كثير من العائلات فقدت أبناءها في الحادث الأخير

رغم مرور عدة أيام على كارثة غرق مركب للمهاجرين غير الشرعيين قبالة سواحلة مدينة رشيد المصرية، كان على متنه ما يقارب الأربعمئة شخص ماتزال تداعيات الحادث متواصلة حتى الآن، مع عدم توقف عمليات الإنقاذ أملا في العثور على أي من الناجين رغم تلاشي التوقعات بذلك.

وكان المركب الذي يحمل مهاجرين غير شرعيين مصريين بجانب آخرين من سوريا وإريتريا والصومال، قد غرق الاربعاء الماضي مؤديا وفق آخر الأرقام الرسمية إلى غرق ما يقرب من 162 شخصا ، أما الاستجابة الأولى للحادث على المستوى السياسي المصري فقد سجلت يوم الجمعة الماضي الثالث والعشرين من سبتمبر، بإجراء رئيس الحكومة المصرية المهندس شريف اسماعيل اتصالات عاجلة بالعديد من المسؤولين المصريين ذوي الصلة، ودعوته لاجتماع وزاري عاجل في اليوم التالي، السبت الرابع والعشرين من سبتمبر وهو الاجتماع الذي وجه فيه بسرعة تعقب وضبط المسؤولين عن غرق المركب وتقديمهم لجهات التحقيق.

وخلال نفس اليوم عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اجتماعا مع اللجنة الأمنية المصغرة، ضم رئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس الرقابة الإدارية، ووفقا لبيان صحفي للسفير علاء يوسف المُتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية فقد "وجه السيسي بقيام الأجهزة المعنية بالملاحقة القانونية للمتسببين في الحادث، والذين خالفوا القوانين المصرية والأعراف الدولية، واستخدموا وسائل غير شرعية لتهجير هذا العدد من المواطنين المصريين والأجانب، مستغلين قلة وعيهم في ظل ظروف إقليمية ودولية فرضت أن تكون مصر أحد معابر الهجرة غير الشرعية في هذه المرحلة".

ووسط الجدل الدائر في مصر بعد الحادث الأخير، يجري الحديث عن تمرير قوانين رادعة تستهدف الشبكات الضالعة في عمليات الهجرة الشرعية من مصر، وكان رئيس الوزراء المصري قد أشار إلى أنه تم إرسال مشروع قانون بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتهريب المهاجرين إلى مجلس النواب بعد مراجعته من مجلس الدولة، وأن مشروع القانون يتضمن فرض عقوبات رادعة على كل من تسول له نفسه المساهمة في عمليات الهجرة غير الشرعية من خلال تشكيل تنظيمات أو جماعات لتهريب المهاجرين بطرق غير شرعية.

القانون سيردع

يقول اللواء حسن محمد السيد عضو مجلس النواب المصري عن حزب "حماة الوطن" إن صدور قوانين رادعة للحد من الهجرة غير الشرعية سيكون كفيلا بالحد من الظاهرة، وأن هذه القوانين ستجعل من يسعى للهجرة غير الشرعية يفكر ألف مرة قبل الإقدام على ذلك، ويرى اللواء حسن محمد السيد إن الهجرة غير الشرعية هي مسؤولية الدولة أولا قبل أن تكون مسؤولية المواطن، وأن الحقيقة هي أنه لا يوجد حاليا تشريع واضح يحدد مسؤوليات الجهات المختلفة، لمراقبة الحدود البحرية وهو ما يجعل الدولة تلقي بالمسؤولية على المواطن، ومن ثم فإن صدور قانون يعالج هذا الأمر يعد أمرا ضروريا . وفي معرض توصيفه لظاهرة الهجرة غير الشرعية يقول اللواء حسن محمد السيد، إن ما يحدث هو أن الآباء الذين يرون أبناءهم غير قادرين على العثور على فرصة عمل، يسعون لدى "تجار بشر" كما يسميهم، ويعطونهم أموالا لإخراج الأبناء بطريقة غير مشروعة من البلاد في مراكب خردة وهم يدركون في قرارة أنفسهم أن هؤلاء الأبناء ربما ينتهون إلى الغرق، في مياه البحر بنسبة تصل إلى السبعين بالمئة ، ويتساءل اللواء حسن محمد السيد لماذا لا يدفع هؤلاء الآباء لأبنائهم نفس المبالغ التي يدفعونها للمهربين من أجل أن يبدأوا مشروعا في مصر؟،وهو يرى أن هناك فرص عمل موجودة في مصر رغم أن البلاد تمر ظروف اقتصادية صعبة ،ويشير إلى أن الرئيس السيسي فكر التفكير السليم بتوجيه القروض من أجل مشروعات صغيرة للشباب وأن على الدولة أن تقوم بدورها بعد الرئيس.

