إيلاف من لندن: كشف وزير الخارجية الروسي أن مسودة الدستور السوري التي قدمتها روسيا خلال مفاوضات أستانة اعتمدت على اقتراحات طرحتها الحكومة السورية والمعارضة ودول المنطقة، ونشر في موسكو اليوم الخميس عن بعض المواد المهمة في الدستور المقترح.

وتضيف المسودة الروسية لمشروع الدستور السوري الجديد وهي تضيف لصلاحيات البرلمان إعلان الحرب وتنحية الرئيس وتعيين حاكم المصرف المركزي وتعيين المحكمة الدستورية، وتقترح المسودة إزالة اسم (العربية) من اسم الجمهورية السورية.

واقترحت المسودة الروسية لمشروع الدستور السوري الجديد جعل تغيير حدود الدولة ممكناً عبر الاستفتاء العام، واعتبار اللغتين العربية والكردية متساويتين في أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته.

وجاء في البند الثاني من المادة التاسعة لمسودة المشروع التي حصلت وكالة (سبوتنيك) الروسية على نسخة منها، أن "أراضي سوريا غير قابلة للمساس، ولا يجوز تغيير حدود الدولة إلا عن طريق الاستفتاء العام الذي يتم تنظيمه بين كافة مواطني سوريا وعلى أساس إرادة الشعب السوري".

فيما جاء في البند الثاني من المادة الرابعة "تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية كلغتين متساويتين".

وحدة سوريا العلمانية

وفي أول تعليق على مسودة الدستور المقدمة من روسيا، صرحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بأن السوريين يقررون كل شيء، وروسيا تتمسك بالموقف الداعي إلى وحدة سوريا العلمانية.

وعن ردة الفعل على مشروع الدستور السوري الذي أعدته روسيا، أن هذا المشروع هو عبارة عن مجموعة أفكار ونقطة انطلاق للنقاش بين أيديهم بدلا من الأسلحة".

وأضافت: و"طبعا، ليس هناك أي مساع للإجبار، وهو ليس برنامجا ثابتا للخطوات، إنما يدور الحديث عن مجموعة أفكار متنوعة، والهدف من طرحها هو مجرد البدء في الحديث حول هذا الموضوع".

وتابعت: "الهدف هو تركيز الجهود ليس على الأحاديث الفارغة، إنما على بحث مشروع مستقبل بلادهم".

لا جواب

وسأل أحد الصحافيين زاخاروفا، ما إذا كان المشروع الروسي للدستور ينص على مدة ولاية الرئيس 7 سنوات دون أن يحق للرئيس الترشح لولاية ثانية. لكن الناطقة باسم الخارجية الروسية رفضت الإجابة عن هذا السؤال وعن أي سؤال آخر حول مضمون المشروع الروسي.

وشددت قائلة: "إننا لا نعلق على مكونات المشروع، لأنها كثيرة، ومن غير المجدي تحديد عنصر واحد فقط".

القرار للسوريين

وأكدت أن كافة القرارات بشأن دستور سوريا الجديد، سيتخذها السوريون أنفسهم، مضيفة في الوقت نفسه، أن روسيا، في رؤيتها بخصوص هذا الموضوع، تنطلق من نقاط مبدئية عدة، منها الحفاظ على سوريا دولة موحدة، مع ضمان سلامة أراضيها وطابعها العلماني والديمقراطي، وضمان الحقوق المتساوية لممثلي جميع الطوائف والاثنيات.

واستطردت، قائلة: "أما إذا كان الحديث يدور عن حكم ذاتي أو نظام فدرالي أو كونفدرالية، فهو أمر يقرره السوريون". وأوضحت أن روسيا تسعى إلى تحفيز السوريين، لكي يبدأوا في مناقشة هذا الموضوع، فـ "لن يطرح أي من الطرفين أبدا مشروعا يمكن اعتماده كأساس، إنه أمر مستحيل".

توزيع المشروع

يذكر أن الوفد الروسي إلى مفاوضات أستانة حول سوريا، التي جرت يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، وزّع مشروعه للدستور السوري. وسبق لموسكو أن أعلنت، في مايو الماضي، أنها تعد مثل هذا المشروع، انطلاقا من نتائج مشاوراتها مع أطراف النزاع السوري ودول المنطقة.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد أوضح أن الجانب الروسي وضع هذا المشروع مع الأخذ في الاعتبار ما سمعه طوال السنوات الماضية من الحكومة والمعارضة ودول المنطقة.

