إيلاف من برلين: يعتبر تنكس البقعة القرنية في شبكية العين من أكثر أسباب فقدان النظر عند تقدم العمر. إذ تفقد الخلايا الحساسة للضوء في الشبكية قدرتها على استقبال الضوء ويفقد الإنسان حاسة النظر بالتدريج وصولاً إلى العمى. ويعاني من تنكس البقعة القرنية نحو مليوني ألماني ربما يجدون في ما حققه اليابانيون أملاً جديداً في استعادة جزء من قدرتهم على الرؤية.

وكتبت ميشيكو مانداي، من معهد أبحث ريكن (RIKEN) الياباني، في مجلة"ستيم سيل ريبورت" انهم نجحوا في استنبات نسيج من خلايا الشبكية، استمدوه من الخلايا الحذعية، وانهم عملوا بعد ذلك على زرعه في شبكية العين محل الخلايا القديمة الميتة ضوئياً. واعادت الطريقة الضوء إلى عيون هذه الفئران التي كانت تعتبر عمياء.

واعتبرت مانداي هذا النجاح أملاً جديداً لملايين لبشر الذين يعانون من تنكس البقعة القرنية ومن التهاب الشبكية الصباغي. وكان الطب يقف عاجزاً عن وقف تنكس خلايا البقعة، وربما ينجح في تأخيره في أفضل الحالات، إلا أن فقدان البصر هو النتيجة الحتمية.

&

الصورة من معهد"ريكن" وتظهر كيف ان الخلايا المزروعة (بالأحمر) اقامت صلات مع الخلايا العصبية (بالأخضر) في شبكية العين
&

&

الخلايا نقلت الضوء إلى العصب البصري

&وكتبت الباحثة اليابانية انه تم التيقن مختبرياً من أن الخلايا الجديدة المزروعة أرسلت الايعازات الضوئية فعلاً إلى الدماغ عبر العصب البصري. وهذا انجاز لم تحققه تجارب سابقة مماثلة لزرع خلايا جذعية محل خلايا شبكية"عمياء".

استخدم فريق العمل في تجاربه فئران فقدت خلايا الشبكية في عيونها حساسيتها للضوء تماماً، وكانت على هذا الأساس عمياء بالكامل. وأخذوا خلايا جلد من هذه الفئران وحولوها إلى خلايا جذعية كثيرة الكنون(Pluripotent). واستنبتوا من الخلايا الجذعية الأخيرة أنسجة من خلايا الشبكية وزرعوها في عيون الفئران العمياء محل الخلايا المتضررة.

وللتأكد من تفاعل الخلايا الجديدة مع &الخلايا العصبية المستقبلة للضوء في الشبكية، ومن ثم نقلها إلى العصب البصري، رصد العلماء حركة ونشاط هذه الخلايا تحت المجهر الحيوي. واتضح من الفحص ان الخلايا العصبية استجابت لايعازات خلايا الشبكية، كما استجابت الفئران في المختبر لاختبار الضوء، فكانت تتحرك كلما سُلط عليها "ضوء تحذيري".

وذكرت مانداي انها رصدت تكون تشابك عصبي بين النسيج المزروع والنسيج العصبي في الشبكية. وثبت من الفحص المجهري ان النسيج المزروع كان قادراً على النمو والتطور أيضاً بشكل طبيعي مع الأنسجة الحية. وبهذا فقد تم التأكد من ان الخلايا المزروعة نقلت الايعازات الضوئية إلى الخلايا العصبية، التي نقلتها بدورها إلى العصب البصري، ومن ثم إلى الدماغ.

النجاح في الإنسان

ويقول ماسايو تاكاهاشي، الذي شارك في الدراسة انهم &في معهد (ريكن) ما زالوا في بداية الطريق، لأنهم يتوقعون ان تنجح الطريقة في التجارب على البشر أيضاً. وهناك أمل كبير، لأن طريقة الاستنبات الخلوي هي الاساس.

وثبت أيضاً نجاح الطريقة مع الفئران من خلال مراقبة "سلوك الفئران" ومقارنته مع فئران عمياء أخرى لم تخضع للتجربة. إذ عمد العلماء إلى تزويد أقفاص الفئران بقضبان حديدية "مضيئة"، فيها تيار كهربائي، فكانت الفئران، التي تم زرع خلايا الشبكية فيها، تتجنب هذه القضبان بسبب الضوء المنطلق عنها، في حين كانت الفئران العمياء الأخرى ترتطم كل مرة بهذه الجدران ويصعقها التيار الكهربائي الصغير.

الخطوة القادمة، التي ستمهد للتجارب على البشر، هي استنبات خلايا الشبكية من خلايا جلد البشر بعد تحويلها إلى خلايا جذعية، ومن ثم زراعتها في عين حيوان. ولاشك ان نجاح الطريقة في جلب إعادة الضوء إلى عيون القرود العمياء سيعني الانتقال مباشرة إلى زراعة خلايا الشبكية المستنبتة مباشرة في عيون بشر يعانون من عمى تنكس البقعة القرنية أو من العمى الناجم عن التهاب الشبكية الصباغي.

واستقبلت الأوساط الطبية الألمانية خبر نجاح معهد"ريكن" الياباني في زراعة خلايا الشبكية بشيء من التحفظ. واعتبر ماريوس ادر، المتخصص بأمراض الشبكية من معهد أبحاث أمراض العين التنكسية في دريسدن، النجاح الياباني خطوة مهمة على طريق زراعة خلايا شبكية العين. وكان غونتر زيك، من جامعة توبنغن، اكثر تخفظاً حينما قال لمجلة "الطبيب الألماني" إن التقرير يترك الكثير من الاسئلة المفتوحة، وخصوصاً على صعيد رد فعل نظام المناعة الجسدي لدى البشر، وكمية الضوء التي تستطيع الأنسجة المزروعة ايصالها إلى العصب.

وعلق غيرد كيمبرمان، من معهد أبحاث أمراض العين التنكسية في دريسدن أيضاً، بالقول إن" الاستجابة للضوء ليس عودة البصر بالتأكيد.... لكن هذا النجاح يبقى "مكسباً".
&

&