إيلاف من دبي: جاء محمد القرقاوي،&وهو وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل في حكومة دولة الإمارات، من بلد فيه وزارة للسعادة، وأخرى للتسامح، وكذلك وزارة لشؤون الشباب، إنها مسميات مدهشة حقاً، قد يرى البعض أنها غير قابلة للقياس وفقاً للمفاهيم التقليدية.. بهذه الكلمات قدمت كاثي كالفين، الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة الأمم المتحدة، ضيفها القرقاوي في جلسة حوارية معه بعنوان "المستقبل والأمل" في القمة الاجتماعية العالمية المنعقدة في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية.

وروى&القرقاوي، الذي يؤمن بأهمية وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعل بين الناس في حياتنا، والذي تفاعل بشكل ذكي مع شبكة (مشابل) التي اخترعت مفهوم المحطة الواحدة الذكية،&قصة كفاحه وهو ابن الثامنة من سوء المستوى المعيشي مثل كافة أبناء جيله، هي المحور في حديثه لكي يوضح الفارق الكبير بين الماضي والحاضر والمستقبل، حيث قال : "عندما كان عمري 8 سنوات كانت دولة الاتحاد قد تأسست منذ 4 سنوات كحال الكثير من أبناء المجتمع الإماراتي في فترة السبعينيات وتحديداً في عام 1971، كانت مدرستي بلا ماء أو كهرباء، كان لدينا 45 خريجاً جامعياً منهم 5 سيدات فحسب، أتذكر المرة الأولى التي ذهبت فيها من دبي إلى العاصمة أبوظبي في طريق رملي، لكن الناس كان لديها أمل وتفاؤل في المستقبل".
&
فريسة للتطرف

ولكن ماذا حدث الآن؟ عن ذلك قال القرقاوي: "أهم ما يميز الشعب الإماراتي أنه لديه أمل في المستقبل وثقة كبيرة في الحكومة، لقد عينت حكومتنا وزراء شباباً وصغار السن لديهم القدرة على اتخاذ القرارات الناجحة، وأن يخططوا للمستقبل وما يحتاجه المجتمع بكل فعالية.. الآن لدينا حاضر ومستقبل، لم تكن لدينا طرق سابقاً، ولكننا الآن وضعنا خطة لكي ننطلق إلى المريخ وبقيادة إمرأة في 2021، هذا هو مقياس السعادة إذا كنتم تسألون عن مقاييسها، لدينا وزيرة للسعادة، ولدينا وزيرة للتسامح، ووزيرة لشؤون الشباب لماذا؟ لأنهن يشكلن النسبة الكاسحة ومن ثم يحق لهن أن يقررن كل ما يتعلق بمستقبلهن، لدينا الآن النسبة الأكبر من الخريجات الجامعيات، والتي تصل إلى 70%، ما يعد تطورًا كبيرًا لحكومة المستقبل في تمكين المرأة ورعايتها، ولكن لدينا الكثير من التحديات علينا التصدي لها، ومنها أن لدينا 65% من شباب الدول المحيطة بنا، وهناك خياران فقط أمامنا للتعامل معهم، فإما أن نستثمر مستقبلهم ونحميهم أو نتركهم فريسة للتطرف.. ونداء حكومتنا الإنساني هو حمايتهم.. لقد تحولنا من الصفر إلى جعل زائرنا يسأل مندهشاً هل نحن حقاً في الشرق الأوسط؟".

أضاف: "أؤمن بأن دور الحكومات يجب أن يتغيّر حتى تستطيع اللحاق بالمستقبل وسط الزحام الشديد للشركات حتى لا تكون الحكومات والمكاتب مملة وبالتالي لا تكون منتجة.. ونحن في الإمارات ننظر إلى عقيدتنا وقيمنا، وما هي الخطوة التالية التي يجب أن نخطوها لمستقبل دولتنا وأبنائها، وهذا ما يحلم به قادتنا ويعمل على تنفيذه رئيس الحكومة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم".
&
&بلد السعادة والتسامح

لم يكن القرقاوي في حاجة إلى أكثر من تلك المقدمة لكي يبدأ في جعل الحضور أكثر شعوراً بالدهشة، ولكنها هذه المرة دهشة التوضيح والتبسيط، وخاصة حينما قال إن السعادة في الإمارات أصبحت نظرية علمية قابلة للقياس، وأشار كذلك إلى أن صناعة الأمل وبيزنس السعادة ومنح الفرصة للشباب لكي يصنعوا مستقبلهم بأنفسهم هي مفاتيح سحرية لمواجهة موجة التطرف والإرهاب، فالشخص السعيد الذي يملك الأمل والمستقبل لن يفجر نفسه، وتسابق الحضور للتصفيق إعجاباً بوجهة النظر الإماراتية، التي حملها القرقاوي، ونجح في توصيلها بإنجليزية معصومة من الخطأ ومحتوى يجمع بين العمق والبساطة.

وتابع القرقاوي "أريد التأكيد على أن قواعد العمل الحكومي يجب أن تتغيّر، فالفكرة السائدة لدى الجميع أن الحكومة هي البيروقراطية والعمل الممل الذي لا توجد فيه أية جاذبية، ولكننا في الإمارات نجحنا في تغيير هذه المفاهيم، ونأخذ وطننا إلى مستوى آخر".
&
صناعة الأمل

وأشار القرقاوي إلى أن مهمة حكومة بلاده هي صناعة الأمل سواء للشعب الإماراتي، أو للجوار الغارق في الحروب والخلافات، مضيفاً: "المنطقة سوف تغرق من دون صناعة الأمل، وخلق السعادة، أعلم أن السعادة قد تكون مجرد مفهوم شخصي لدى البعض، قد تكون في الزواج وربما في الطلاق، ولكنها بالنسبة لنا تخضع للقياس العلمي، قد تتمثل في الخدمات التي نقدمها للمجتمع، &إنها مقياس كل ما نصنع، ويكفي أن الشخص السعيد لن يفجر نفسه، مما يؤكد أنها ليست مجرد مفهوم غير قابل للقياس، بل هي مهمة من الناحية الأمنية، ما أعنيه أن السعادة والأمل يحاصران الإرهاب".
&
بوابة تدمر

وفي مبادرة "قابلة للقياس"، شاركت الإمارات في ترميم البوابة التاريخية لمعبد تدمر في مدينة نيويورك في الساحة الرئيسية أمام بلدية نيويورك، بالتعاون مع اليونسكو وجامعتي أكسفورد وهارفارد، وهي نسخة مرممة ثلاثية الأبعاد لقوس النصر في مدينة تدمر، الذي تعرض للتدمير على يد تنظيم "داعش" الإرهابي.

وأكد وزير المستقبل أن دولة الإمارات ترسل رسالة واضحة من خلال هذه المبادرة لكل من يظن بأنه قادر على محو صفحات التاريخ المشرق وتدمير شواهد الحضارة الإنسانية في المنطقة من خلال أعمال التخريب والتدمير والتطرف، كما أن دولة الإمارات وشركاءها من الدول الصديقة والمنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية ستركز جهودها على إعادة بناء كل ما تم وسيتم تدميره إيمانًا منها بأن الحضارة الإنسانية ملك للجميع، والحفاظ عليها حق راسخ للأجيال القادمة.