المعارضة تبحث المسودة

كان أسامة أبو زيد، المتحدث باسم وفد المعارضة المسلحة إلى أستانة، قال إن الفصائل المسلحة رفضت بحث المشروع الذي وزّعته روسيا في أستانة، لأنها تعتبر أن الهدف ذا الأولوية هو ضمان وقف إطلاق النار.

وأوضح، في تصريحات لوكالتي "نفوستي" و"سبوتنيك"، أن مشروع الدستور، الذي أعدّه الخبراء الروس، سُلّم للدراسة إلى المعارضة المسلحة السورية، "فقط للرغبة في تسريع هذه العملية، دون تدخل ولا بأي حال من الأحوال، في عملية دراسة واعتماد الدستور نفسه"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه "لم يحدث أن شهدنا دستوراً يعد في الخارج ولا حتى مسودة دستور".

لقاء موسكو 

وإلى ذلك، شدّدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية خلال مؤتمر صحافي عقدته في موسكو اليوم الخميس، على أنه من الضروري الحفاظ على التقدم الذي تم إحرازه خلال محادثات أستانة بين وفدي الحكومة والمعارضة المسلحة السورية، قائلة: "عليهم أن يتحاورا وأن يبدوا وجهات نظرهم ويطرحوا أفكارهم… هذه نقطة انطلاق مهمة جداً".

وردأ على سؤال عن اللقاء غداً الجمعة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووفد المعارضة السورية في موسكو قالت زاخاروفا: "لا أحد سيملي عليهم شيئا بما في ذلك مشروع دستور سوري جديد. وإذا أرادوا طرح الأسئلة لا مانع لدينا، المهم هو الحفاظ على ما تم الاتفاق عليه خلال محادثات أستانة والعمل على توطيده. نحن نعمل بشكل متواصل مع المعارضة السورية، ولم تنقطع علاقاتنا معهم أبداً".

مقترحات دول المنطقة

ويشار إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان اشار إلى أن مشروع الدستور السوري، الذي وزعته موسكو أثناء مفاوضات السلام في أستانة يعتمد على اقتراحات طرحتها الحكومة السورية والمعارضة ودول المنطقة.

وأوضح، في كلمة له أمام مجلس النواب (الدوما) الروسي: "وزعنا في أستانة مشروعا للدستور وضعناه مع الأخذ في الاعتبار ما سمعناه طوال السنوات الماضية من الحكومة والمعارضة ودول المنطقة".

وأضاف أنه سيعقد يوم الجمعة المقبل لقاء مع ممثلي المعارضة السورية السياسية، بهدف إزالة الشبهات بأن تكون روسيا وتركيا وإيران تحاول تبديل كل ما تم تحقيقه في مسار التسوية السورية حتى الآن بـ" عملية أستانة". وأوضح الوزير أنه، خلال هذا اللقاء، سيبلغ المعارضين السوريين بكل ما جرى في أستانا وبالرؤية الروسية لتطوير عملية أستانا بشكل إيجابي.

وبشأن نتائج المفاوضات في أستانة يوم الاثنين والثلاثاء الماضيين، بمشاركة وفدي الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة، اعتبر لافروف أنها سترفع التسوية السورية إلى مستوى جديد نوعيا.

وأوضح قائلا: "لقد اتفقنا في أستانة على مشاركة المعارضة المسلحة في المفاوضات حول التسوية بسوريا إلى جانب المعارضة السياسية، وفق قرارات مجلس الأمن الدولي".

وتابع لافروف أن نتائج هذه المفاوضات يجب أن تساهم في دفع التسوية السياسية قدما إلى الأمام وفق القرارات الصادرة بهذا الشأن عن مجلس الأمن الدولي.

واستطرد قائلا: "انتهى اللقاء بتبني وثيقة، أما نتائج المفاوضات فتعد مهمة جدا، إنها ترفع جهودنا إلى مستوى جديد نوعيا".