أغضب دونالد ترامب اليهود في أميركا بتوقيعه قرار حظر دول المسلمين إلى الولايات المتحدة، إذ ذكّرهم بمعاناتهم السابقة، فوصفوا القرار بعار يندى له جبين أميركا.

عادل الثقيل من واشنطن: هاجمت منظمات يهودية في الولايات المتحدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد المراسيم التي أصدرها الجمعة، ويقضي أحدها بحظر دخول مواطني سبع دول إسلامية إلى البلاد مدة تسعين يومًا.

وردّ قادة هذه المنظمات، في بيانات وتصريحات صحافية، غضبهم من قرار ترامب إلى أمرين: الأول، تزامنه مع ذكرى المذبحة اليهودية (هولوكوست)؛ والثاني، قولهم إن حظر دخول اللاجئين المسلمين يستدعي حوادث مروعة، ويذكّر بما لقيه اليهود حين رفضت دول غربية استقبالهم بعد فرارهم من ألمانيا النازية".

&يندى له الجبين

وشملت مراسيم ترامب منع دخول مواطني سورية والعراق وليبيا والصومال واليمن والسودان وإيران، إضافة إلى تجميد إجراءات إعادة توطين المتحدرين من هذه الدول والموجودين في أميركا مدة أربعة أشهر. ويستثني هذا القرار - بشكل غير مباشر - مواطني هذه الدول من ديانات أخرى، وخصوصًا المسيحيين. وبالتالي، لن يتمكن مسلمو هذه الدول ممن يحملون إقامات دائمة في أميركا من دخولها، حتى انتهاء مدة الحظر.

ونقلت سي أن أن عن مارك هيتفليد، رئيس منظمة المهاجرين العبريين، قوله: "إنه قرار مثير للاشمئزاز واختيار التوقيت بالتزامن مع ذكرى الهولوكست لا يصدق، فحظر دخول اللاجئين بسبب معتقدهم يذكرنا برفض أميركا وأوروبا منح اللاجئين اليهود الفارين من النازية حق اللجوء".

وقالت منظمة جي ستيريت اليهودية في بيان: "أمر الرئيس بحظر دخول المسلمين يستحضر ذكريات مروعة"، مؤكدةً أن الولايات المتحدة تكرر ما فعلته حين رفضت استقبال اللاجئين اليهود، وهو العار الذي ما زال يندى له جبينها".

وجرت العادة أن يتضامن بعض المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة مع المسلمين الأميركيين حين يتعرضون للتمييز، متبنية استراتيجية ترى أن أي اضطهاد جماعة بسبب عرقها أو دينها في البلاد قد ينتقل لاحقًا ليصيب اليهود أنفسهم.

سجّل.. أنا مسلم!

وكان ترامب أثار عاصفة من ردات الفعل المستنكرة حين دعا في أثناء حملته الانتخابية إلى حظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة بعد هجوم استهدف كاليفورنيا، وإلى إخضاع الراغبين بالهجرة إلى الولايات المتحدة لامتحانات تبيّن قيمهم وأفكارهم العقائدية.&

ظن الجميع أن هذا كلام انتخابي، لكن تبين أن ترامب جاد في ذلك. حينها، تعهد جوناثان غرينبلات مدير منظمة الحقوق المدنية ومناهضة الكراهية اليهودية في الولايات المتحدة أن يضيف اسمه إلى أي سجل يحصي المسلمين تقوم به الحكومة الاتحادية.

ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: "في اليوم الذي سينشأ فيه هذا السجل للمسلمين، سأسجل نفسي فيه كمسلم، بسبب عقيدتي اليهودية، وبسبب إيماني بقيمنا الأميركية، ولأنني أريد لهذا البلد أي يكون عظيمًا كما اعتاد أن يكون".

وانضم إلى غرينبلات حديثًا في هذا "التسجيل" العديد من الشخصيات الأميركية، مثل وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت التي غرّدت على تويتر قائلةً: "نشأت كاثوليكية، وتحولت إلى الكنيسة الأسقفية الأميركية (بروتستانتية)، واكتشفت لاحقًا أن عائلتي كانت يهودية، وأنا على أهبة الاستعداد للتسجيل كمسلمة"؛ ومثل الممثلة اليهودبة مايم بياليك التي أعلنت صراحةً عن نيتها تسجيل ديانتها "مسلمة" في حال أنشأت إدارة ترامب قاعدة بيانات خاصة بالمسلمين في الولايات المتحدة، مجاهرةً بتضامنها مع المسلمين بوجه سياسات الإدارة الأميركية الجديدة.

مجلس مشترك
والجدير بالذكر هنا أنه بعد نحو أسبوع من فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، في 14 نوفمبر الماضي، اندمجت اللجنة اليهودية الأميركية والجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية في مجلس واحد مشترك يحمل اسم "المجلس الاستشاري المسلم اليهودي"، وضم 31 عضوًا من اليهود والمسلمين الأميركيين، بين قادة دينيين ورجال سياسية ورجال أعمال.&

ويرأس المجلس رجل الأعمال المسلم فاروق كاثوري، مشاركة مع رجل الأعمال اليهودي ستانلي برغمان.

&وأعلن هذا المجلس أهدافه، وتتمحور حول التعريف بإسهامات المسلمين واليهود في المجتمع الأميركي، وتطوير استراتيجية منسقة لمواجهة التعصب ضد المسلمين ومعاداة السامية في الولايات المتحدة، وحماية حقوق الأقليات الدينية في أميركا طبقًا للدستور الأميركي، فيتمكن كل مواطن من ممارسة شعائره الدينية بحرية وأمان.

وبحسب روبرت سيلفرمان، مدير العلاقات الإسلامية اليهودية في اللجنة الأميركية اليهودية، يمثل هذا المجلس رد فعل على التعصب وخطاب الكراهية الذي ساد في حملة ترامب الانتخابية، رابطًا بشكل مباشر بين تشكيل المجلس وخطاب ترامب وفوزه في الانتخابات الرئاسية.