عمان: بدأت عمليات التصويت في الاردن الثلاثاء في انتخابات تشريعية لتجديد مقاعد مجلس النواب بمشاركة حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للاخوان المسلمين وابرز احزاب المعارضة بعد مقاطعتها انتخابات 2010 و2013.

ودعي حوالى 4,139 مليون ناخب تتجاوز اعمارهم 18 عاما، وتشكل النساء نسبة 52,9% منهم، الى انتخاب اعضاء مجلس النواب الـ130 من بين 1252 مرشحا لولاية من اربع سنوات.

وتأتي الانتخابات فيما يواجه الاردن اوضاعا اقتصادية صعبة ويرزح تحت عبء ازمة اللاجئين الذين تدفقوا بكثافة الى المملكة منذ اندلاع النزاع في سوريا المجاورة عام 2011.

وفتحت مكاتب الاقتراع ابوابها عند الساعة السابعة (04,00 تغ) على ان تغلق عند الساعة 19,00 (16,00 تغ). وبحسب قانون الانتخاب يمكن تمديد العملية الانتخابية لمدة لا تزيد عن ساعتين.

وشهدت مراكز الاقتراع اقبالا ضعيفا في الساعة الاولى. وفي منطقة تلال العلي شمال شرق عمان، قال عبد السلام ابو الحاج (75 عاما) الذي حضر الى المركز الانتخابي بعكازه مرتديا دشداشة بيضاء، لوكالة فرانس برس "أنتخبت لأني أشعر ان هذا واجبي أن أشارك في اختيار من يمثلني في البرلمان".

واضاف "آمل من المرشح الذي انتخبته أن يفي بالوعود التي قطعها من عدالة اجتماعية ومكافحة فساد وتحسين مستوى معيشة المواطن، انا انتخب منذ عقود ولكن آمل أن تكون هذه المرة مختلفة عن سابقاتها". 

من جهتها، قالت سجى العساف (20 عاما) وهي طالبة محجبة "انا انتخب لأول مرة في حياتي، والاقتراع كان سهلا ومنظما". واضافت "بصراحة نحتاج نوابا جددا اقوياء ومؤثرين يعملون من اجل تأمين مستقبل الشباب الذين يعانون من البطالة". 

وكانت دائرة الافتاء الاردنية دعت في بيان بثته وكالة الانباء الاردنية الرسمية (بترا) أمس الاردنيين الى المشاركة في الانتخابات، معتبرة ان "الانتخابات النيابية واجب وطني ومسؤولية عظيمة على الناخبين تأديتها بامانة واخلاص".

ويتنافس 1252 مرشحًا، بينهم 253 سيدة و24 مرشحا شركسيا و65 مرشحا مسيحيا انضموا في 226 قائمة انتخابية، على مقاعد مجلس النواب الـ130. وخصص 15 مقعدا للنساء وتسعة مقاعد للمسيحيين وثلاثة للشركس والشيشان، كما تم تقسيم المملكة التي تضم 12 محافظة الى 23 دائرة انتخابية.

يشار الى ان نحو مليون مغترب، يعمل 800 الف منهم في الخارج، خصوصا في دول الخليج، لن يتمكنوا من الادلاء باصواتهم لعدم توافر الاليات تمكنهم من التصويت في اماكن تواجدهم.

وقال رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات خالد الكلالدة الاثنين انه تم وضع 4883 صندوق اقتراع في 1483 مركز انتخابي في عموم محافظات المملكة. واضاف انه تم نصب خمسة الاف كاميرا لمراقبة عملية العد والفرز.

واوضح ان الانتخابات سيشرف على تنظيمها 80 الف موظف و10 الاف متطوع و676 مراقب دولي و14 الف مراقب محلي. كما سيشرف على أمن العملية الانتخابية 53 الف رجل أمن (30 الف شرطي و23 الف دركي).

