إيلاف من الدار البيضاء: خرج المئات من المغاربة صباح الأحد في مسيرة بالدار البيضاء، ضد حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الاسلامية، الذي يقود الحكومة الحالية، مطالبين بعدم أخونة الدولة والمجتمع، وذلك استجابة لدعوة مجهولة المصدر روج لها في مواقع التواصل الاجتماعي، على بعد أيام من الانتخابات النيابية المرتقبة في 7 أكتوبر المقبل.

ورفع المتظاهرون لافتات وشعارات مناهضة لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، كتب عليها "لا لأسلمة المجتمع" و"حكومة الدعارة قهرت الفقراء" و"زيرو( صفر) ابن كيران".

وكان رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، قد وجه أمس السبت نداء إلى مناضلي حزب العدالة والتنمية والمتعاطفين معه بعدم الالتفات إلى المسيرة التي خرجت ضدهم، متهمًا جهات يفترض أن تكون محايدة بالوقوف وراءها، وهو ما اعتبر إشارة واضحة لوقوف وزارة الداخلية وراء هذه الخطوة غير المسبوقة في مواجهة الأحزاب السياسية قبل الانتخابات.

وزير العدل يطلق النار على الداخلية 

وفي أقوى الردود حول مسيرة الدار البيضاء، خرج وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، عن صمته وأعلن في تدوينة على صفحته على فيسبوك "حاليًا على بعد ثلاثة اسابيع من انتخابات 7 أكتوبر تقع عجائب وغرائب...!!!
وزير العدل والحريات لا يستشار ولا يقرر في شأن ذلك مما يعني أن أي رداءة أو نكوص أو تجاوز أو انحراف لا يمكن أن يكون مسؤولاً عنها"، الامر الذي عدّه مراقبون طعنًا واضحًا في مصداقية الانتخابات ، واتهامًا لوزارة الداخلية بالاستفراد بتدبير العملية الانتخابية التي كلف الملك محمد السادس رئيس الحكومة بالإشراف المباشر عليها.

وأضاف الرميد، في تدوينة سيكون لها ما بعدها على الساحة السياسية المغربية، "خلال الانتخابات الجماعية (المحلية والجهوية) السابقة كان وزير العدل والحريات يقرر مع وزير الداخلية في كل ما يتعلق بالشأن الانتخابي.."، فيما يحدث العكس في الانتخابات التشريعية التي ستحدد من سيقود البلاد في المرحلة المقبلة.

وزير الداخلية يتحدث عن سوء فهم 

وردًا على تدوينة الرميد الفايسبوكية، أكد محمد حصاد على أن "الأمر مرتبط بـ"سوء فهم" من طرف الوزير الرميد.

وقال حصاد، في تصريحات لموقع هسبريس المغربي، إن "نطاق اللجنة المركزية لتتبع الانتخابات، التي أشتغل فيها مع وزير العدل والحريات، عرف دومًا أداءً يسِمه الاحترام التام، سواء من جهتي أو من جهته، ودائمًا ما وجدنا حلولاً للمشاكل التي طرحت في الانتخابات الجماعية والجهوية، أو تلك التي تطرح خلال الإعداد للانتخابات النيابية المقبلة".

واعتبر وزير الداخليّة أن ما أعلنه الرميد يرتبط بـ"سوء فهم يخصّ المسيرة التي عرفتها، اليوم الأحد، شوارع مدينة الدار البيضاء"، وزاد قائلاً: "الرميد آخذ عليّ، وعلى وزارة الداخلية، ما اعتبره وجودًا ليد إدارتنا في هذه التظاهرة، وأنني لم أستشر معه بخصوص الترخيص للاحتجاج من عدمه".

وشدّد حصاد على القول إن "الدعوة إلى هذا الاحتجاج استهلت الجمعة من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، واستمرّ ذلك أمس السبت، ولم تتوصل وزارة الداخلية بأي طلب رسمي للترخيص"، مشيرًا الى ان وزارة الداخلية " أقدمت بمجرّد علمها بهذا التحرّك الاحتجاجيّ، على التشاور مع كل المصالح الأمنيّة".

واوضح حصاد قائلاً "كان توافق الجميع على أن هذه المرحلة السابقة للانتخابات التشريعيّة لا تسمح بمنع تظاهرة بهذا الشكل، وذلك لتفادي وقوع انفلاتات، فتم الوصول إلى قرار بعدم الترخيص للتظاهرة، باعتبار وزارة الداخلية لم تتوصل بأي طلب يهم ذلك، وكذا عدم منعها؛ لما يتطلبه ذلك من توفير حزمة إمكانيات أمنيّة للتصدّي، وهو ما لم نرغب في اللجوء إليه".

وقال وزير الداخلية المغربي إن "احتجاج اليوم الأحد بالدار البيضاء جرى التعامل معه بليونة من طرف وزارة الداخلية، وكان الهدف هو مروره في ظروف آمنة، تشرّف انفتاح المغرب على مختلف تعبيرات المجتمع، ومن يقولون إن يدًا خفية لوزارة الداخلية حركت المتظاهرين، مخطئون".

