باريس: بدأت رسميا الاربعاء الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي، المرحلة الحاسمة في السباق الى قصر الاليزيه، مع مرشحين يعتبران الاوفر حظا هما الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء السابق الان جوبيه وهما شخصيتان متناقضتان مصيرهما مترابط منذ 40 عاما.

وستنشر الهيئة المكلفة تنظيم هذه الانتخابات التمهيدية المقررة في 20 و27 نوفمبر، قائمة المرشحين المعتمدين لخوض الانتخابات باسم المعارضة ما يعطي اشارة رسمية لانطلاق حملة بدأت منذ فترة.

وبين الاسماء المتوقعة الان جوبيه الذي يتصدر اللائحة ويراهن على اصوات الوسط للفوز بالاقتراع. وفي المرتبة الثانية نيكولا ساركوزي الذي اطلق حملة الى اليمين لتقليص الفارق مع جوبيه. 

ولا يتوقع ان يدخل المرشحون الاخرون وبينهم امرأة واحدة ورئيس وزراء سابق آخر هو فرنسوا فيون، على خط الخلاف بين جوبيه وساركوزي.

ورهان الانتخابات كبير فمع تراجع شعبية اليسار الى مستويات غير مسبوقة منذ خمس سنوات وخلافاته الداخلية، باتت لدى الفائز في الانتخابات التمهيدية لحزب الجمهوريين كل الفرص للوصول الى الدورة الثانية في مواجهة مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، بحسب استطلاعات للرأي.

ويتقدم حزب الجبهة الوطنية في كل اقتراع لكن قسما كبيرا من الفرنسيين لا يزال يعارض نهجه. وهذا يوفر فرصة لليمين للوصول الى الرئاسة. وقال جان بيار رافاران رئيس الوزراء اليميني السابق مؤخرا ان "معركة الانتخابات الرئاسية ستكون في نوفمبر".

اعداء منذ ثلاثين سنة

يستعد نيكولا ساركوزي (61 عاما) والان جوبيه (71 عاما) لخوض "معركة قاسية" بحسب انيتا هوسر واوليفييه بيسكاي مؤلفي كتاب "اعداء منذ ثلاثين عاما" خصص لهما.

ومنذ دخولهما المعترك السياسي في منتصف السبعينات كان الرجلان يتوليان مهاما مختلفة تماما. وعندما كان جاك شيراك رئيسا للحكومة "لاحظ انهما يشكلان ثنائيا متكاملا (...) فعهد الى ساركوزي كا ما يتعلق بالعمل الميداني ومنتدى النقاشات والى جوبيه الشؤون الادارية والاجتماعات الاستراتيجية"، وفق الكتاب.

وبعد عدة معارك مشتركة، انفصلا مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في 1995. وبقي جوبيه مؤيدا لشيراك في حين انضم ساركوزي الى المرشح اليميني الاخر ادوار بالادور الذي هزم فيها.

وبعد هذه المواجهة الاولى، مر الرجلان باوقات عصيبة. وبعد ان استبعد من قبل شيراك الذي اصبح رئيسا، كان على ساركوزي الانتظار حتى العام الفين للعودة الى الواجهة.

وسرعان ما تراجعت شعبية الان جوبيه الذي عين رئيسا للوزراء، مع تظاهرات حاشدة احتجاجا على اصلاحاته الاجتماعية في شتاء العام 1995. وفي 2004 تلقى ضربة موجعة عندما حكم عليه بعدم الاهلية لانتخابه في قضية وظائف وهمية.

والمفارقة هي ان انتخاب ساركوزي رئيسا في 2007 اعاده الى الساحة السياسية مع اسناد حقيبة الدفاع اليه ثم الخارجية.

الاسلام في صلب حملة ساركوزي

اما اليوم فلم تعد المرحلة مرحلة التعاون بل على العكس.

تبدأ خلافاتهما اصلا باسلوبهما المتباين. ونقلت اسبوعية "لوكانار انشينيه" الساخرة عن ساركوزي قوله ان "ترشح جوبيه لا يزعجني بتاتا فهو يجعلني اشعر بأني اصغر سنا". اما جوبيه فينتقد خصمه لافتقاره الى رباطة الجأش حتى انه وصفه بانه "شخص هائج" او "هستيري الى اقصى درجة".

لكنهما مختلفان كل الاختلاف في الجوهر. في بلد شهد سلسلة اعتداءات جهادية يشن ساركوزي حملة قوية تتعلق بالامن والهوية والاسلام ويؤكد على ضرورة انتماء كل الفرنسيين الى اجدادهم "الغاليين".

اما جوبيه فيراهن على "الهوية السعيدة" ويرفض "الانصياع للخوف" ويدعو الى عدم وصم المسلمين حفاظا على لحمة المجتمع.

وبحسب استطلاعات الرأي فان ساركوزي يحظى بتأييد ناشطي حزبه حزب الجمهوريين في حين ان جوبيه يتمتع بتأييد اكبر خارج الحزب.

ونتائج الانتخابات التمهيدية - المفتوحة لكل الذين "يدعمون قييم اليمين واليسار" - ستكون رهنا بنسبة المشاركة خارج النواة الصلبة للناشطين.