ايلاف من بيروت: لا تبدو أميركا على عجلة من أمرها للوصول إلى المريخ، على الرغم من أننا توقّعنا في عام 1969، أي بعد وقت قصير من هبوط أبولو 11 على سطح القمر، أن تطأ أقدامنا سطح الكوكب الأحمر قبل عام 1975. ماذا حدث إذًا؟&

تكمن المشكلة في الافتقار إلى الإرادة والمال، فضلًا عن أن بُعد المريخ عن الأرض يجعل إدراكه أصعب بكثير من القمر. فعندما يكون القمر في أبعد نقطة له عن الأرض، لا تفصلهما إلا مسافة 402 ألف كلم، بينما تبلغ أبعد مسافة بين الأرض والمريخ 402 مليون كلم (250 مليون ميل).&

تجارب تحضيرية&

لكنّ وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) تبذل قصارى جهدها لحل المشكلة. فرواد الفضاء يمضون عامًا كاملًا على متن المحطة الفضائية الدولية لدراسة أثر انعدام الجاذبية على جسم الإنسان إذا تعرّض لها وقتًا طويلًا. ووفقًا لما نشرته مجلة تايم الأميركية هذا الأسبوع، تقوم الطواقم الأرضية بالتحقق من الأثر النفسي للرحلة من خلال العمل أوقات طويلة مماثلة على الأرض والبقاء بين عشية وضحاها في محاكاة لمحطة مريخية في هاواي. ومع أن الرحلة إلى المريخ لن تحدث قبل عام 2030 في الأقل، بتنا نعرف اليوم أي مسار ينبغي اتخاذه للتحليق نحو الكوكب الأحمر، وما هي السفن الفضائية والآلات التي نحتاج إليها.

نظام إطلاق جديد

تعتمد المركبة المتينة التي تستخدمها ناسا في رحلتها إلى المريخ على نظام الإطلاق الفضائي الجديد SLS، وهو عبارة عن صاروخ يتم الآن بناء نوعين منه: الأول صغير يستطيع نقل حوالى 70 طنًا متريًا من الحمولة والتحليق بطاقم رواد الفضاء في مدار أرضي منخفض؛ والثاني مركبة إطلاق ثقيل تتحمّل وزنًا ثقيلًا يوازي تقريبًا ضعفي وزن حمولة الصاروخ الصغير. وقبل مغادرة رواد الفضاء الأرض، تنطلق مركبات الوزن الثقيل فتترك له المعدّات الضرورية على طول الطريق نحو المريخ.&

بالنسبة إلى الطاقم المتجه إلى المريخ، فسيكون مؤلفًا من 4 أشخاص، بينهم رائد فضائي أو إثنان من إحدى الدول المشاركة في الأعمال ومساهمة في التكاليف التي تتطلّبها المهمة. سينطلق الرواد على متن صاروخ أصغر ينقلهم إلى الفضاء على متن مركبة أوريون، وهي نوع من سفينة أبولو قمرية للقرن الـ21، يتم بناؤها حاليًا.&

الطريق إلى المريخ

سيبقى الطاقم لوقت قصير في المدار الأرضي للتأكد من صحة عمل الأنظمة، ثم ينطلق في رحلة إلى المريخ تستغرق 7 أشهر. لكن عليه أولًا أن يعرّج على القمر. فبعد 3 أيام من الانطلاق، ينبغي أن يتّجه نحو القمر ليحمل معه وحدة سكن بحجم حافلة تركتها هناك مركبة SLS ثقيلة الوزن في مدار قمري. هذه محطة لا بد منها، فأوريون يفوق مركبات الأبولو القديمة حجمًا من الداخل، ويعتبر ملائمًا للرحلات القصيرة، غير أن الطاقم يحتاج إلى مساحة أوسع للتنقل في رحلة بين الكواكب. وعندما يصل الرواد إلى المريخ بعد رحلة تستغرق 217 يومًا، وفقًا لتوقعات ناسا، يجدون في المدار المريخي وحدة هبوط شبيهة بتلك التي وجدوها على سطح القمر، تركتها لهم هناك مركبة SLS. يستقل الرواد الأربعة تلك الوحدة ويهبطون على سطح المريخ وسيصبح أحدهم أول شخص تطأ قدمه المريخ. مستحيل تحديد هويته منذ الآن، لكنّه سيكون على الأرجح شخصًا مشهورًا في أواخر سن المراهقة أو أوائل سن الرشد.

هل سيعلق الرواد على المريخ؟

في هذه الزيارة الأولية، ستكون فترة البقاء على المريخ قصيرة نسبيًا، 30 يومًا أو أقل، لأنّ المسافة بين الأرض والمريخ تتغيّر طيلة الوقت وفقًا لمداري الكوكبين، فتتقلّص أحيانًا من 250 مليونًا إلى 34 مليون ميل (55 مليون كلم). إذًا، سينطلق الطاقم من الأرض عند اقتراب تراصف الكوكبين، ثم يغادر المريخ قبل أن تكبر المسافة بين الكوكبين مجددًا. وإذا تخطّت فترة البقاء هناك 30 يومًا، سيبقى الطاقم عالقًا في المريخ سنة كاملة في انتظار حدوث التراصف الكوكبي المناسب مجددًا.&&&

يغادر الرواد المريخ على متن وحدة الصعود إلى المدار التي وضعت هناك مسبقًا لهذا الغرض. وعندما يصبحون في المدار المريخي، يهجرون وحدة الصعود خلفهم وينتقلون إلى أوريون ووحدة السكن للعودة إلى كوكبهم الأم.

وبعد 7 أشهر، يتركون وحدة السكن على سطح القمر ليستخدمها الطاقم التالي، ثم يكملون رحلة العودة إلى الأرض ويفتحون مظلات الهبوط ليحطوا على سطح الماء بمركبة أوريون الفضائية بعد 651 يومًا على مغادرة الأرض.&

هذا ما يجب أن يحصل. لكن بقي أمامنا الكثير من قصّ المعادن وبناء المعدّات، إلى جانب تخصيص المال لهذا المشروع، قبل أن يتحوّل الإنسان بالفعل إلى مخلوق كواكبي. لكنّنا، كما في زمن أبولو، وضعنا الهدف نصب أعيننا ونبذل قصارى جهدنا لتحقيقه.

أعدّت "إيلاف"&المادة عن صحيفة تايم الأميركية

المادة الأصل هنا

&