بيروت: اعلنت الحكومة السورية الاربعاء التوصل الى اتفاق مع الفصائل المقاتلة ينص على دخول الجيش الى منطقة وادي بردى، تمهيدا لانتقال ورش الصيانة لاصلاح الضرر اللاحق بمضخات المياه الى دمشق.

لكن الفصائل المعارضة نفت التوصل الى اي اتفاق في هذه المنطقة التي تشهد معارك بين الطرفين منذ ثلاثة اسابيع، في موازاة تأكيد مصدر ميداني في المنطقة استعداد مئات المدنيين للمغادرة.

وقال محافظ ريف دمشق علاء ابراهيم فى تصريحات نقلتها وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" ان "الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل اليه يقضي بتسليم المسلحين اسلحتهم الثقيلة وخروج المسلحين الغرباء من منطقة وادي بردى".

وينص ايضا على ان يدخل اثر ذلك الجيش الى المنطقة "لتطهيرها من الالغام والعبوات الناسفة تمهيدا لدخول ورشات الصيانة والاصلاح الى عين الفيجة لاصلاح الاعطال والاضرار التي لحقت بمضخات المياه والانابيب نتيجة اعتداءات الارهابيين".

وتقع منطقة وادي بردى على بعد 15 كيلومترا شمال غرب دمشق وتضم المصادر الرئيسية للمياه الى دمشق، التي تعاني منذ 22 كانون الاول/ديسمبر من انقطاع تام للمياه عن معظم احيائها جراء المعارك بين طرفي النزاع.

وذكرت وكالة "سانا" في وقت لاحق ان عدد الذين تمت تسوية اوضاعهم الاربعاء بلغ "500 شخص بينهم ستون مسلحا".

في المقابل، نفى رئيس الدائرة الاعلامية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد رمضان لفرانس برس التوصل الى اتفاق مماثل.

وقال "تلك المعلومات عارية عن الصحة وهي جزء من حرب نفسية يمارسها +الاحتلال الإيراني+ عبر واجهات تابعة للنظام".

واكد المرصد السوري لحقوق الانسان بدوره عدم التوصل الى "اتفاق شامل" بين دمشق والفصائل المعارضة، مشيرا في الوقت ذاته الى ضمان ممر امن للسكان الراغبين بالخروج.

وبحسب مصدر ميداني في المنطقة، فإن نحو 600 مدني كانوا قد وصلوا الى "خيمة" تابعة للجيش يتم فيها التدقيق في الاوراق الثبوتية وتسوية الاوضاع.

وتتهم دمشق الفصائل المعارضة ومقاتلي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) بقطع المياه عن دمشق بعد يومين من اندلاع المعارك، في حين تقول الفصائل ان قصف قوات النظام ادى الى تضرر مضخة المياه الرئيسية، نافية اي وجود لجبهة فتح الشام.

وقال الرئيس السوري بشار الاسد الاثنين ان "دور الجيش السوري هو تحرير تلك المنطقة لمنع أولئك الإرهابيين من استخدام المياه لخنق العاصمة".

وابرمت الحكومة السورية في الاشهر الاخيرة اتفاقات مصالحة عدة في محيط دمشق، في عملية تنتقدها المعارضة باعتبار انها تقوم على تكتيك "الجوع او الاستسلام"، وتجبر المقاتلين على القبول بها بعد اشهر او سنوات من الحصار المحكم والقصف المستمر. 

في الشمال وقرب دمشق

ميدانيا ايضا، صعدت قوات النظام غاراتها الاربعاء على مناطق عدة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سوريا وقرب دمشق، تزامنا مع تأكيد موسكو ان مفاوضات السلام المرتقبة في استانا ستعقد في 23 من الشهر الحالي.

وبعدما تراجعت وتيرة الغارات والمعارك على الجبهات الرئيسية منذ بدء الهدنة في 30 كانون الاول/ديسمبر بموجب اتفاق بين موسكو ابرز داعمي دمشق، وانقرة الداعمة للمعارضة، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاربعاء بان "الطائرات الحربية التابعة لقوات النظام صعدت قصفها بعد منتصف الليل على مناطق عدة في محافظة حلب (شمال)".

واستهدفت الغارات وفق المرصد، بلدات عدة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في ارياف حلب، ابرزها الأتارب وخان العسل في ريف حلب الغربي.

وفي محافظة ادلب (شمال غرب) التي يسيطر عليها ائتلاف فصائل اسلامية مع جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، استهدفت طائرات حربية تابعة لقوات النظام بلدة تفتناز بعد منتصف الليل.

وافاد المرصد عن مصرع ثلاثة مقاتلين من فصيل اسلامي جراء الغارة.

وتشهد الجبهات الرئيسية في سوريا منذ 30 كانون الاول/ديسمبر، وقفا لاطلاق النار بموجب اتفاق روسي تركي. ومنذ ذلك الحين، تراجعت وتيرة الغارات والقصف على معظم المناطق تحت سيطرة الفصائل المعارضة من دون ان تتوقف بالكامل.

ويستثني الاتفاق، وهو الأول بغياب أي دور لواشنطن التي كانت شريكة موسكو في اتفاقات هدن سابقة لم تصمد، التنظيمات المصنفة "ارهابية" وعلى راسها تنظيم الدولة الاسلامية. وتصر موسكو ودمشق على ان الاتفاق يستثني ايضا جبهة فتح الشام، وهو ما تنفيه الفصائل المعارضة الموقعة على الاتفاق والمدعومة من انقرة.

ومن شان استمرار الهدنة ان يسهل انعقاد محادثات السلام التي يتضمنها اتفاق وقف اطلاق النار والتي من المقرر عقدها في استانا، عاصمة كازاخستان.

وبعد ايام من تحذير تركيا من ان "الانتهاكات المتكررة لوقف اطلاق النار" قد تهدد المحادثات، اوضح مصدر دبلوماسي روسي الاربعاء لوكالة فرانس برس انه "في الوقت الحالي ليس هناك معلومات حول ارجاء اللقاء".

واضاف "وعليه فان موعد 23 كانون الثاني/يناير لا يزال ساريا"، لافتا الى ان "المفاوضات ستتم بين النظام ومجموعات المعارضة المسلحة".

ويفترض ان تلي محادثات استانا جولة مفاوضات في جنيف في الثامن من شباط/فبراير برعاية الامم المتحدة.

وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل اكثر من 310 الاف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.