«إيلاف» من الرباط: في أول رد رسمي له على انتخاب لحبيب المالكي، رئيسا لمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى بالبرلمان)، عبر حزب التقدم والاشتراكية عن "أسفه البالغ" لعدم التمكن من تحقيق التوافق المطلوببين رئيس الحكومة المكلف، عبد الإله ابن كيران، والأحزاب المعنية بمشاورات تشكيل الغالبية المرتقبة، مؤكدا أن هذا الأمر هو الذي يفسر "موقف المشاركة في التصويت بورقة بيضاء من طرف نوابالحزب".

نبيل بنعبدالله الله أمين عام حزب التقدم والاشتراكية

 

المخرج الغائب

وجدد حزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقا)، الحليف السياسي لحزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية)، التأكيد في بيان لمكتبه السياسي، تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه، على "ضرورة إيجاد مخرج بناءللوضعية الحالية، كفيل بتعزيز النموذج الديمقراطي المغربي، في كنف المشروعية الدستورية وفي احترام للإرادة الشعبية، ومجابهة الملفات الاقتصادية والاجتماعية لجماهير شعبنا ومطالبها المشروعة".

كما شدد المصدر ذاته، على أهمية تمتين وتقوية ما سماها "الجبهة الداخلية"، معتبرا أن هذه المسألة تعد "شرطا لازما للدفاع عن قضايانا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية"، وذلك في إشارةمن رفاق نبيل بنعبد الله، أمين عام التقدم والاشتراكية، إلى ضرورة التعبئة لمواجهة التحديات المتوقعة بعد قرار المغرب العودة لأسرة "الاتحاد الإفريقي"، بعد مغادرتها منذ سنة 1984 احتجاجا على قبولهاعضوية " الجمهورية الصحراوية ".

وكشف حزب التقدم والاشتراكية في البيان الذي أصدره عقب اجتماع مكتبه السياسي، تفاصيل الوساطة التي قامت بها قيادته لتقريب وجهات النظر بين ابن كيران وعزيز اخنوش رئيس حزب التجمع الوطنيللأحرار مع الأحزاب المتحالفة معه، إذ أوضح أن "مقترحات الحلول التي تقدم بها، بمعية حلفائه ، قصد تمكين بلادنا من حياة مؤسساتية سليمة (..) تتعلق بمقترح أن تسند رئاسة المجلس لأحد المكونات المعنيةبتشكيل الأغلبية، ثم بمقترح بلورة اتفاق سياسي يقضي بالتزام الحزب الذي ستسند إليه رئاسة مجلس النواب، أيا كان موقعه المستقبلي، بدعم ومساندة الأغلبية الحكومية التي سيتم تكوينها"، لكن هذه المقترحاتلم تنجح في إقناع أخنوش ومحند العنصر الامين العام لحزب الاستقلال ، وعبدت الطريق لانتخاب المالكي، القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي، رئيسا لمجلس النواب.

ابن كيران وأخنوش

رئيس مفروض

ويرى مراقبون في بيان المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أنه يجيب عن جزء من التساؤلات التي ظلت معلقة بخصوص عملية انتخاب رئيس مجلس النواب، إذ اعتبروا أن القراءات التي فسرت قرارتصويت نواب حزب العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية بالورقة البيضاء، بأنه توافق ضمني بين الأطراف مقابل تيسير مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، "غير صحيحة"، مبرزين أن البيان يكشف بأن منح رئاسةمجلس النواب للحبيب المالكي، فرضت على ابن كيران وحزبه، وأن الخطوة تدخل في إطار "المزيد من الضغط على رئيس الحكومة المعين للقبول بالأمر الواقع وفرض مشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومةرغم رفضه له".

في سياق ذلك ، بدت علامات الحزن واضحة على وجوه نواب حزب العدالة والتنمية خلال جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب أمس الإثنين، الذين تلقوا ضربة موجعة بعد نجاح خصومهم في فرض المالكي،رئيسا لمجلس النواب، والذي يعد ثالث منصب في هرم الدولة، بعد الملك ورئيس الحكومة، رغم أن الاتحاد الاشتراكي لم يحصل إلا على 20 مقعدا في انتخابات 7 أكتوبر الماضي.

وتؤكد كل المؤشرات أن رئيس الحكومة المعين، عبد الإله ابن كيران، ومن ورائه حزب العدالة والتنمية، أصبح في موقف حرج مع قواعده والرأي العام بعد التنازلات التي قدمها طيلة مسار المفاوضات التياستغرقت أزيد من ثلاثة أشهر، من دون أن ينجح في تشكيل الحكومة التي كلف الملك محمد السادس، ابن كيران بتشكيلها عقب انتخابات 7 أكتوبر، التي تصدرها حزب العدالة والتنمية بحصوله على 125مقعدا نيابيا.

ويرتقب أن تدخل مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، في الأيام المقبلة مرحلة حاسمة بين رئيس الحكومة المعين،وغريمه أخنوش، وحلفائه في الحركة الشعبية والاتحادين "الدستوري" و"الاشتراكي"، إذ مازالرئيس الحكومة المعين متشبثا باستعباد "الاشتراكي" من التحالف المزمع تشكيله، فيما يسعى أخنوش وحلفاؤه لإشراكه من أجل تحقيق غالبية مريحة، وإذا لم يتم التوافق حول هذه المسألة، فإن الأزمة السياسيةستتعمق في البلاد، ويصبح سيناريو إعادة الانتخابات الحل الأنسب لتجاوز الأزمة الأطول في تاريخ المغرب منذ استقلاله سنة 1956 من القرن الماضي.