واشنطن: ما كاد ينتهي الاسبوع الاول من تولي دونالد ترامب السلطة في البيت الابيض، حتى كان اطلق قراراته الصادمة في مجال الهجرة، طارحا ما يسميه "الحقائق البديلة"، ومتسببا بهزات في واشنطن والعالم كما سبق ان وعد.

وخلال اسبوع واحد احدث ترامب الاتي من خارج واشنطن، والذي لم يتسلم قط قبل الان منصبا في البلاد، صدمة سياسية حقيقية في العاصمة الاميركية، عندما طرح اعادة النظر في المعايير والمفاهيم التي تسترشد بها الولايات المتحدة منذ عقود.&

ومنذ خطاب القسم ركز ترامب على ضرورة ترتيب البيت من الداخل. وقال في هذا الخطاب "اليوم، نحن لا ننقل السلطات من ادارة الى اخرى او &من &حزب الى آخر لكننا نقوم بنقل السلطات من واشنطن لنعيدها اليكم، الى الشعب".

ولم تعد "النخب" في المؤسسات السياسية والاعلامية في المدن الكبرى هي المسؤولة عن القوة الكبرى في العالم، بل باتت هي العدو.

ووصلت تداعيات قرارات الرئيس الجديد إلى بقية أرجاء العالم.

وقد شكلت الولايات المتحدة على مدى 75 عاما ما وصفه باراك اوباما بـ"الامة التي لا غنى عنها" والتي تحافظ على تماسك النظام العالمي.

ولكن في حقبة ترامب يجري العمل على تقييم التحالفات القديمة والبحث عن اخرى جديدة، في اطار شعار "اميركا اولا" على حد تعبيره.

وقبيل تنصيبه، تساءل كثيرون ان كانت الرئاسة ستغيره ام سيغيرها هو.&

وخلال أقل من عشرين دقيقة بعد بداية عهده، حصل كل من كان يستمع اليه على الاجابة.&

- "صدم المنظومة" القائمة -

وقبل وصولهم إلى المكتب البيضاوي كان الخبراء الاستراتيجيون المحسوبون على ترامب قرروا استغلال الأسابيع الأولى لإطلاق موجة يومية من القرارات التنفيذية.

وكان الهدف هو اخلال توازن مناهضيه ورسم صورة لترامب على انه رجل افعال لا اقوال بالاضافة الى إرواء عطش انصاره بالتغيير.&

فبالنسبة لمعظم ابناء الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة، كانت للعولمة والاتمتة و"الركود العظيم" انعكاسات كارثية عليهم كما ارهقتهم السياسة فشعروا بانهم مسحوقون من قبل "النخبة" في "حروب" تمحورت حول الاجهاض وحقوق المثليين والهجرة والاحتباس الحراري والدين.

ففاز ترامب بالانتخابات عبر وعوده بان يكون نصيرهم.

ورغم ان ما اصدره رئيس مجلس الادارة ورجل الاعمال الذي اصبح قائدا عاما للقوات المسلحة من قرارات تتعلق بوقف تمويل الجمعيات الداعمة للاجهاض واعادة بناء القوات المسلحة الاميركية والموافقة على بناء انابيب نفطية جديدة، وهي جميعها امور قد تصدر من اي جمهوري في البلاد، الا انه البسها واجهة قومية وشعبوية وارفقها بسياسات ناصرها كبير مستشاريه ستيف بانون. &

وسارع الى تمزيق اتفاق التبادل الحر عبر المحيط الهادىء الهادف إلى اقامة توازن مع نفوذ الصين المتنامي، فيما فرض حظرا على اللاجئين السوريين والمهاجرين من ست دول اخرى ذات غالبية مسلمة.

&وفي هذا السياق ايضا، أمر بالبدء ببناء جدار على الحدود مع المكسيك فيما دخل في سجال علني مع الرئيس المكسيكي انريكي بينيا نييتو الذي ألغى رحلة له إلى واشنطن.

فاوصدت بذلك الولايات المتحدة التي اوجدها المهاجرون ابوابها في وجوههم.&

ولم تتغير صورة الولايات المتحدة في العالم بهذه الدرامية وبهذه السرعة قبلا.

لكن انصار ترامب وجدوا فيه شخصا من خارج واشنطن وقف إلى جانبهم ضد نخبتها.

وقالت مستشارته كيليان كونواي التي تفاخرت بالطريقة التي "صدم" بها ترامب "المنظومة" القائمة، "تعودوا على ذلك" مضيفة ان الرئيس الجديد "ما زال في البداية".

- بداية مضطربة -

&ولم يكن كل شيء ايجابيا بالنسبة لترامب نفسه. فلا تزال هناك مناصب اساسية شاغرة عليه ان يملأها فيما لا تزال عملية اتخاذ القررات مضطربة.&

فاضطر مستشاروه الى التراجع علنا عن اقتراح لفرض ضريبة تصل الى 20 بالمئة على الواردات من المكسيك لتمويل كلفة بناء الجدار بين البلدين كما سارعوا لتبرير الفوضى التي ادى اليها قرار منع دخول اللاجئين والمهاجرين.&

ومن جهته، دخل الرئيس بنوبات غضب حول حجم الحشد الذي تواجد خلال مراسم تنصيبه، والاتهامات بحدوث تزوير في الانتخابات، وما وصف بأنه قمع لوسائل الاعلام.

&وفي اتصالاته الخاصة، اشتكى ترامب لمستشاريه من التغطية الاعلامية حوله مما اعطى انطباعا انه يركز اكثر على صورته بدلا من إدارة البلاد، بحيث يبدو وكأن فوزه بالرئاسة لم يكن كافياً بالنسبة إليه.

واعطى المتحدث شون سبايسر نافذة على الجو السائد في البيت الابيض حين اشتكى من هذه المحاولة "الدائمة للتصغير من ضخامة الدعم (الشعبي) الذي يتمتع به" مضيفا انه "من المثير للاحباط إلى درجة لا تصدق عندما يقال لك مرارا انه غير كبير بما فيه الكفاية وليس جيدا بما فيه الكفاية وانه لا يمكنك الفوز".

&وافاد استطلاع لجامعة كوينيبياك ان نسبة تأييد ترامب خلال الاسبوع الاول لم تتجاوز 36 بالمئة.&

ومن ناحيتهم، يتحدث ناقدو ترامب عن الهدف من وراء ادعائه غير المثبت بان ثلاثة ملايين شخص صوتوا بصورة غير شرعية خلال الانتخابات.&

ويرى برايان كلاس، الخبير في الديموقراطية العالمية في كلية لندن للاقتصاد، ان "الطعن (بدون دليل) في نزاهة الانتخابات هو مفتاح لتقليص الثقة بالانتخابات".

واضاف ان "التهجم على الاعلام واضفاء الضبابية على الحقيقة عبر روايات غير مبنية على حقائق، يزرعان الشك لدى العامة".

اما ميندي فين التي ترشحت لتكون نائب رئيس مستقل، فاختصرت استراتيجية ترامب على انها "ازرع الفوضى، عمق الانقسامات، وطد سلطتك".

وبالنسبة لاشد منتقديه، يبقى السؤال الآن &فيما اذا كان الرئيس 45 للولايات المتحدة هو من يحطم الرئاسة ام ان المنصب سيحطمه.