امتصاص للإحراج دوليا

لكن الدكتور حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة يختلف تماما مع هذا الطرح، ويقول إنه يعتقد بأن الحديث عن هذه القوانين هدفه الأساسي، هو امتصاص الإحراج الذي تعرض له النظام، خاصة بعد المداخلات الكثيرة التي تناول فيها السيسي قضية الهجرة غير الشرعية خلال خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي حاول من خلالها أن يظهر أنه كنظام يعمل بدأب ضد هذه الظاهرة، وأنه يستحق دعم دول العالم له، خاصة و أن جانبا كبيرا من تأييد العالم له نابع من أنه يحارب الإرهاب ويواجه الهجرة غير الشرعية، وهما مصلحتان تجعلان دول العالم الغربي تدعمه متغاضية في الوقت نفسه عن انتهاكات نظامه لحقوق الإنسان، ويرى الدكتور حسني أن الحديث عن قوانين رادعة وأشياء من هذا القبيل،هي خطاب موجه للخارج فقط من أجل الحفاظ على صورة النظام الذي لا يهتم كثيرا بالداخل. وفي معرض تفسيره لتزايد الرغبة في الهجرة من مصر يقول حسني إن السبب الرئيسي وراء ذلك، هو إحساس المصريين بأن الآفاق كلها باتت مسدودة أمامهم وأن توقعاتهم توقعاهم للمستقبل صارت معدومة، ويقول إن انسداد الآفاق يدفع المصريين لتصرفات جديدة، فهم مثلا باتوا يتخلصون من مدخراتهم من الجنيه المصري بشراء الذهب والعملات الصعبة والعقارات، وهو ما يعكس عدم ثقة في المستقبل وما قد يخبئه، كما أن الشباب القادرين على التحمل بدنيا يسعون للهرب بأنفسهم من غد مجهول، ويقول حسني إنه لم يكن مستغربا أن تقول الداخلية في اتهاماتها لأعضاء ما أسمتها بخلية الأزمة التي قالت إنها من الإخوان، إن المتهمين سعوا إلى خلق مناخ من التشاؤم بين المواطنين، وهو يرى أن الداخلية بالفعل تعرف أن مناخ التشاؤم والقتامة وصل لمستويات غير مسبوقة بين المصريين ويقدر أن حالة اليأس والتشاؤم بين المصريين حاليا بأنها فاقت حتى تلك التي سادت عقب نكسة 1967 . برأيكم

  • هل تكفي القوانين الرادعة وحدها للحد من هجرة الشباب غير الشرعية من مصر تجاه أوروبا؟
  • لماذا تزايدت عمليات الهجرة غير المشروعة من مصر بصورة كبيرة مؤخرا؟
  • هل ترون أن السلطات في مصر تفعل ما فيه الكفاية من أجل الحد من تلك الظاهرة؟
  • لماذا يلقي المعارضون باللوم على السلطات في تزايد الظاهرة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر؟

سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الإثنين 26 أيلول/سبتمبر من برنامج نقطة حوار الساعة 16:06 جرينتش. خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442031620022. إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على [email protected] يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Messageكما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/hewarbbc أو عبر تويتر على الوسم @nuqtat_hewar