية والبدء في خفض انبعاثاتها للتوصل الى مستوى الدرجتين المئويتين". 

وفي ظل التعهدات الحالية فان درجة حرارة الارض سترتفع بمعدل خطير يصل الى 3 درجات مئوية، بحسب تقديرات العلماء.