حض مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى سوريا السبت المعارضة السورية على قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه واشنطن وموسكو. في وقت ردت المعارضة السورية بحذر على إعلان الاتفاق الذي يمكن أن تؤدي إلى تعاون عسكري غير مسبوق بين أميركا وروسيا.

بيروت: حض مبعوث الولايات المتحدة الخاص الى سوريا السبت المعارضة السورية على قبول اتفاق وقف اطلاق النار الذي توصلت اليه واشنطن وموسكو وفقًا لرسالة حصلت فرانس برس على نسخة عنها.

وفي الرسالة الى فصائل المعارضة السورية المسلحة، رأى المبعوث مايكل راتني ان اتفاق الهدنة "أفضل وسيلة لدينا لإنقاذ الأرواح". ومما جاء في الرسالة "نعتقد أن هذه الهدنة لديها الإمكانية لأن تكون أكثر فاعلية من سابقتها، وذلك لأن لديها القدرة على وقف الضربات الجوية السورية ضد المدنيين السوريين وقوات المعارضة".

اضاف "والشيء الأكثر أهمية هو اننا نود الحصول على تأكيد منكم أنكم مستعدون للإلتزام بهذا الإتفاق". واتفاق الهدنة الذي توصل اليه وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف سيدخل حيز التنفيذ الاثنين اول ايام عيد الاضحى.

ورد ايضا في الرسالة ان الهدنة التي تشمل جميع أنحاء البلاد تبدأ إعتباراً من الساعة 19,00 بتوقيت دمشق من يوم الأثنين (16,00 ت غ)، 12 سبتمبر. والخطة لهذه الهدنة أن تستمر لفترة أولية مدتها 48 ساعة. واضاف راتني "وبعد ذلك، اذا استمرت بالصمود بما يحقق رضى الولايات المتحدة وروسيا، سيتم تمديدها الى فترة يتم الاتفاق عليها، ويمكن أن تكون الى أجل غير محدد".&

وتابع ان "أي انتهاكات للهدنة سيتم التعامل معها وفقاً لإتفاق الهدنة الأصلي" الذي تم التوصل اليه في فبراير. وكان اتفاق الهدنة في حينها والذي تم التوصل اليه بوساطة من موسكو وواشنطن، ساهم في تراجع اعمال العنف في سوريا لكنه لم يصمد. وكان في امكان فصائل المعارضة وقوات النظام الابلاغ عن خروقات الهدنة الى مركز تديره روسيا في قاعدة حميميم العسكرية في محافظة اللاذقية او الى الولايات المتحدة.

قبول حذر
وكانت المعارضة السورية ردت بحذر السبت على إعلان الجانبين الأميركي والروسي الاتفاق على هدنة في سوريا يمكن ان تؤدي الى تعاون عسكري غير مسبوق بينهما ضد "الجهاديين".

واعلن وزيرا الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف اللذان يدعم بلداهما اطرافا متحاربين في سوريا مساء الجمعة الاتفاق على اعلان هدنة تدخل حيز التنفيذ الاثنين لتتزامن بذلك مع اول ايام عيد الاضحى.

واعربت بسمة قضماني من الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم ابرز مكونات المعارضة والفصائل المقاتلة في سوريا في ان يشكل الاتفاق "بداية نهاية معاناة المدنيين". وأسفر النزاع السوري عن سقوط اكثر من 290 الف قتيل ونزوح الملايين منذ مارس 2011، بينما يعيش مئات الاف الاشخاص داخل مدن محاصرة في ظروف مروعة.

صرحت قضماني لوكالة فرانس برس بالقول "ننتظر ان تقنع روسيا النظام بضرورة الالتزام بالاتفاق، ولا نتوقع ان يقوم النظام بذلك بملء إرادته". وأضافت "نامل من روسيا ان تنطلق من منطق الحرب الى منطق الحل السياسي"، "فنحن لا نعوّل على النظام اطلاقا" بل "نعوّل فقط على روسيا التي في يدها كل الأوراق".

نزع الأسلحة
وأعلن لافروف الجمعة ان موسكو "أطلعت الحكومة السورية على الاتفاق"، وأن الاخيرة "مستعدة لتطبيقه". وأعرب كيري عن الأمل في أن يتيح الاتفاق "خفض العنف" وفتح الطريق أمام "سلام عن طريق التفاوض وانتقال سياسي في سوريا".

وتسعى القوتان العظميان الى إحياء خطة للسلام أقرتها الاسرة الدولية في نهاية 2015 وتشمل وقفا دائمًا لإطلاق النار وتقديم مساعدات إنسانية وإقرار عملية انتقال سياسي بين النظام السوري والمعارضة.

يتناول الاتفاق الروسي الاميركي في احدى نقاطه مدينة حلب في شمال سوريا التي تشهد وضعا انسانيا مروعا وتسيطر قوات النظام على احيائها الغربية، في حين يسيطر المعارضون على احيائها الشرقية التي شهدت السبت غارات جوية اسفرت عن اربعة قتلى.

ينص الاتفاق على "نزع الاسلحة" من طريق الكاستيلو شمال حلب والتي كانت الفصائل المقاتلة تستخدمها للتموين قبل ان تسيطر عليها قوات النظام في 17 يوليو وتحاصر مواقع المعارضة. كما ينص الاتفاق على ان يتم نقل المساعدات الغذائية عبر هذه الطريق.

