القدس: سارعت إسرائيل الى الاستفادة من تعهدات الرئيس الاميركي دونالد ترامب بدعمها عبر الاعلان عن مشاريع استيطانية كبيرة تثير مخاوف الساعين الى المضي قدما على طريق حل الدولتين.

ومنذ تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الاسبوع الماضي، وافقت إسرائيل على اكثر من 3000 وحدة سكنية استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، في ما يعكس رغبتها في اغتنام هذه الفرصة بعد ثماني سنوات من ادارة باراك اوباما التي عارضت الاستيطان.

واكدت حركة السلام الآن المناهضة للاستيطان ان "نتانياهو يستغل الانتقال الرئاسي في الولايات المتحدة لارضاء المستوطنين، وهم اقلية صغيرة من الجمهور الإسرائيلي، وتحقيق نقاط سياسية مع التيار اليميني".

واعتبرت الحركة ان الحكومة الإسرائيلية "تهدد حل الدولتين"، الذي شكل اساسا للمفاوضات على مدى سنوات.

وتبنى مجلس الامن الدولي الشهر الماضي في اخر ايام ادارة اوباما قرارا يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان فورا بتاييد 14 من الدول الاعضاء وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت للمرة الاولى منذ 1979.

واغضبت هذه الخطوة إسرائيل، ولكن ما تزال الولايات المتحدة الحليف الاهم للدولة العبرية وتقدم لها مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3 مليارات دولار.

وتتوقع إسرائيل معاملة مختلفة في عهد ترامب الذي تعهد بتعزيز الدعم ودعا الى استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الامن المعادي للاستيطان. ويتزعم نتانياهو الحكومة الاكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، ويعارض العديد من وزرائها اقامة دولة فلسطينية.

البيت الابيض يرفض التعليق

ورفض البيت الابيض الثلاثاء الافصاح عما اذا كان ترامب يؤيد مخططات التوسع الاستيطاني الجديدة. ففي مؤتمره الصحافي الثاني منذ تنصيب ترامب رئيسا الجمعة، رفض المتحدث باسم البيت الابيض شون سبايسر التعليق على قرار إسرائيل.

وقال ردا على سؤال حول راي ترامب في خطة إسرائيل بناء المزيد من الوحدات السكنية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ان "إسرائيل لا تزال حليفا مهما جدا للولايات المتحدة".

واضاف ان ترامب "يريد التقرب بشكل اكبر من إسرائيل لضمان حصولها على الاحترام التام في الشرق الاوسط (...) وسنتحدث الى رئيس الوزراء". وجهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين متوقفة بالكامل منذ فشل المبادرة الاميركية في أبريل 2014.

ويعتبر المجتمع الدولي كل المستوطنات غير قانونية، سواء اقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية ام لا، وانها تشكل عقبة كبيرة امام تحقيق السلام.

ويعيش قرابة 400 الف شخص في المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، بحسب السلطات الإسرائيلية وسط 2,6 مليون فلسطيني. يضاف هؤلاء الى اكثر من 200 الف مستوطن في القدس الشرقية حيث يعيش نحو 300 الف فلسطيني.

ودعا التيار اليميني الاكثر تطرفا في الحكومة الإسرائيلية الى ضم اجزاء من الضفة الغربية المحتلة بعد انتخاب ترامب. ويبدو ان نتانياهو الذي يقول انه ما زال يدعم حل الدولتين، يتعرض لضغوط من حلفائه الاكثر تشددا في الحكومة.

وانتقد جزء من مؤيدي الاستيطان الاعلانات الاستيطانية مثل وزير الزراعة المتطرف اوري اريئيل الذي قال انها قليلة للغاية، وصفها بانها "مخادعة".

ويقول محللون ان نتانياهو عالق بين ارضاء قاعدته الانتخابية في اليمين وضبط المتطرفين في ائتلافه الحكومي الذين يطالبون باجراءات اكثر تشددان والسؤال هو هل سينأى بنفسه عن المتطرفين وينتقل الى الوسط؟ 

ويقول عوفير زالزبيرغ من مجموعة الازمات الدولية ان نتانياهو "يحاول تخفيف (ضغوط اليمين المتطرف) بهذه الاعلانات وسيحتاج للقيام بالمزيد منها في المستقبل القريب".

ويضيف زالزبيرغ ان هذا قد يؤدي الى اندلاع موجة جديدة من الهجمات الفلسطينية التي يقوم بها مهاجمون منفردون. ودانت مصر والاردن الدولتان العربيتان الوحيدتان المرتبطان بمعاهدة سلام مع إسرائيل، التوسع الاستيطاني.

ولكن الدولتين تتعاونان، وفق خبراء، مع إسرائيل بشكل وثيق في موضوعي الامن والاستخبارات لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية، وستترددان في انهاء ذلك. ويعترف القادة الفلسطينيون بان الاشارات الصادرة عن ادارة ترامب حتى الان سلبية، ولكنهم تجنبوا تشديد اللهجة او انتقاد الولايات المتحدة.

وقال امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات لوكالة فرانس برس "صدمت البارحة عندما سئل المتحدث باسم البيت الابيض حول المستوطنات، فهو لم يدل حتى بتعليق".

واضاف عريقات "يعتقد نتانياهو الان انه يعمل مع تشجيع هذه الادارة لتدمير حل الدولتين ودفع هذه المنطقة اكثر فأكثر الى يد المتطرفين وسفك الدماء والارهاب".

ودان الامين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط القرارات الإسرائيلية مؤكدا أن "حكومة الاستيطان في إسرائيل ربما استشعرت الاستقواء ضد الارادة الدولية الواضحة مع بعض التطورات الدولية الأخيرة".