إيلاف من الجزائر: رفعت الجزائر من وتيرة تحركاتها الدبلوماسية لإيجاد حل للازمة الليبية، وأصبح الملف متابعًا مباشرة من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي رمى بعلاقاته الدبلوماسية لمعالجة الملف بعد أن طلب من صديقه راشد الغنوشي رئيس النهضة التونسية العمل على إقناع إسلاميي ليبيا بلعب دور إيجابي لدعم مبادرات الحوار، كما تعمل&الجزائر على عقد لقاء قمة بين الرؤساء&بوتفليقة والسيسي والسبسي قريبًا& لدراسة ملف جارتهم المشتركة.

واستقبلت الجزائر في الأشهر الأخيرة عدة قيادات ليبية من مختلف التيارات، كان أبرزها المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، إضافة إلى قيادات في البرلمان ومسؤولين من منطقة مصراتة.

التزام

وشاركت الجزائر نهاية الأسبوع في قمة اللجنة الرفيعة المستوى للإتحاد الأفريقي حول ليبيا التي تشارك فيها بلدان الجوار.

وقال &الوزير الأول الجزائري عبد المالك في مداخلة له إن بلاده تؤكد التزامها القوي من اجل تطبيق الحل السياسي في ليبيا، "بعيدًا عن أي تدخل خارجي".

وأوضح سلال أن "الجزائر منذ بداية النزاع تقف على المسافة نفسها من جميع الأطراف الليبية".

وأضاف: "كونها معنية بحكم الجوار والتاريخ والعلاقات القوية التي تربط شعبي البلدين والتداعيات المباشرة لاستمرار النزاع على استقرارها وأمنها، فإن الجزائر تدعو بإلحاح كافة الأشقاء الليبيين إلى التوحد ضد الإرهاب والجريمة المنظمة، وخوض المعركة الوحيدة التي تستحق أن نخوضها وهي معركة السلم والاستقرار".

وأشار إلى أن هذا الهدف هو محور "الرسالة التي حملتها الجزائر في الأسابيع الأخيرة خلال الزيارات التي قام بها كل من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز سراج، ورئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمان صويلحي، واعضاء مجلس النواب ورؤساء لجان مجلس النواب ورؤساء المجالس البلدية وشخصيات سياسية، إضافة إلى أطراف فاعلة أخرى".

وأوضح الكاتب الصحافي أمين لونيسي، المهتم بشؤون&المغرب العربي،&في حديثه مع "إيلاف"، أن "الجزائر الآن بصدد إعادة تصور مقاربة جديدة لحل أزمة مؤسساتية في ليبيا عمرها ست سنوات ستهدد أمنها القومي ومصالحها الاقتصادية في الجنوب، لذلك نلاحظ رفع الملف الليبي إلى الرئاسة الجزائرية لإعطاء انطباع للجهات الإقليمية وأطراف الصراع الداخلي بمصداقية جهودها".

وأضاف لونيسي أن الجهود الجزائرية تتزامن مع &"تراجع الملف الليبي عن الاهتمام الأوروبي والأميركي خصوصًا بعد تصدر ترامب للمشهد العالمي وتغيير سياسة بلاده بالتقارب مع موسكو التي أصبح لها دور بارز في الشرق الليبي، فضلاً عن ذلك فالارتدادات الأمنية وإمكانية عودة مئات المقاتلين من سوريا والعراق إلى ليبيا تثيران قلق الجزائر، وهي حقيقة استنفر لها قبل أيام خبراء الاتحاد الأفريقي الذين تدارسوا أساليب مكافحة الإرهاب بالحدود الليبية".

إرادة

وبحسب الوزير الأول الجزائري، فإن هذه اللقاءات سمحت بإبداء "الجميع إرادة حقيقية في مواصلة هذا الحوار ودعم كل مسار يهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية".

وذكر أن بلاده &"قدمت إسهامها ومنحت عدة مرات مساعدات إنسانية في شكل أدوية ومواد غذائية للتخفيف من معاناة الليبيين، خاصة في المناطق الحدودية، وستواصل هذه الجهود بالتشاور مع السلطات الشرعية لهذا البلد".

وأضاف: "نبقى على قناعة بأن أشقاءنا الليبيين، الواعين أكثر من أي وقت مضى بخطر الانقسام والفوضى الذي يواجهونه،&لديهم الإرادة والحكمة اللتان تسمحان لهم بتجاوز الصعوبات الظرفية ورفع التحديات الراهنة".

