باريس: يذكر فرار نصف مليون شخص من الروهينغا الى بنغلادش هربا من اعمال العنف التي يمارسها الجيش البورمي بموجتي نزوح لهذه الاقلية المسلمة عامي 1978 و 1991 لكنه يتجاوزهما بحجمه.

وهاتان المأساتان حصلتا بحسب اخبار وكالة فرانس برس في سيناريو مماثل: عمليات اضطهاد دامية وفرار جماعي ومنفى مأساوي قبل عودة معقدة.

حملة القمع في 1978

في الربيع، لجأ حوالى 200 الف من الروهينغا وغالبيتهم من النساء والمسنين والاطفال الى بنغلادش هربا من شمال منطقة اراكان (ولاية راخين حاليا) في غرب بورما حيث كانوا يقيمون، وبعضهم منذ عدة أجيال.

وتحولت عملية تدقيق في الهويات واسعة النطاق بحق مسلمين اطلقتها السلطة العسكرية البورمية قبل اسابيع، الى حملة قمع.

ويعتبر الروهينغا مهاجرين غير شرعيين في بورما ذات الغالبية البوذية حيث تطلق عليهم تسمية "بنغاليين".

ولم يعرف الكثير عن تلك المأساة في بورما التي كانت تعتبر احدى الدول الاكثر انغلاقا في العالم.

وأوردت وكالة فرانس برس افادات جمعتها سلطات بنغلادش تشير الى حصول اعمال اغتصاب وتعذيب.

وفي 6 مايو 1978 اوضح وزير خارجية هذا البلد ان اكثر من "70 الفا من رعايا بورما طردوا من بلادهم ولجأوا الى بنغلادش هربا من +فظاعات+ ترتكب بحق هذه الاقلية الاتنية".

وتعزو السلطات البورمية هذا الرحيل الجماعي الى "الخوف والجهل" الذي يشيعه قادة دينيون لدى السكان.

وسرعان ما اكتظت المخيمات العشوائية ال13 التي اقيمت قرب مدينة كوكس بازار الساحلية في جنوب شرق بنغلادش.

في يوليو وفي ختام مفاوضات صعبة، تم التوصل الى اتفاق بين دكا ورانغون حول اعادة لاجئين. لكن تطبيقه شهد تباطؤا بسبب المعايير الدقيقة التي فرضتها بورما والتي تؤدي الى فصل عائلات. وبعدما تمت تحت اشراف المفوضية السامية للاجئين، انتهت عملية عودة الروهينغا في كانون الاول/ديسمبر 1979.

وبحسب المفوضية فان اكثر من عشرة الاف لاجىء من الروهينغا بينهم نحو 6750 طفلا قتلوا خلال النزوح. ووجهت الوكالة الاممية اصابع الاتهام الى حكومة بنغلادش متهمة اياها بخلق "مجاعة اصطناعية". وادى سوء التغذية وانتشار وباء الحصبة الى العديد من الوفيات.

عمليات اضطهاد جديدة في 1991

واصل وضع الروهينغا التفاقم، ففي العام 1982 ادى قانون اقر حول الجنسية الى جعلهم محرومين منها.

وفي ربيع 1991، اطلقت حملة قمع جديدة بحق مسلمين فيما كان المجلس العسكري الحاكم يواجه وضعا صعبا مع تظاهرات تخللتها اعمال عنف قام بها رهبان وطلاب. من جهتهم خاض الروهينغا صراع قوة مع رانغون للحصول على حكم ذاتي ضمن الاتحاد البورمي.

وفي خبر لوكالة فرانس برس يحمل تاريخ ديسمبر 1991، ندد زعيم اللاجئين المسلمين في بنغلادش محمد يونس بحالات "تعذيب واغتصاب واغتيال ونهب وتدمير قرى" في اراكان.

وتدفق عشرات الاف المسلمين على مدى اشهر الى منطقة كوكس بازار خربا من الاضطهاد الذي مارسه المجلس العسكري البورمي.

وفي مخيمات فتحتها سلطات رانغون على الحدود مع بنغلادش، كان الوضع مأساويا. وفي يناير 1992 توفي العديد من الروهينغا - بين 500 و 700 بحسب الافادات- اختناقا في مخيمات مكتظة.

وفي ابريل 1992 وفي خبر لوكالة فرانس برس، روى افراد من الروهينغا في رسالة وصلت سرا الى دبلوماسيين يزورون اراكان انهم ارغموا على العمل كحمالين تحت طائلة ان يعدمهم الجيش البورمي. وافادوا ان "الجنود يعاملون المسلمين كحيوانات" وغالبا ما يطردون من اراضيهم التي تمنح لاحقا لبوذيين.

وتحولت هذه الزيارة الى اراكان التي نظمها المجلس العسكري الحاكم انذاك، الى فشل ذريع حين قام ضباط من الاستخبارات العسكرية البورمية يرتدون اللباس المدني بضرب قرويين كانوا يحاولون التحدث مع الزوار.

وفيما كانت ظروف اعادتهم موضع محادثات مكثفة بين دكا ورانغون، اندلعت تظاهرات للروهينغا معارضة للعودة.

وفي 1991-1992 نزح ما بين 250 الف و 280 الف نسمة من الروهنيغا. وبعضهم عاد بعد فترة الى بورما بعدما طردتهم دكا. وتشكك مفوضية اللاجئين في "الطابع الطوعي" لهذه العودة.