عبد الرحمن الماجدي: ألقى قصف مقاتلات أميركية مواقع للجيش السوري في دير الزور، يوم السبت الماضي، 17 سبتمبر الجاري، وسقوط عشرات القتلى السوريين، الكثير من الشك على نجاح الاتفاق الأميركي الروسي الذي توج بوقف قلق لإطلاق النار في حلب وجوارها، وأعاق انطلاق حافلات الاغاثة التي ظلت تنتظر على طريق الكاستيلّو&لدخول المناطق المنكوبة في الشمال السوري عبر هذا الطريق، الذي تتناهبه نيران المتحاربين الفتاكة.

التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، نفى، في وقت لاحق، أن يكون قد تعمد استهداف مواقع الجيش السوري، قائلاً إن "القصف قد يكون عن طريق الخطأ"، وأعلن أنه علق ضرباته الجوية قرب دير الزور.

لكن وزارة الدفاع الروسية شككت بالنفي الأميركي أنه في حال كانت هذه الضربات قد نفذت بطريق الخطأ، فإن ذلك يؤكد موقف واشنطن المتصلب من تنسيق العمليات مع الجانب الروسي.

هذا القصف الذي أودى بحياة عشرات الجنود السوريين وتدمير عدد من الآليات العسكرية لم يكن الأول في الحرب السورية، ففي الـ6 ديسمبر 2015، وجهت طائرات تابعة للتحالف الدولي ضربة إلى المعسكر الميداني للواء 168 في الفرقة 7 بالجيش السوري، والذي يبعد كيلومترين غرب مدينة دير الزور. كذلك شنت طائرات أميركية في الـ 3 من أغسطس الماضي غارات جوية للدفاع عن مقاتلي المعارضة السورية الذين دربهم الجيش الأميركي في مواجهة أي جهة كانت بما في ذلك القوات المسلحة السورية. لكن أهمية هذا القصف تكمن في تزامنه مع الاتفاق الذي لا تزال بنوده سريّة بتشدد من الولايات المتحدة، حيث رفضت مناقشة تفاصيله داخل أروقة، مبررة رفض إطلاع مجلس الأمن على تفاصيل الاتفاق الخشية من أن يؤثر ذلك على إيصال المساعدات الإنسانية.

مشاركة كبيرة

وقد قال ممثل البعثة الأميركية في مجلس الأمن: "نحن نركز الآن على تنفيذ الاتفاق (الروسي - الأميركي)، وبخاصة في ما يتعلق بالحاجة الماسة لإيصال المساعدات الإنسانية، وبما أننا لم نتمكن من الاتفاق على نهج لإعلام مجلس الأمن، الأمر الذي من شأنه أن ينتهك الإجراءات الأمنية للتحضيرات، فقد تم إلغاء الاجتماع، ونتوقع مشاركة كبيرة في قمة بخصوص سوريا الأسبوع المقبل، عندما يجتمع قادة العالم في نيويورك".

الرفض الأميركي لنشر أو مناقشة بنود الاتفاق كان مصدر تشهير روسي بالخصم العتيد الاميركي، فقد أعلنت وزارة الخارجية الروسية "أن موسكو تسعى إلى الكشف عن تفاصيل اتفاقها مع واشنطن حول سوريا أمام مجلس الأمن الدولي وتبني قرار دولي يدعم هذا الاتفاق الرامي إلى وقف إطلاق النار في سوريا وتفعيل المفاوضات والعملية السياسية من أجل تسوية الأزمة في سوريا".

وكان كل من وزيري الخارجية الروسي سيرغي ونظيره الأميركي جون كيري التقيا في جنيف يوم الجمعة، التاسع من شهر سبتمبر الجاري، وخاضا أعقاب مفاوضات مضنية استغرقت 14 ساعة، توج هذا اللقاء بتوقيع 5 وثائق، تحتوي على اتفاقات، تم التوصل إليها بين الطرفين بغية استئناف العملية السياسية، ما سيتيح تهيئة الظروف المطلوبة لإخراج التسوية السورية من طريق مسدود.

وقد دخل الاتفاق حيز التنفيذ في 12 سبتمبر، بعد الاعلان عن دخول الهدنة لمدة 48 ساعة لتمديدها لاحقًا للفترة نفسها، ثم ستمتد على أساس دائم.

أزمة ثقة

وكان سيعقب تمديد الهدنة ودخول حافلات الاغاثة للمناطق المنكوبة، تشكيل مركز روسي أميركي مشترك لتنسيق الضربات ضد تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، وغيرهما من التنظيمات الإرهابية في المناطق المتفق عليها التي سيتوقف الطيران السوري فيها عن عمله.

لكن أزمة الثقة بين الطرفين، وهي سمة كل الأطراف المتورطة في سوريا، ألقت بظلالها على قطبي الاتفاق، الذي تجري جهود حثيثة من أطراف أممية للمضي به قدماً كي يكون تمهيداً لحل سياسي في هذا النزاع الذي أنهك جميع الأطراف، وباتت تبحث عن حلّ بأقل نسبة من التنازلات، التي انطلقت لعبة عض الأصابع فيها، منذ الاعلان عن الاتفاق الروسي الأميركي كأكبر قوتين فيه، ويمتلكان سطوة على حلفائهما.&

لكنّ لقرّاء "إيلاف" رأياً متشائماً حيال هذا الاتفاق، الذي يأتي على خلفية اتفاقات سابقة كان مصيرها الانهيار، لكن معظمها كانت برعاية أممية.

فقد وجد 77,64% (757) من القرّاء أن الاتفاق الروسي الأميركي لن يحقق السلام في سوريا وخالفهم ما نسبتهم 22,36% (218)، متوقعين نجاح الاتفاق في وضع حد للحرب السورية التي استمرت نحو خمس سنوات، تسببت بمقتل الآلاف وتشريد الملايين، ناهيك عن الدمار الكبير الذي لحق بالبنيتين التحتية والفوقية. وقد شارك في الاجابة على سؤال استفتاء "إيلاف" للاسبوع الماضي (975) شخصًا.
&