من قاعدة جوية: "المهمة 153، تستهدف شمال غرب مدينة الرقة شمال سوريا، انه جسر" هذه آخر التعليمات التي اعطيت لثلاثة من طياري المقاتلات الفرنسية "رافال" الذين كانوا على وشك الاقلاع من الاردن في مهمة نحو معقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا.

واذا كانت المعارك في مدينة الموصل، شمال العراق تدور رحاها من شارع الى شارع، فأنها في الرقة، الهدف القادم لحملة التحالف الدولي لمكافحة الارهاب، لا تزال تدور عبر الضربات الجوية. 

ويلخص ضابط المخابرات الفرنسي الوضع في منطقة الرقة للطيارين الثلاثة بينما كانوا يستعدون للانطلاق في مهمتهم من قاعدة جوية في الاردن، "في الوقت الحالي هناك استراحة، الاكراد يستفيدون من الوضع لتعزيز مواقعهم، وداعش أيضا".

واضاف مستكملا الصورة "الروس ابلغونا أيضا بتوجيه ضربات محتملة في المنطقة. لذا فإنه من غير المستبعد رؤيتهم".

وفي هذه الليلة من المقرر ان تشن ثماني مقاتلات اميركية وبريطانية وفرنسية من التحالف الدولي غارات على عشرين موقعا من إجل عرقلة حركة مسلحي التنظيم الجهادي عند مداخل ومخارج مدينة الرقة.

ومنذ يومين يركز الطيارون الفرنسيون بشكل كامل على مهمتهم: سوق يقومون باسقاط قنبلة زنة 1000 كلغ - التي تعد اضخم قنبلة فرنسية - لتدمير الجسر بشكل كامل. 

ويتم تحديد الاهداف عبر اشعة الليزر، وهي طريقة تصبح بالغة الصعوبة إذا ما كانت الاجواء ملبدة بالغيوم.

- تركيز عال - 

ويقول احد الطيارين الثلاثة ويلقب باسم "باسبارتو"، "نحن نركز على مهمتنا منذ مساء امس، وسنطير بثقة وباندفاع بعد ان قمنا بكل تدريباتنا اللازمة من اجل اتمام مهمات من هذا النوع". 

ولا يكشف العسكريون الفرنسيون في الاردن كامل هوياتهم حرصا على سلامتهم وسلامة أسرهم ولكل منهم اسم حركي. 

وتبين ان الهجمات الدموية التي ضربت فرنسا في السنوات الاخيرة تم التخطيط لها من الرقة.

ويقول القائد الفرنسي العقيد جان لوك الذي لا يعطي اسمه الكامل لاسباب أمنية "لقد فقدنا اكثر من 200 شخص (في باريس ونيس)".

وقبل الانطلاق يراجع الطيارون الثلاثة "شوف"، "أنجيلا" و "باسبارتو" مهتهم وكل ما يمكن أن يعترضهم في الجو. 

وتم التحقق من الهدف من قبل أجهزة استشعار مخابراتية متعددة تجوب المنطقة ومن قبل المقاتلين الحلفاء، وطائرات بدون طيار وطائرات استطلاع وتنصت تابعة للتحالف الدولي قبل ثلاثة ايام. 

وقد أعطي الضوء الأخضر لمقاتلات الرافال التي تتخذ من الاردن مقرا لها، بان تحلق لأقل من 40 دقيقة فوق الرقة لتنفيذ مهمتها. 

- شكرا لك يا رجل - 

ومع نشر 14 مقاتلة من طراز "رافال" في الأردن والإمارات العربية المتحدة، فان القوات الجوية الفرنسية تقود واحدة من أهم الحملات الجوية لها منذ الحرب العالمية الثانية.

وقد قامت المقاتلات الفرنسية بأكثر من 3300 طلعة جوية و 700 ضربة منذ خريف عام 2014 انطلاقا من القاعدة الجوية الأردنية، ما يمثل 60 بالمائة من من الجهد الجوي الفرنسي ضد تنظيم الدولة الاسلامية، والذي يتضمن كذلك انطلاق مقاتلات من حاملة الطائرات شارل ديغول. ومن هناك تنطلق المقاتلات الفرنسية ليلا ونهارا، دون كلل. 

وفي ذلك اليوم، انطلقت طائرات الرافال عند الساعة 21،00 بالتوقيت المحلي باتجاه مدينة الرقة، انطلاقا من الصحراء الأردنية قبل ان تعود الى قاعدتها عند الساعة 23،50 قبيل منتصف الليل بعد ان القت قنابلها.

ويقول "انجيلا" وهي ينزل من قمرة الطائرة "الطقس كان قلقنا الكبير. ولكن في النهاية لم تكن هناك غيوم في سماء المنطقة، كانت الغيوم على بعد عشرين كيلومترا (...) ونحن راضون تماما". 

من جهته، قال "باسبارتو" "لقد كانت مهمة خاصة، نشعر بالرضا لتمكننا من القيام بالمهمة. لقد كان هناك تفاعل مع البريطانيين والاميركيين (...) كل شيء سار بشكل جيد للغاية".