قضت المحكمة العليا في بريطانيا اليوم الثلاثاء بضرورة حصول رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على موافقة البرلمان، قبل بدء بريطانيا الانسحاب رسميًا من الاتحاد الأوروبي.

إيلاف: رفضت المحكمة حجة الحكومة بأنه يمكن لماي ببساطة استخدام سلطات تنفيذية تُعرف باسم "الامتياز الملكي" لاستخدام المادة 50 من معاهدة لشبونة للاتحاد الأوروبي، وبدء محادثات للانسحاب من الاتحاد، تستمر عامين.

تشكل القضية تحديًا لتأكيد رئيسة الوزراء على أن لها الحق في تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة لبدء سنتين من المفاوضات حول انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.

تقول حكومة تيريزا ماي إنها تتمتع "بصلاحيات ملكية"، وهي صلاحيات تنفيذية، تتيح لها التفاوض بشأن بريكسيت دونما الحاجة إلى العودة إلى مجلس العموم (البرلمان).&

جاء قرار المحكمة العليا بموافقة 8 قضاة مقابل 3، والذي حسم بأن رئيسة الحكومة لا تستطيع استخدام الصلاحيات التنفيذية لبدء العملية الرسمية لمغادرة الاتحاد الأوروبي - ويجب أن تمر التشريعات المتعلقة بذلك عبر مجلس العموم.

وتسعى الحكومة البريطانية إلى الإنتهاء من إتمام بيان الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وفقًا للمادة 50 من معاهدة لشبونة، وإرساله إلى المفوضية الأوروبية في وقت أقصاه نهاية مارس المقبل.

بدايات القضية
وكانت محكمة لندن العليا، بدأت يوم الخميس 13 أكتوبر 2016، النظر في قضية رفعتها سيدة الأعمال جينا ميلر من خلال مكتب "ميشكون دو ريا" للمحاماة، تتعلق بحق رئيسة الوزراء تيريزا ماي بدء عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون تصويت في البرلمان.&

جينا ميلر كانت وراء رفع القضية للمحكمة&

تم رفع الدعوى القضائية بعد استفتاء 23 يونيو 2016 الذي اختار فيه 52% من البريطانيين الانفصال عن الاتحاد الأوروبي في نتيجة صادمة أدت إلى انخفاض سعر الجنيه الإسترليني وزيادة المخاوف الاقتصادية على المستوى العالمي.

يذكر أن السيدة ميلر، قائدة حملة "تحدي الشعب ضد بريكسيت"، نشأت وترعرعت في بريطانيا، وكات درست التسويق وإدارة الموارد البشرية في جامعة لندن. وبدأت حياتها المهنية بعد تخرجها في إدارة تسويق سيارات (BMW).

تقود جينا الحملة هي وزوجها ألن، وهو أيضًا مؤسس ورئيس مجلس إدارة مشروع ميلر للعمل الخيري، والذي يقدم خدمات مجانية إلى الجمهور، حيث قدما مساهمات كبيرة في مستوصف مارغريت تاتشر في مستشفى تشيلسي الملكي وعدد آخر من الجمعيات الخيرية الصغيرة في المملكة المتحدة.

خشية القتل
يشار إلى أنه حين رفعها القضية إلى المحكمة العليا، قالت ميلر، التي شاركت في حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي، إن سبب عدم انضمام رجال أعمال آخرين إلى قضيتها هو أن الناس "يخشون قول رأيهم صراحة. وأنا نفسي تلقيت تهديدات بالقتل. ويبدو أن رأسي معلق على بوابة الخونة"، مشيرة إلى القوس الذي كان يقاد إليه السجناء في برج لندن في القرن السادس عشر.

أضافت ميلر: "تعرّضت شركتي للمقاطعة. هناك لؤم وقسوة. ولكني لن أرضخ للتخويف، لأنني مقتنعة بأن الاحتكام إلى القانون في مصلحة الجميع".&

وذكرت ميلر أن معركتها لا تتعلق بشركتها، وإنما بحقوق البرلمان من حيث المبدأ، وإذا تجاوزناه أو سجلنا سابقة بأن رئيس الحكومة يمكن أن يقرر بشأن الحقوق التي نملكها والحقوق التي لا نملكها، فسنعود بالتالي إلى كوننا دكتاتورية، ونعود بالديمقراطية 400 سنة إلى الوراء.

قرار نوفمبر
وكانت محكمة لندن العليا، أصدرت قرارًا في 3 نوفمبر 2016 يلزم الحكومة البريطانية بالحصول على موافقة من البرلمان، قبل أن تبدأ في تفعيل المادة &50 من معاهدة لشبونة، وترتيب خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.

حينها، سارعت الحكومة البريطانية إلى القول إنها ستطعن على الحكم، متعهدة باحترام قرار الانسحاب الذي أفرزه الاستفتاء. وبمقتضى قرار المحكمة العليا، فإنه يجب أن يصوّت البرلمان البريطاني على قرار تفعيل المادة 50، وهو ما ينذر بمزيد من التأخير.&

مسائل قانونية
وكان المحامي ديفيد بانيك - مكتب "ميشكون دو ريا" للمحاماة، وهو ممثل رافعي الدعوة أمام المحكمة، قال آنذاك إن "المسألة ليست في ما إذا كانت البلاد ستبقى ضمن الاتحاد الأوروبي أو ستنفصل عنه، القضية تتعلق بمسائل قانونية حول حدود السلطات التنفيذية".

أضاف إن المسألة "تكمن في معرفة ما إذا كان ممكنًا للحكومة أن تتصرف بشكل أحادي، أو إن كانت تحتاج موافقة البرلمان للقيام بذلك".

واعتبر المحامي بانيك استخدام الحكومة لـ"الامتياز الملكي" مخالفًا للقانون، لأنه وبموجب قانون المجتمعات الأوروبية لعام 1972، فإن الأمر يعود إلى البرلمان أن يقرر الإبقاء أو التخلي عن الحقوق الممنوحة له ضمنه. وقال إن "الإبلاغ من نتيجته حرمان الأفراد من الحقوق التي يتمتعون بها بموجب قانون 1972".
&