لم تكن تتخيل الشابة الألمانية إليف كي، المتزوجة من أحد مقاتلي داعش، بعد محاولة سفرها إلى سوريا كي تلحق به وتنضم لتنظيم الدولة، أن ينتهي بها الحال رفقة أبنائها الثلاثة بأحد معسكرات أسرى الحرب التابعة لقوات الجيش العراقي، خاصة وأنها لا تعلم مصيرها وما إن كانت ستعود لبلدها أم أنها ستخضع لعقوبة صارمة.

وكانت آخر رسائل الواتس أب التي بعثت بها إليف إلى عائلتها في ألمانيا بتاريخ الـ 25 من شهر أغسطس الماضي، ومن وقتها والاتصال مقطوع بين الطرفين تماما، لكن ما أخبرته إياهم وقتها أنها تعيش وأطفالها في حالة من الذعر جراء الانفجارات والحرائق التي تحاصرهم. و منذ انتقالها إلى سوريا، وحياتها قد تحولت على نحو تام، وبدأت ترى بنفسها شكل الحياة وهي تستقبل الضربات الجوية، وهي تحتمي أسفل سريرها مئات المرات، وهي تدعو وتصرخ وتتساءل عن شكل الموت.

وفي اليوم الذي بعثت به إليف بتلك الرسالة لوالدها، أخبرته بأنها والأطفال على ما يرام، وأنها ليست بعيدة عن تلعفر، وأنها ستُنقَل عما قريب إلى سوريا لأنهم يقصفون المدينة قصفاً شديداً، ووعدته بأنها ستحاول الاتصال به بمجرد وصولها إلى هناك.

ولدى خروجها من تلعفر، فوجئت بزوجها باتريك ملقى على الأرض في الشارع، نتيجة سقوط قذيفة إلى جواره ألحقت به إصابات خطرة في الرأس، وكان جسده محمرا ومتورما، وحين نادته والذعر يهيمن على ملامح وجهها، لم يحرك ساكناً، لكنه كان ما يزال على قيد الحياة، غير أنه لم يعد قادر على الحركة، واضطرت لتركه بعد أن اقتادها مقاتلون تابعون لداعش مع أطفالها إلى خارج المدينة، التي تعرضت للغزو بعدها بفترة قصيرة من جانب المقاتلين الأكراد وأفراد الجيش العراقي.

لكن انتهى بها الحال في الأخير بهذا السجن الذي أنشأته الحكومة العراقية لزوجات مقاتلي داعش وأطفالهم، حيث تم إحضارهم جميعهم إلى ذلك السجن على يد قوات الأمن العراقية رفقة 1400 سيدة وطفل آخرين. وفي تقرير مطول لها عن ذلك الموضوع، أشارت مجلة دير شبيغل الألمانية إلى أن إليف لها 3 أبناء هم عبد الودود ( عامان ) مريم (3 أعوام ) وعبد الرحمن ( 5 أعوام ). 

ويتذكر عبد الرحمن "الناس ألقوا صاروخا على أبي، وهو الآن مصاب وينزف". كما أن إليف تبدو أصغر من سنها الحقيقي، ومع هذا، فهي تبدو أكثر نضجاً، وهي إذ تتساءل عن سر احتجازها ولماذا لا يطلقون سراحها وسراح أبنائها، خاصة وأنهم لم يفعلوا ما يدينهم.

ونوهت المجلة في سياق سردها لقصة تلك السيدة إلى أنها حرصت على إخفاء اسمها الحقيقي وبعض التفاصيل التي تخص سيرتها الذاتية حمايةً لأسرتها، مشيرة إلى أن المسؤولين في وزارة الخارجية في برلين على دراية بقضيتها ومتابعين لها بالفعل.

وأردفت المجلة بقولها إنه وبينما تقوم فرنسا ودول أخرى بتزويد العراق بالبيانات المتعلقة بمواطنيها الذين سافروا للمنطقة بغية الانضمام إلى داعش على أمل أن تتم محاكمتهم في العراق، فإن المسؤولين الألمان، في المقابل، يشعرون بالقلق إزاء عمليات الإعدام التي تتم خارج نطاق القضاء أو حتى المحاكمات الاستعراضية، لربما يرغب العراق في الكشف عن عدد الأجانب الذين يدعمون داعش.

وبالعودة إلى إليف، أوضحت أنها تزوجت من باتريك وقت أن كانت تبلغ من العمر 23 عاماً، حيث أعجبت بمواصفاته البدنية التي رأتها مطابقة لما كانت تتمناه في فتى أحلامها، وبعدها أوقفت دراساتها وانتقلت للعيش معه، واستطاع أن يعزلها عن عائلتها، وبدأت تجد نفسها بمفردها في المنزل، وحين كان تطلب زيارة والديها، كان يُقابَل طلبها بالرفض، وكانت ممنوعة كذلك من الاتصال بهم بأي شكل كان.

وتساءلت إليف في سياق مقابلتها مع المجلة بقولها "هل نحن نشبه المتطرفين ؟ نحن أناس عاديون تماماً باستثناء ملابسنا. صحيح أنا لا أنكر أني اقترفت خطأ بذهابي إلى سوريا، لكني أقدمت على ذلك من دون أن يكون لدي أي نوايا خبيثة بهذا الشأن".
ولفتت دير شبيغل في الأخير إلى أن الحكومة الألمانية ترى أنه سيتم ابرام صفقة ما مع الجانب العراقي وأن زوجات مقاتلي داعش وأبنائهم سيعودون مرة أخرى إلى بلدانهم.

أعدت "إيلاف" المادة نقلا عن مجلة "دير شبيغل" الألمانية، الرابط الأصلي أدناه:
http://www.spiegel.de/international/world/isis-a-german-love-story-goes-awry-in-the-caliphate-a-1170226.html