أعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء تعليق قوافلها الإنسانية في سوريا اثر الغارة الجوية التي استهدفت مساء الاثنين قافلة شاحنات محملة بالمساعدات في ريف حلب الغربي موقعة عددًا من القتلى المدنيين إضافة إلى عضو في الهلال الأحمر.

إيلاف: قال ينس لاركي المتحدث باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية خلال مؤتمر صحافي في جنيف إنه "في إجراء أمني فوري، علقت جميع القوافل بانتظار تقويم جديد للوضع الأمني" في سوريا.

اضاف "انه يوم قاتم جدا للعاملين الإنسانيين في سوريا، لا بل في العالم"، مشددا على أنه "من المهم للغاية أن نتمكن من تبيان الوقائع من خلال تحقيق مستقل". وأفادت الأمم المتحدة أن 18 شاحنة على الأقل من اصل 31 شاحنة مشاركة في قافلة المساعدات الإنسانية دمرت ليل الاثنين، وهي في طريقها الى تقديم المساعدات الإنسانية إلى بلدة أورم الكبرى.

من جهته أعلن متحدث باسم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بونوا كاربنتييه مقتل مدير أحد فروع الهلال الأحمر السوري مع عدد من المدنيين. وقال إن القافلة كانت تنقل مواد غذائية ومساعدات اخرى لحوالى 78 الف شخص.

وأكد أن المساعدات كانت "موجهة إلى أشخاص بأمسّ الحاجة إليها (...) والآن لن تصل هذه المساعدات إليهم" مشددا على أن الهجمات على الطواقم الإنسانية "تؤثر بشكل أوسع على آلاف الأشخاص الآخرين".

وكانت واشنطن حذرت من أن الغارات الجوية التي استهدفت مساء الاثنين قافلة شاحنات محملة بالمساعدات الانسانية في ريف حلب الغربي، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا، تثير تساؤلات حول رغبة موسكو في محاولة إنقاذ الهدنة.

وقال مسؤولون اميركيون إن الضربة نفذت من قبل طائرات النظام السوري أو حلفائه الروس، وعلى موسكو تحمل المسؤولية على كل حال. وافاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية جون كيربي أن "الولايات المتحدة صعقت لدى تلقيها نبأ استهداف القافلة الانسانية بالقرب من حلب اليوم" الاثنين.

وقال مسؤولون إنه لا يمكن ان يكون هناك أي عذر لاستهداف عاملي مساعدات انسانية. وصرح كيربي أن "وجهة هذه القافلة كانت معروفة من قبل النظام السوري والاتحاد الروسي"، مشيرًا الى ان "العاملين في ايصال هذه المساعدات قتلوا خلال محاولتهم ايصال المساعدة الى الشعب السوري".

وكان كيربي يتحدث في نيويورك، حيث يشارك الرئيس باراك اوباما ووزير خارجيته جون كيري في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة. وقال كيربي: "في ضوء الانتهاك الفاضح لوقف العمليات العدائية سنعيد النظر في آفاق التعاون مع روسيا"، في اشارة الى التعاون العسكري، الذي كان يفترض ان يحصل بين واشنطن وموسكو، بموجب اتفاق جنيف الذي ارسى الهدنة في سوريا.

وذهب مسؤولون اميركيون طلبوا عدم كشف هوياتهم ابعد من ذلك. وقال احدهم إن "الروس عليهم مسؤولية الامتناع عن هذا النوع من الاعمال، وعليهم ايضًا مسؤولية منع النظام السوري من القيام بها". اضاف: "لذلك في الحالتين على الروس أن يظهروا بسرعة وبطريقة واضحة انهم ملتزمون بهذه العملية".

وسيحاول وزير الخارجية الاميركي التحدث الى نظيره الروسي سيرغي لافروف قبل اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا الثلاثاء. وحذر مسؤول اميركي من انه اذا كانت روسيا غير جادة في العودة الى الالتزام بما اتفق عليه، فلن تكون هناك عملية سلام انقاذية.

واكد مسؤول آخر طالبًا عدم كشف هويته "نشعر بأن ما جرى اليوم يوجه ضربة قوية الى جهودنا الرامية الى ارساء السلام في سوريا". لكنه رفض الاعتراف في الوقت نفسه بأن الهدنة انتهت.

وقتل 32 مدنياً على الاقل مساء الاثنين في غارات جوية في محافظة حلب في شمال سوريا، بينهم 12 قتيلاً سقطوا في استهداف قافلة مساعدات انسانية في ريف المحافظة الغربي، وذلك بعيد اعلان الجيش السوري انتهاء الهدنة، كما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

وتوصلت واشنطن وموسكو الى اتفاق ينص على وقف لإطلاق النار في سوريا بدأ سريانه مساء 12 سبتمبر، ويستثني مناطق سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة). وتبادلت روسيا والولايات المتحدة منذ ايام الاتهامات حول اعاقة تنفيذ الاتفاق.&

جريمة حرب؟
من جهتها، عبرت الامم المتحدة عن غضبها الاثنين بعد قصف قافلة للمساعدات الانسانية في سوريا، مؤكدة انه اذا ثبت أن الهجوم كان متعمدًا، فقد يعتبر جريمة حرب.

وصرح المبعوث الدولي الى سوريا ستافان دي ميستورا أن "غضبنا من هذا الهجوم كبير جدًا". واضاف أن "هذه القافلة كانت نتيجة عملية طويلة من التراخيص والتحضيرات من اجل مساعدة مدنيين معزولين".

ودعا ستيفن اوبراين مساعد الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية الى اجراء تحقيق. وقال: "دعوني ان أكون واضحًا: اذا تبين ان هذا الهجوم الوحشي كان استهدافًا متعمدًا للعاملين في القطاع الانساني، فسيرقى الى جريمة حرب".

واضاف اوبريان: "لا يمكن أن يكون هناك أي تفسير أو اعتذار أو سبب أو منطق لشن حرب على عاملين انسانيين يحاولون الوصول الى مواطنيهم، الذين هم بحاجة ماسة الى المساعدة".

وكان المتحدث باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك صرح أن هذه الشاحنات كانت ضمن قافلة مساعدات انسانية مشتركة بين الامم المتحدة والهلال الاحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الاحمر.

من جهته، أعرب منسق الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية رياض حجاب خلال اجتماع في نيويورك الاثنين عن اسفه، لأن "العالم يتفرج" على المأساة الجارية في سوريا من دون أن يحرك ساكناً، رافضًا في الوقت نفسه التعليق على اعلان النظام السوري انهيار الهدنة.

ودان وزير الخارجية الفرنسي جان-مارك ايرولت "بأشد العبارات" الغارات الجوية، التي استهدفت مساء الاثنين في شمال سوريا قافلة المساعدات.
&