«إيلاف» من الرباط: يبدو أن تفاعلات قرار السلطات المغربية منع صناعة وبيع "البرقع" مازالت مستمرة ومرشحة لمزيد من الشد والجذب بين المعسكرين المؤيد والمعارض للقرار المثير، إذ أعلنت الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب تثمينها للقرار الإداري لوزارة الداخلية، وأكدت أن حرية التجارة والمبادرة الحرة كأصل "لا يجب أن تلغي التقييدات القانونية المتعلقة بحماية النظام العام وسلامة المجتمع وأمن المواطنين".

واعتبرت الجبهة، في بيان تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه، أن البرقع "لباس أفغاني دخيل لا يمت بصلة للخصوصية المغربية ويكتسي تطرفًا واضحًا في المظهر واللباس حتى بالنسبة لشرعنا الحنيف"، واستشهد التكتل الذي يضم نشطاء وفعاليات من اليسار المغربي في الدفاع عن موقفه، بقول الله تعالى "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها(سورة النور الآية 31) ؛ كما أوضحت أن "نهي الرسول عليه الصلاة والسلام عن استعمال البرقع أو النقاب في العمرة والحج لدليل على صواب هذا الموقف"، حسب البيان.

وأضاف البيان أن هذا اللباس "المحظور إنتاجه وتسويقه لا يجعلنا نميز بين النساء والرجال لإخفائه جميع ملامح الوجه، وقد يستغل لارتكاب جرائم عادية أو إرهابية للتخفي عن أنظار الكاميرات في الشوارع أو المحلات"، مبرزًا أن "نشر ثقافة التخفي يعتبر عملاً موجهًا ومنظمًا من جهات منظمة متطرفة تخطط لتعميق التطرف ودعم الإرهاب تحت يافطة الحرية الشخصية والدينية لتقويض عمل المؤسسات الساهرة على حماية النظام العام والأمن العام".

الكشف عن ملامح الوجه

ودعت الجبهة، حسب المصدر ذاته، إلى سن نص قانوني "مستقبلاً يوجب الكشف عن ملامح الوجه في الفضاء العمومي؛ وإلزامية التعرف موقتًا على هوية كل شخص يستعمل ذلك اللباس الأفغاني من طرف السلطات المختصة"؛ كما لفت البيان، إلى أن "عبارة العمومية تتنافى والتخفي تحت ستار أسود ومغلق لخلق نوع من التوازن بين حرية اللباس والمظهر باعتبارهما جزءًا من حرية التعبير والحق في الأمن باعتباره أيضًا من أساسيات حقوق الإنسان".

وشددت الهيئة المناهضة للتطرف والإرهاب على أن "واجب صيانة مبدأ التعايش يقتضي نوعًا من الحكمة والعقلانية في تدبير الفضاء العمومي، بما يكفل احترام الحقين معًا"، كما طالبت بسن "نص قانوني يمنع استيراد وصنع وتسويق كل الألبسة أو المنتوجات الماسة بالأمن العام وتجريم مخالفة ذلك للوقاية من الإرهاب ومخاطره".

كما دعت الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب، لتجريم ما سمته "دعوات التكفير وإدخالها ضمن الجرائم الإرهابية عبر مطالبة البرلمان بالإسراع بإخراج قانون يفي بالغرض ويقطع مع دعاة الحقد والكراهية والعيش المشترك ويحقق الردع العام والخاص"، وأعربت عن استنكارها وتنديدها "بالدعوات التكفيرية المتطرفة والإرهابية والمستمرة لأبي النعيم والحدوشي ضد الدولة ومؤسساتها الرسمية بعد قرار منع ترويج وتسويق البرقع"، وأضافت الجبهة أنها "تعتبرها جرائم تقع تحت طائلة القانون الجنائي تستوجب تحريك مساطر البحث والتحقيق والمتابعة لانطوائها على خطر واضح على سمعة الوطن وأمن المواطن، لأن أي تساهل أو تقاعس للسلطات العمومية الإدارية والقضائية إزاء تعدد ظاهرة الإشادة بالإرهاب والتحريض عليه وإهانة المؤسسات المنظمة يسائلها دستوريًا وقانونيًا وتتحمل نتائجها".

وأشار البيان، إلى أهمية صقل وتثبيت أسس "التربية الجمالية والمدنية والدينية السليمة بالمدرسة وغيرها من المؤسسات من المداخل الهامة لترسيخ الهوية الجمالية والبصرية المغربية والدينية السمحة والارتقاء بالأذواق وتربيتها على الانفتاح والتجدد وفق مستجدات العصر، وحماية مبادئ التسامح والعيش المشترك"، مؤكدًا على أن "الوقت حان لتعزيز مكانتها بالنظام التعليمي والتربوي والجامعي والديني"، دائمًا حسب البيان.

يذكر أن عددًا من الحقوقيين وشيوخ التيار السلفي بالمغرب، عبروا عن رفضهم لقرار السلطات "المفاجئ" بمنع صناعة وترويج "البرقع"، معتبرين أن هذا القرار لا يستند الى أي أساس "قانوني أو شرعي"، كما طالبوا بالتراجع عنه لما رأوا فيه من "مس بحرية الأشخاص في اختيار اللباس وتمييز ضد فئة معينة من المجتمع".