وأردف حصاد قائلاً بأن المستوى التنظيميّ للمسيرة التي شهدتها الدار البيضاء خير دليل على أن لا يد للوزارة أو السلطات وراءها، بفعل استنادها إلى تحرك وراءه جمعيات، كل واحدة تنقلت من منطقتها بألوانها الخاصّة، في نطاق التظاهر السلمي الذي تعرفه المملكة دائمًا".

مرحلة عابرة 

وكشف حصاد أنه ربط الاتصال مع وزير العدل والحريات، فور تسجيل موقفه من خلال "فيسبوك"، وقال: "أعربت للوزير الرميد عن أملي بأن يكون سوء التفاهم المذكور مرحلة عابرة، ولي اليقين أننا سنبقى نشتغل في نطاق تعليمات الملك محمد السادس التي أعطاها لهذه اللجنة الحكوميّة كي تسهر على ما تبقّى من المسلسل الانتخابي بالمملكة".

وزاد حصاد قائلا إن "عمل اللجنة المركزية لتتبع الانتخابات تلك لن يقف بمجرد وقوع سوء تفاهم من هذا النوع، خاصّة أنّ كل العقبات التي تواجهنا ينبغي التحرّك بنيّة تجاوزها"، وتابع قائلاً "سنحاول الاشتغال على محطّة 7 أكتوبر الانتخابيّة، كما اشتغلنا على الانتخابات الماضيّة".

واضاف حصاد "إذا رأى وزير العدل وجود أي اختلال لا يودّ تحمل مسؤوليته فإنّه يتوفر على سلطة كاملة خارج اللجنة المركزية لتتبع الانتخابات، من خلال وكلاء النيابة العامّة، لتحريك أي مسألة يراها خارج السير العادي للاشتغال، وبالتالي ضمان تحقيق فيها، ولا إشكال لوزارة الداخلية في مسايرته ضمن هذا المسار".

وخلص وزير الداخلية الى القول "نتداول في كل الإشكاليات داخل اللجنة، وأؤكّد أن أي معطى يحتاج نقاشًا أو بحثًا، فإنّ وزارة الداخلية مستعدّة لأي إجراء يدقق فيه ويخلص إلى حلول بشأنه، وإن بدا العكس فيمكن لصلاحيات الرميد أن تضمن له اللجوء إلى وسائل وزارة العدل والحريات بهذا الخصوص".

الاصالة والمعاصرة: لا علاقة لنا بمسيرة الدار البيضاء

وخلفت مسيرة الدار البيضاء موجة واسعة من الانتقادات والردود الغاضبة من مزاعم حول تجييش رجال وزارة الداخلية للمواطنين وحشدهم للمشاركة في المسيرة ضد حزب العدالة والتنمية.

واعتبر المراقبون أن الخطوة تعيد إلى الأذهان الأساليب القديمة التي كانت توظفها الدولة في التحكم في الخريطة الانتخابية وتوجيه الرأي العام للتصويت على الحزب الذي تريده، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة.

مسيرة الدار البيضاء صباح الأحد

في سياق ذلك، أعلن الناطق الرسمي باسم حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، خالد أدنون، في تصريح لوسائل الإعلام، أنه بالنسبة لمسيرة الدار البيضاء اليوم الاحد، لم يتلقَ حزب الاصالة والمعاصرة أية دعوة بالمشاركة من أية جهة، كيفما كانت ، كما أنه لم يوجه الدعوة لأي كان بالمشاركة من عدمها.

وأضاف الناطق الرسمي باسم الحزب أن "الأصالة والمعاصرة "يجدد بالمناسبة التأكيد على أنه مع، ويدافع عن حرية الرأي والتعبير ، متى احترمت الضوابط والقوانين الجاري بها العمل.

من جهته، اعتبر عصام الرجواني، القيادي الشاب في حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، موقف وزير العدل والحريات "انتفاضة ضد ممارسات وغرائب

وعجائب وزارة الداخلية، بقدر ما فيها من الصراحة والجرأة والمسؤولية.. إلا أنها مؤشر خطير على أن الأزمة أكبر مما كنا نتوقع". وأضاف: "انتفاضة الرميد ليست سوى طعن أولي في محطة كنا نتمنى أن تفتح حاضر المغرب على المستقبل، وتعزز اختيار الطريق الثالث الذي يبدو للأسف أنه على مشارف الانحراف".

تحذير من تجربة مصر

وذهب الكثير من أنصار حزب العدالة والتنمية في مواقع التواصل الاجتماعي إلى اعتبار مسيرة الدار البيضاء محاولة لاستنساخ التجربة المصرية في الانقلاب على الشرعية بالمغرب، محذرين من مجاراة التحكم وأدواته في مخططهم، وطالبوا رئيس الحكومة ووزير العدل بتحمل مسؤوليتهما والصمود في مواجهة أساليب وزارة الداخلية وعدم السماح لها بالتلاعب في نتائج الانتخابات.

مسيرة الدار البيضاء