اهتمت صحف عربية باتفاق الهدنة في سوريا الذي وقعته موسكو وواشنطن في جنيف ودخل حيز التنفيذ ابتداءً من يوم الاثنين الماضي.

وظهرت نبرة من التشكيك في إمكانية صمود الاتفاق لمدة طويلة، في ظل اتهامات متبادلة من الطرفين بخرق وقف إطلاق النار.

ففي "الأهرام" المصرية، شكك محمد عبد القادر في إمكانية أن تتحول الهدنة إلى اتفاق طويل الأجل، وذلك لما قال إنه معضلتان.

وبحسب الكاتب، فإن المعضلة الأولى هي أن الاتفاق لا يُلزم أيّا من طرفي النزاع "أو غيرِهما من قوات على الأرض" به، ولا يفرض "أي عقوبات على الطرف المخالف له".

أما المعضلة الثانية فهي أن الاتفاق في مجمله "لم يعبر سوى عن ترتيبات عسكرية روسية-أمريكية تقوم على خطوات مشتركة لبناء الثقة المفتقدة ما بين الجانبين".

وأشار الكاتب إلى أن الاتفاق حقق لروسيا والولايات المتحدة "أهدافهما المرحلية في ظل انشغالِهما بالداخل في الفترة المقبلة، حيث الانتخابات البرلمانية الروسية والرئاسية الأمريكية".

وأضاف أن الدولتين ترغبان في "كبح جماح الفاعلين الإقليميين، خاصة تركيا وإيران، ومن ثم ضمان للجميع حصته على الأرض".

وحذر من أن "استمرار اختلاف الأهداف ما بين البلدين تجاه الأزمة هو ما قد يقف حجر عثرة أمام تنفيذ كامل بنوده، مثلما حدث في السابق".

أما صحيفة "الشرق" القطرية فحذرت من أن الهدنة "على وشك الانهيار".

وقالت إنه "بين التعنت الروسي والانتقادات الأمريكية، بشأن تنفيذ الاتفاق، تزداد معاناة الشعب السوري، بسبب الحصار وعرقلة المساعدات من جهة، والقتل جراء القصف والغارات الجوية من جهة أخرى".

وأضافت أن "المساومات التي تدور بين القوى الكبرى لتحقيق مصالحَ وأجنداتٍ خفية على حساب الدم السوري، والتباطؤ في دفع الأطراف المعنية للدخول في عملية سياسية تفضي إلى اتفاق سلام شامل يلبي ويحقق تطلعات الشعب السوري، يكشف عن عمق الأزمة التي يعيشها المجتمع الدولي، ولا أخلاقية النظام الدولي".

من ناحية أخرى، انتقدت صحيفة "الوطن" العمانية "تلكؤ" الولايات المتحدة في الالتزام ببنود الاتفاق.

واتهمت الصحيفة في افتتاحيتها الولايات المتحدة بـ"شراء الوقت اللازم لمواصلة العبث بالدم السوري، وذلك في دعم التنظيمات الإرهابية؛ لكونها القوى التي تحارب بالوكالة عنها ومعسكرها الدولة السورية وحلفاءها".

وانتقدت الصحيفة "التلكؤ الأميركي ومحاولة واشنطن تغطيته... بسبك الاتهامات الباطلة ونسج الافتراءات المضللة ورميها تارة على روسيا الاتحادية بأنها عاجزة عن ممارسة ضغط أكبر على الحكومة السورية وعلى الجيش العربي السوري فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، وتارة برميها على الحكومة السورية والجيش العربي السوري بأنهما يعرقلان دخول هذه المساعدات".

واعتبرت الصحيفة أن "هذا التلكؤ لا يعبِّر فقط عن عدم جدية واشنطن تجاه الاتفاق وتنفيذ بنوده بندًا بندًا، وإنما يؤكد وجود شيء ما يدور في عقل الأميركي يعمل على تحقيقه عبر الاتفاق".

أزمة "جغرافيا"

وفي موضوع آخر، اهتمت صحف جزائرية بما سمّاه البعض "فضيحة" الصفحة 65 من كتاب الجغرافيا الموجه للسنة الأولى متوسط، والمتعلقة بإدراج إسرائيل مكان فلسطين في خارطة العالم.

ففي صحيفة "الشروق"، عدّ جمال لعلامي ما حدث بأنه "فضحية بجلال" أو "مهزلة...لا ينبغي أن تتوقف عن عتبة الناشر".

وطالب الكاتب باستدعاء المؤلفين ولجنة القراءة والمراقبين، مضيفًا أنه "بالتحقيق الجاد سيُـكتشف إن كان الأمرُ مؤامرة أم مغامرة أم مقامرة".

وقال لعلامي إنه "مهما كانت الإجابة، فإن الذي حدث لا يُغتفر، وسواءٌ اعتذر الناشرُ أم المؤلفُ أم لجنةُ القراءة أم حتى الوزيرةُ نفسها".

وحذر الكاتب مما سمّاه "تقديم كباش الفداء"، قائلا إن "الأنفع لهؤلاء عدم اللعب بالنار".

أما حَدَّة حزام، مديرة النشر في جريدة "الفجر"، فقللت من حجم المشكلة وطرحت أسئلة عن "المشاكل الحقيقية" في المدارس الجزائرية.

وقالت "لو ركزت هذه الضجة المثارة حول ما سمي بفضيحة الصفحة "65" من كتاب الجغرافيا، على النقائص الأخرى التي تعانيها المدرسة الجزائرية، لكنا تجاوزنا الكثير من الصعوبات وأنقذنا الكثير من التلاميذ من التسرب المدرسي، ولكنا تقدمنا في مستوى التحصيل".

وتساءلت الكاتبة "لمَ لمْ يُـثـِر هؤلاءِ ضجةً حول إهمال التغذية المدرسية... وغياب التدفئة في المدارس... والبناءات المتدهورة... والاكتظاظ في المدرسة الذي يعود سلبا على مستوى التلاميذ ويرهق الأساتذة؟".

ومضت قائلة "هل من فكر في مصير الآلاف الذين ترفضهم المدارس سنويا، ويجدون أنفسهم في الشارع فريسة للمخدرات والجريمة؟"

واستطردت إلى القول "لا أحد يطرح القضايا الحقيقية التي وجب طرحها مع كل دخول مدرسي. صارت هناك 'لجان قراءة' تُنصب في كل بيت للبحث عن الأخطاء في الكتب الجديدة وإثارة ضجة حولها للنيل من الوزير أو الوزيرة وننسى في كل مرة المعركة الحقيقية التي تجعل من المدرسة فضاء لبناء رجل الغد".