تنسيق

وتعمل الجزائر على أن يكون عملها لتقريب وجهات النظر بين الليبيين بمساعدة دول الجوار، في مقدمتهم تونس.

ويستعين الرئيس بوتفليقة في دفع جهوده الدبلوماسية&بصديقه رئيس النهضة التونسية راشد الغونشي، الذي استقبله بداية الأسبوع الماضي، وبحثا معًا&سبل إيجاد حل لمشاكل الجارة الشرقية.

وقال الغنوشي في مقابلة مع صحيفة "الخبر" إن الرئيس بوتفليقة &"طلب مني بذل ما استطيع من المساعي به، خاصة بعلاقاتي مع الإسلاميين في ليبيا حتى يقوموا بدور إيجابي لدعم مبادرات حل الأزمة الليبية وتقديم التنازلات الممكنة".

وتنفيذًا لهذا الطلب، التقى أحمد أويحي مدير ديوان الرئيس بوتفليقة الخميس الماضي في تونس، القيادي الإسلامي الليبي علي الصلابي في منزل راشد الغنوشي.

ولم تتسرب تفاصيل كثيرة حول ما دار خلال هذا اللقاء الثلاثي، واكتفى الصلابي بالقول، في تصريح لصحيفة "الشروق " الجزائرية: "أعتقد أن الوقت &الحالي غير مناسب لسرد الحديث الذي تم مع السيد أحمد أويحيى، لكن ما يجب تأكيده أننا مع المصالحة، ومع الجهود الخيَّرة التي تقوم بها الجزائر وتونس،&ودور أي دولة تعمل لحل الأزمة الليبية وحقن دماء الليبيين وتحقيق الاستقرار".

وأضاف" مواقف الجزائر صريحة وواضحة، فهي ضد التدخل الأجنبي ومع الحوار الليبي -&الليبي، واستقرار البلد، لأن استقرار ليبيا جزء من استقرار المنطقة".

ولم يرَ أمين لونيسي في حديثه مع "إيلاف" محاورة الجزائر للإسلاميين أمرًا جديدًا.

وقال: "علينا الإشارة إلى أن علاقة الإسلاميين الليبيين (صوان وبلحاج والصلابي) بالجزائر لم تكن يومًا على خلاف بحكم النظرة الجزائرية لتنظيم الإخوان وقربهم الجغرافي من حدودها، وكانت لهم زيارات سرية وعلنية مرارًا إلى الجزائر".

لكن لونيسي يعتقد أن "تكليف بوتفليقة أويحي بالتحاور مع شخصية مقربة منهم في هذا التوقيت يؤكد تعرض جهود الجزائر لعقبات من جانب الإسلاميين الذين لم يبدوا حسن نوايا في التمهيد لقبول مبادرة "تقاسم السلطة" بين الشرق (حفتر وعقيلة) وحكومة السراج لاعتقادهم أنهم الأولى بالنصيب الأكبر من المناصب السيادية، ودور الغنوشي سيكون إقناعهم بضرورة التراجع عن موقفهم المتعنت بعدما قبل حفتر والسراج الجلوس على طاولة الحوار المباشر في القاهرة لاحقًا".

قمة ثلاثية

وبحسب ما جاء في مقابلة راشد الغنوشي، فإن الأزمة الليبية ستكونة محور اجتماع &بين وزراء خارجية الجزائر وتونس ومصر تحتضنه تونس قريبًا.

وأضاف: "سيمهد هذا الاجتماع إذا سارت الأمور كما هو مأمول ومنتظر، للتتويج بقمة تعقد في الجزائر بين رؤساء الدول الثلاث".

وتحدثت بعض التقارير الإعلامية عن زيارة مرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والتونسي باجي قايد السبسي إلى الجزائر منتصف شهر فبراير الداخلة لبحث آخر تطورات الوضع في ليبيا مع الرئيس بوتفليقة.

لكن امين لونسي أوضح&&أن "القمة الثلاثية &تبقى ذات&دلالة رمزية فقط،&ما دامت المبادرة المعروضة بين الدول المعنية ستكون خلاصة لقاءات ونقاشات تمت بين أطراف النزاع الرئيسيين في ليبيا، إضافة إلى أن كل الأطراف رحبت بتحركات الدول المعنية".
&