دكار: كثيرا ما تلطخ اتهامات التزوير الانتخابات في افريقيا، لكن خبراء يؤكدون ان هذه الممارسات باتت مفضوحة اكثر بفضل تعبئة المجتمع المدني والتطور التكنولوجي.

ويقول ماتياس هونكبي مسؤول برنامج الحوكمة السياسية في "المبادرة المفتوحة لغرب افريقيا" (اوزيوا) التي تعمل على تعزيز الادارة الرشيدة والشفافية، ان الانتخابات التي نظمت في الاشهر الاخيرة في عدة بلدان افريقية لم تسجل فيها احتجاجات كبيرة، بعكس الغابون التي تشهد حاليا اضطرابات ما بعد الانتخابات الرئاسية.

ونظمت الغابون في 27 آب/اغسطس انتخابات رئاسية من دورة واحدة، فاز بها رسميا الرئيس المنتهية ولايته علي بونغو ب 49,80 بالمئة امام منافسه الرئيسي جان بينغ (48,23 بالمئة) الذي يقول انه هو الفائز ويتهم النظام بالتزوير.

ويضيف هونكبي انه في الفترة الاخيرة "جرت الانتخابات في نيجيريا وساحل العاج وبنين وبوركينا فاسو بدون احتجاجات تقريبا، ما يعني ان الجميع كانت لديه القدرة على رؤية النتائج وفرزها بنفسه" معتبرا ان "التزوير يزداد صعوبة" في الانتخابات هذه الايام.

وتابع انه بات ممكنا تقليص الثغرات بفضل "عدد من العوامل" حيث يتعين توافر اطار قانوني "واضح" لتنظيم الانتخابات، وبنى انتخابية "قادرة على فرض احترام القواعد" وفاعلين مستقلين يمكنهم "ضمان مصداقية العملية" في مقدمهم المراقبون الوطنيون والاجانب والحركات الاجتماعية ووسائل الاعلام.

ويشاطره الراي ابوبكري مبودجي الامين العام ل"الملتقى الافريقي للدفاع عن حقوق الانسان" وهي منظمة غير حكومية افريقية مقرها دكار وتملك خبرة طويلة في مراقبة الانتخابات.

يقول مبودجي "عكست السنغال وغانا والراس الاخضر وبنين وبوركينا فاسو، امثلة جيدة على الممارسة الجيدة في المجال الانتخابي" مع تعبئة المجتمع المدني ووسائل الاعلام والمواطنين.

كما اشار الى "دور وسائل الاعلام واستخدام تكنولوجيات الاعلام والاتصال الجديدة، وهذا امر بالغ الاهمية".

-تعبئة مواطنية-واشار في هذا السياق الى السنغال بلده الذي شهد تداولا للحكم مرتين في 12 عاما. ففي العام 2000 انتخب عبد الله واد رئيسا في الدورة الثانية امام عبدو ضيوف الذي ورث نظاما اشتراكيا حكم البلاد اربعين عاما.

ثم هزم الرئيس واد في 2012 امام رئيس وزرائه السابق ماكي سال اثر تعبئة مواطنيه ضد رغبته في الحصول على ولاية ثالثة.

ويقول ابوبكري مبودحي "حققنا تداولا في العام 2000 يعود الفضل الاكبر فيه لاستخدام الهواتف الجوالة والانترنت".

وخلال هذا الاقتراع اتاحت وسائل الاعلام الخاصة، وخصوصا الاذاعات، بفضل اتصالات مباشرة عبر الهواتف النقالة، نشر نتائج فرز الاصوات مباشرة والحد في شكل كبير من محاولات التزوير.

وفي دكار يتذكر كثيرون ان العديد من الناشطين السياسيين او المواطنين العاديين، سهروا امام مكاتب الفرز للتاكد من احترام ارادة الناخبين.

وظهر فاعلون محليون جدد خلال التعبئة ضد ولاية ثالثة لعبد الله واد بينهم حركة "يونا مار" (سئمنا) التي شكلها شبان معظمهم من مغني الراب، واستوحى منها ناشطون آخرون في بلدان اخرى بافريقيا جنوب الصحراء. 

ويشير الخبراء الى انه مع كل هذه العوامل المحصنة، باتت محاولات التزوير ظاهرة للعيان وترافقها اجراءات مثيرة للجدل مثل قطع شبكات الاتصالات والانترنت او مواقع التواصل الاجتماعي والتضييق على فضاءات الحرية او حظر مراقبة بعض مراحل العملية الانتخابية.

وهذا ما حصل في الانتخابات الرئاسية في الكونغو في آذار/مارس التي فاز فيها الرئيس المنتهية ولايته حينها دنيس ساسو نغيسو حيث "لم يتمكن حتى مراقبو الاتحاد الافريقي من التواصل بشكل صحيح للقيام بمهمتهم كاملة"، بحسب ما لاحظ مبودجي.

بيد ان ماتياس هونكبي يوضح ان هذه الممارسات لا يمكن ان تمنع بشكل كامل نشر وثائق اصلية او بث شهادات بشان حصول تزوير "ويبدو ان من يمسكون بالسلطة تتضاءل قدرتهم على التلاعب بالعملية" الانتخابية.