لا عيد لدى الحلبيين هذا العام، بل هم يحزنون. للعام الخامس على التوالي تغرق مدينتهم في فوضى القتل الممنهج والإرهاب المنظم، ففي كلا الجانبين هم محاصرون ومهددون، لا يحتاجون سوى الحياة، ومهما جاعت أحشاؤهم لن يغنيهم الطعام عن السلام.

إيلاف: يتذكر أهالي حلب كيف&كان العيد في مدينتهم يتجسد في أسواق مزدحمة ونهكات تنبعث من طبخات شعبية ومعجنات حلبية متميزة وصلاة الضحى وأطفال يلعبون في مدن الملاهي. كل هذا اختفى منذ سنوات. وتكفل نظام الأسد بأن تحل محل هذه المسرات مجازر وحمم يُقصف بها الأبرياء من الجو، وحرمان وتجويع. &

لم يختلف بحسب حلبيين العيد هذا العام عن مثيله خلال السنوات الماضية، باستقبالهم الشهر الثالث من الحصار وسط الخراب، رغم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي من المقرر أن يبدأ سريانه مع ساعة الغروب اليوم الاثنين. &

تشكيك في الاتفاق
يقول الناشط مجاهد أبو الجود، الذي يعمل في مركز حلب الإعلامي في الشطر الشرقي من حلب: "إن هناك موتى أو جرحى بسبب القصف في كل مكان تقريبًا. وإذا سألتَ أي أحد في حلب إن كان سعيدًا أو يستطيع أن يكون سعيدًا، فان معظمهم سيقول إن ابني مات أو إنه لن يكون معي هذا العيد، أو زوجتي قُتلت، والذين لم يفقدوا أحدًا يعيشون في رعب، ومن يعيش في رعب لا يستطيع أن يكون سعيدًا".&

ومن المقرر أن يخفف نظام الأسد حصاره للمناطق الشرقية من حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة حلب بموجب اتفاق وقف إطلاق النار للسماح بدخول مساعدات إلى المدينة الجائعة. لكن كثيرين على الأرض يبدون شكوكًا في جدوى اتفاق وقف إطلاق النار، وما إذا كان سيؤدي إلى فك الحصار عن مدينتهم.&

وكان نظام الأسد تمكن من فرض حصار على الشطر الشرقي بمساعدة حزب الله اللبناني والضربات الجوية الروسية حين قطع الطريق الوحيد لمرور الإمدادات والمؤمّن من الشمال. &

تطهير عرقي
وتمادى النظام في جرائمه ضد المدينة خلال الأيام الماضية باستخدام قنابل الكلور في قصف حي السكري في شرق حلب، حيث قالت مصادر محلية إن القصف أسفر عن إصابة 80 شخصًا على الأقل بسبب استنشاق الغاز ومقتل شخصين اختناقًا، أحدهما فتاة صغيرة.

قال الدكتور أسامة أبو عز في اتصال مع صحيفة الغارديان من مدينة حلب، حيث يعمل طبيبًا، إن النظام يستخدم "أسلحة كيميائية وقنابل فسفورية وعنقودية وفراغية، وهناك ربع مليون إنسان يتعرّض إلى كل صنوف القتل". &

أضاف الدكتور أبو العز أن النظام يحاول "إفراغ المدينة من سكانها في شكل من أشكال التطهير العرقي. كل هذه الجرائم والمجتمع الدولي متواطئ، إما من خلال صمته أو مشاركته الفاعلة، كما في حالة روسيا وإيران". &

أزمة الوقود
لم يبق من غذاء سوى الأرز أو البرغل لغالبية السكان في حلب. ولم يعد الأطباء قادرين على المجيء لعلاج الجرحى الذين تستمر أعدادهم في الارتفاع، أو نقل المرضى والمصابين إلى أماكن، مثل الحدود التركية، حيث يمكن علاجهم. وتعاني المدينة نقص الأدوية والمعدات الطبية، الأمر الذي يفاقم حالة المصابين بأمراض مزمنة، وهم ضحايا لا يُدرجون في عداد المصابين.&

وقال الدكتور أبو العز إن الأطباء بدأوا يرون حالات متزايدة من سوء التغذية، ولم يبق إلا القليل من حليب الأطفال في المدينة. &ومن دون كهرباء تقف منشآت تنقية الماء ومضخات التوزيع عاطلة عن العمل ليبقى السكان بلا ماء صالح للاستهلاك البشري.&

حلب المنسية تقاوم العنف بكل ما أوتيت من وسائل

هناك أزمة وقود وما تبقى من مستشفيات لم يدمرها قصف النظام بالكامل ستنفد احتياطاتها من وقود الديزل في غضون شهرين على الأرجح. ويقول أبو الجود إن مدينة حلب "في حالة شلل" وسط الخراب، مشيرًا إلى توقف السكان عن استخدام سياراتهم والبقاء حبيسي أحيائهم لا يستطيعون التنقل خارجها.&

هزيمة مدمرة
كانت حلب دائمًا ذات أهمية رمزية هائلة. وإذا خسرت قوات المعارضة معركة حلب فإن مقاتليها سيضطرون إلى الانسحاب والانتشار في أريافها مع ترك مراكز المدينة لنظام الأسد. ومن شأن هذا أن يدفع عشرات الآلاف إلى النزوح هربًا من جنود النظام باتجاه الحدود التركية. &

قلة من سكان حلب تراهن على مناورات القوى الكبرى والمصالح الجيوسياسية لإنقاذها من هذا المصير، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وروسيا. وبحسب الناشط أبو الجود فـ"ليس هناك عيد في حلب، ليس هناك أي فرح". &

أعدت "إيلاف" هذه المادة نقلًا عن صحيفة الغارديان
يمكنكم قراءة المادة الأصل على الرابط:

https://www.theguardian.com/world/2016/sep/11/syrian-people-of-aleppo-prepare-for-eid-under-siege