ورحب بالاتفاق كل من بريطانيا والاتحاد الاوروبي وتركيا التي بدأت تدخلا عسكريا غير مسبوق في سوريا منذ أواخر أغسطس ضد المقاتلين الاكراد وتنظيم الدولة الاسلامية. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت "من الحيوي ان يتم تنفيذ هذا الاتفاق واحترامه في شكل كامل، وخصوصا من جانب النظام وداعميه".

ضربات مشتركة قريبا؟&
وقال لافروف ان الاتفاق "يسمح بإقامة تنسيق فعال لمكافحة الإرهاب". ورد كيري بأن الولايات المتحدة ستوافق في حال استمرت الهدنة "لمدة اسبوع" على التعاون مع الجيش الروسي.

ويتعين على روسيا ممارسة ضغوط على النظام السوري بينما على واشنطن اقناع من تسميها "المعارضة المعتدلة" بفك ارتباطها بالمجموعات "الجهادية" التي تتحالف معها في محافظتي حلب وإدلب (شمال غرب)، وفي مقدمها جبهة فتح الشام، اي جبهة النصرة قبل ان تعلن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة والتي لا تزال موسكو وواشنطن تعتبرها "ارهابية".

وعلق الباحث في معهد الشرق الاوسط للابحاث تشارلز ليستر على الاتفاق بالقول "احد الاسئلة المهمة هو كيف ستحدد الولايات المتحدة وروسيا المناطق التي تعتبر فيها المعارضة بعيدة بشكل كاف عن جبهة +فتح الشام+، جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، والمناطق التي تعتبر قريبة جدا فيها من فتح الشام وتشكل بالتالي اهدافا مشروعة".

في هذا الصدد، أعلن لافروف تشكيل "مركز مشترك" روسي أميركي لتنسيق الضربات "سيهتم فيه عسكريون وممثلون عن أجهزة الاستخبارات الروسية والأميركية بقضايا عملية: التمييز بين الارهابيين والمعارضة المعتدلة".

وشددت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) في بيان على ان التعهدات المدرجة في الاتفاق "يجب ان تحترم بالكامل قبل اي تعاون عسكري محتمل" مع الروس.

وخلف النزاع في سوريا اكثر من 290 الف قتيل وتسبب بتشريد الملايين بينهم مئات الالاف يعيشون في مدن محاصرة في ظروف مزرية.

ومن هؤلاء اكثر من 250 الف طفل بحسب منظمة "سيف ذي تشيلدرن" التي قالت في هذا الصدد "لا يمكن ان نتخلى عنهم. على القوى الكبرى (...) ان تمارس اكبر قدر من الضغط على اطراف النزاع لتامين ايصال المساعدات" الانسانية الى هؤلاء الاطفال "في شكل فوري".

أبرز النقاط الواردة في الاتفاق
وصف وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاتفاق الهادف الى إرساء هدنة والذي توصل إليه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بانه سيكون "منعطفا مصيريا" في حال تم الالتزام به، بينما قال لافروف انه خلاصة "عمل ضخم".

وفي ما يأتي ابرز النقاط الواردة في الاتفاق الذي سيبدا تطبيقه اعتبارا من الاثنين أول أيام عيد الاضحى، بحسب ما وردت على لسان الوزيرين الاميركي والروسي:

- يمتنع النظام السوري عن القيام بأي اعمال قتالية في المناطق التي تتواجد فيها المعارضة المعتدلة والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام، او جبهة النصرة سابقا.

- وقف كل عمليات القصف الجوي التي يقوم بها النظام في مناطق اساسية سيتم تحديدها، ووقف خصوصا القصف بالبراميل المتفجرة واستهداف المدنيين.

- على المعارضة أن تنضم الى اتفاق وقف الأعمال القتالية.

- يمتنع الطرفان عن شن هجمات وعن محاولة إحراز تقدم على الارض على حساب الطرف الملتزم بوقف إطلاق النار.

- إدخال مساعدات إنسانية الى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، بما فيها حلب.

- ينسحب الطرفان من طريق الكاستيلو شمال مدينة حلب، والتي تعتبر طريق إمداد رئيسة، وإيجاد منطقة منزوعة السلاح في محيطها.

ويتعهد الطرفان بالسماح بعبور المدنيين والمساعدات والحركة التجارية عبر منطقة الراموسة في جنوب غرب حلب.

- يبدا العمل في 12 سبتمبر على إقامة مركز مشترك للتحقق من تطبيق الهدنة، وتشمل التحضيرات تبادل المعلومات وتحديد مناطق تواجد جبهة النصرة والمعارضة. ويعتبر هذا التحديد "أولوية أساسية".

- بعد مرور سبعة ايام على تطبيق وقف الأعمال القتالية وتكثيف إيصال المساعدات، تبدأ الولايات المتحدة بالتعاون مع الروس العمل على هزم تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة فتح الشام. ويتم تنسيق ضربات جوية مشتركة بين روسيا والولايات المتحدة.

- تنحصر العمليات الجوية في المناطق التي سيتم تحديدها للعمليات المشتركة الروسية الاميركية بالطيران الروسي والاميركي ويمنع على اي طيران آخر التحليق فيها.

- يطلب الاتفاق من فصائل المعارضة النأي بأنفسهم كليا عن جبهة فتح الشام وتنظيم الدولة الاسلامية.

- ينص الاتفاق على ان تمارس موسكو ضغوطا على النظام السوري لوقف النزاع وللمجيء الى طاولة المفاوضات. كما ستضغط واشنطن على اطراف المعارضة.

- الوصول في النتيجة الى عملية الانتقال السياسي، "الوسيلة الوحيدة لإنهاء هذه الحرب بشكل دائم".