إسطنبول: تواجه تركيا اكبر تحد في العملية العسكرية التي تقوم بها في سوريا بمحاولتها انتزاع مدينة الباب من قبضة تنظيم داعش رغم الخسائر الجسيمة التي تتعرض لها قواتها التي اضعفتها الاعتقالات بين صفوفها بعد محاولة الانقلاب في يوليو.

وحققت عملية "درع الفرات" التي يدعم فيها الجيش التركي فصائل سورية معارضة موالية لانقرة نجاحا كبيرا في اغسطس اذ تمكنت تلك القوات من طرد الإرهابيين من مدن حدودية عدة بينها جرابلس.

الا ان السيطرة على الباب تبدو مهمة أصعب بكثير. ففي حين توقع المسؤولون الاتراك خلال الاسابيع الماضية السيطرة سريعا على المدينة، لم تظهر في الافق أي نهاية واضحة للعملية. 

وبحسب احصاء لوكالة فرانس برس، قتل 48 جنديا تركيا على الاقل في العملية حتى الآن، معظمهم في المعارك لاستعادة الباب التي بدأت في 10 ديسمبر. 

واكد الرئيس رجب طيب اردوغان الجمعة ان تركيا "ستنهي مهمتها" في الباب، موضحا ان لا ضرورة بعد ذلك للتوغل اكثر داخل الاراضي السورية.

ولطالما شكت أنقرة من عدم تلقي دعم من حلفائها في حلف شمال الاطلسي خلال العملية رغم انها حصلت على بعض الدعم مؤخرا من حليفتها الجديدة موسكو. 

الا ان ثاني أكبر جيش في الحلف يخوض هذه المعركة بعديد اقل جراء حملة التطهير التي اعقبت محاولة الانقلاب في يوليو الماضي وأدت إلى اعتقال ستة آلاف جندي و168 ضابطا.

وفي مؤشر الى استمرار تداعيات محاولة الانقلاب على الجيش، لم يتمكن العديد من الجنود من المثول امام محكمة اسطنبول الاسبوع الماضي بسبب مشاركتهم في المواجهات عند جبهة الباب.

ورأى ارون شتاين من مركز رفيق الحريري للشرق الاوسط ان انقرة تعاني "نقصا في الموارد" موضحا ان "مقاتلي المعارضة الذين تقاتل تركيا إلى جانبهم غير مدربين بشكل جيد واظهروا خلال السنوات الماضية انهم غير قادرين على السيطرة على حد ادنى من المناطق". 

وفي حين تقع جرابلس على الجانب الاخر من الحدود مع تركيا، تبعد الباب 25 كلم من الحدود والسيطرة عليها أصعب بكثير من الناحية اللوجستية. 

المستنقع السوري

انتقد فاروق لوغوغلو، السفير التركي السابق لدى واشنطن والنائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري المعارض الحملة العسكرية معتبرا انها "تفتقر الى اهداف نهائية والى استراتيجية انسحاب". 

واوضح لوكالة فرانس برس ان "الهدف المعلن يتجاوز بكثير ما هو قابل للتحقيق. تلك هي المشكلة" مضيفا ان تركيا تواجه خطر "الانزلاق في المستنقع السوري". 

وأعلن تنظيم داعش في ديسمبر انه اعدم جنديين تركيين حرقا، الامر الذي لم تؤكده انقرة علما بانها استعادت هذا الشهر جثتي جنديين خطفهما الجهاديون. 

واعتبر مدير برنامج الابحاث التركي في معهد واشنطن سونر كاغابتاي ان انقرة لم تتلق دعما اميركيا لعمليتها في سوريا.

وقال لوكالة فرانس برس "اضطرت تركيا الى المضي بمفردها لانها بدات عمليتها لاستعادة الباب بدون ان تضمن الحصول على تعاون ملموس من الولايات المتحدة".

واضاف "بطبيعة الحال ادى ذلك الى تباطؤ العملية ودفع انقرة الى طلب دعم جوي روسي".

وفي نوفمبر أعلنت وزارة الدفاع الاميركية ان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لا يدعم الحملة في الباب كون تركيا بدأتها بشكل "مستقل". 

ودفع ذلك انقرة إلى الالتفات الى موسكو رغم ان الاولى تدعم المعارضة والثانية تقف الى جانب النظام.

وتكثف لاحقا التعاون بين تركيا وروسيا وتجلى خصوصا في رعاية البلدين اتفاقا لوقف اطلاق النار في سوريا اعلن في 30 ديسمبر.

وفي 18 يناير، نفذت انقرة وموسكو اولى ضرباتهما الجوية المشتركة ضد تنظيم الدولة الاسلامية في منطقة الباب، بحسب ما اعلنت وزارة الدفاع الروسية. 

وتسعى تركيا من تدخلها في شمال سوريا إلى منع المقاتلين الاكراد الذين تدعمهم واشنطن من اقامة معقل لهم. وترغب انقرة حتى في الوصول إلى منبج حيث تمكن الاكراد من طرد عناصر تنظيم الدولة الاسلامية. 

وفي يناير، شن التحالف الدولي اربع ضربات جوية قرب الباب وتعلق تركيا آمالا أكبر على الادارة الاميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب. 

واوضح كاغابتاي ان القوات التركية يستهدفها خصوصا مقاتلون اجانب مستعدون للقتال حتى الموت، واضاف "بالنسبة لهؤلاء هناك خياران فقط: اما ان تعتقلهم القوات المناهضة لتنظيم الدولة الاسلامية واما الموت".