واعلن الاتحاد الاوروبي في 15 سبتمبر انه سينشر 66 مراقبا لمتابعة الانتخابات في جميع محافظات المملكة. يضم مجلس الامة في الاردن مجلس النواب الذي ينتخب اعضاؤه كل اربع سنوات، ومجلس الاعيان الذي يعين الملك اعضاءه بموجب الدستور.

مشاركة الحركة الاسلامية المعارضة المنقسمة
اعلن حزب جبهة العمل الاسلامي، في 12 الماضي مشاركته في الانتخابات بعدما قاطع انتخابات عامي 2010 و2013 احتجاجا على نظام "الصوت الواحد" بشكل رئيس.

كان نظام "الصوت الواحد" الذي اتبع منذ منتصف التسعينات ينص على انتخاب مرشح واحد عن كل دائرة على ان تقسم البلاد الى دوائر بعدد اعضاء المجلس النيابي بحيث يكون عدد ناخبي الدوائر متساويا. واقرت الحكومة في 31 اغسطس الماضي مشروع قانون انتخابي جديد الغى قانون "الصوت الواحد" المثير للجدل.

وتشكل مشاركة حزب جبهة العمل الاسلامي، تحديا للدولة التي تحاول استعادة ثقة الشارع بالانتخابات، واختبارا للجماعة التي قاطعت الانتخابات السابقة وتحاول إعادة بناء شرعيتها عبر البرلمان. وتشهد العلاقة بين جماعة الاخوان المسلمين والسلطات الاردنية توترا مع بداية الانتفاضات في دول عربية عدة في ربيع 2011.

وتأزمت العلاقة بين الجماعة والسلطات اكثر بعد منح الحكومة ترخيصا لجمعية تحمل اسم "جمعية الاخوان المسلمين" في مارس 2015 وتضم عشرات المفصولين من الجماعة الام. واتهمت الحركة الاسلامية السلطات بمحاولة شق الجماعة التي تشكل عبر جبهة العمل الاسلامي، المعارضة الرئيسة في البلاد.

تحديات مختلفة
تجري الانتخابات في وقت يواجه فيه الاردن ظروفا اقتصادية صعبة بعدما ارتفع الدين العام الى نحو 35 مليار دولار. وفرض تدفق اللاجئين الى الاردن واغلاق معابره مع سوريا والعراق بسبب النزاعات فيهما، وانقطاع امدادات الغاز المصري، عبئا ثقيلا على اقتصاده المتعثر أصلا، فتخطى الدين العام نسبة 90% من اجمالي الناتج المحلي.

ويستضيف الاردن بحسب الامم المتحدة، اكثر من 650 الف لاجئ سوري مسجلين، فيما تقول السلطات ان عددهم يقارب 1,3 مليونا، اذ ان معظم اللاجئين غير مسجلين لدى الامم المتحدة.

وتقول عمان ان الكلفة، التي تحملها الاردن نتيجة ازمة سوريا منذ اندلاعها عام 2011، تقارب 6,6 مليارات دولار، وانه يحتاج ثمانية مليارات دولار اضافية للتعامل مع هذه الازمة حتى عام 2018. وللاردن مخاوف امنية بسبب النزاع في سوريا والعراق حيث يسيطر تنظيم الدول الاسلامية المتطرف على مساحات واسعة فيهما.

وقتل خمسة من رجال المخابرات الاردنية في هجوم على مكتب تابع لدائرتهم شمال عمان في السابع من يونيو الماضي. واوقع هجوم بسيارة مفخخة استهدف موقعا عسكريا اردنيا يقدم خدمات الى اللاجئين السوريين أقصى شمال شرق المملكة على الحدود مع سوريا، في 21 يونيو الماضي سبعة قتلى.

وحذر العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني يومها ان بلاده ستضرب "بيد من حديد" كل من يعتدي او يحاول المس بأمنها. ويشارك الاردن منذ نحو عامين في التحالف الدولي بقيادة واشنطن لمحاربة "الجهاديين" في سوريا والعراق.