بمناسبة الزيارة التي يقوم بها الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا الخميس، نشر موقع "روسيا اليوم" تقريرًا عن عمق العلاقات السعودية – الروسية، من خلال نبش أرشيف قديم عن وصول أول بعثة دبلوماسية سوفياتية إلى المنطقة قادها كريم حاكيموف الذي اشتهر لاحقا باسم الباشا الأحمر في عشرينيات القرن الماضي، وصولًا اليوم إلى توثق الاتصالات بين روسيا والسعودية أخيرًا مع زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى موسكو في عام 2017، وتتوج الآن بالزيارة الملكية.

الباشا الأحمر

بحسب تقرير "روسيا اليوم"، الباشا الأحمر دبلوماسي فريد من نوعه، حضر إحدى المراحل المهمة في تأسيس المملكة العربية السعودية، وبذل جهودًا كبيرة في سبيل توثيق الصلات بين الاتحاد السوفياتي والدولة الجديدة.

اسمه كريم حاكيموف، وكان رسول الزعيم السوفياتي جوزف ستالين إلى الجزيرة العربية، وأول دبلوماسي يتصل بقادة السعودية في 16 فبراير 1926، مدشنًا أول اعتراف رسمي بما عرف آنذاك بـ"سلطنة نجد"، قبل اكتمال تأسيس السعودية في عام 1932.

بفضل الدور الكبير الذي لعبه حاكيموف في مد الصلات بالسعودية واليمن خصوصًا، اشتهر بلقب "الباشا الأحمر"، وحظي بعلاقات وثيقة بعدد من الأمراء السعوديين الكبار، وخصوصًا بالأمير فيصل بن عبد العزيز الذي تولى الحكم في البلاد بين عامي 1964 و1975.

يقول التقرير إن مشوار الباشا الأحمر بدأ في المنطقة في عام 1924، حين أُرسل إلى الحجاز لإقامة علاقات دبلوماسية مع المملكة الهاشمية، بعد أن عمل فترةً سفيرًا للاتحاد السوفياتي في جمهورية بخارى، ودبلوماسيًا مفوضًا لدى إيران.

صداقة وثيقة

وصل حاكيموف إلى المنطقة مع اندلاع الحرب بين نجد والحجاز التي انتهت بسيطرة عبد العزيز آل سعود على الحجاز وضمها إلى سلطنة نجد، وبدأ اتصاله بأمراء آل سعود.

ووفقًا لتقرير "روسيا اليوم"، منذ ذلك الزمن البعيد، قبل اكتشاف النفط واكتمال تأسيس السعودية، واجه الدبلوماسي السوفياتي محاولات قوية من ممثلي بريطانيا لإعاقة عمله، وكتب في هذا الصدد يقول: "يريد الإنكليز عزل المشرق العربي عن الاتحاد السوفياتي، فيفعلون كل ما بوسعهم لمنع وصول المواطنين السوفيات إلى هذه البلاد".

استتبت الأمور لعبد العزيز آل سعود في أوائل عام 1926 في الحجاز، وتمكن حاكيموف من الوصول إلى مكة انطلاقًا من مقر بعثته في جدة، على الرغم من تواصل العمليات العسكرية هناك، وسلّم آل سعود مذكرة اعتراف الاتحاد السوفياتي بمملكة الحجاز ونجد.

يقول التقرير إن الوثائق السوفياتية تشير إلى أن الباشا الأحمر نجح في إقامة صلات صداقة وثيقة مع آل سعود، وشرعت موسكو في إثر ذلك في إرسال مساعدات إلى شبه الجزيرة العربية، من بينها الحبوب والكيروسين.

مهمة في اليمن

في عام 1928، أُرسل الباشا الأحمر في مهمة دبلوماسية إلى اليمن، وبقي هناك حتى عام 1932، حين استدعي إلى موسكو بمناسبة زيارة الأمير فيصل بن عبد العزيز.

لم يحالف تلك الزيارة اليتيمة النجاح لأسباب عديدة: لم يتمكن فيصل بن عبد العزيز من الاجتماع إلا بميخائيل كالينين، أحد أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي، فاستاء الأمير الذي اشتهر بعد توليه الحكم بقرار حظر النفط ووقف تصديره إلى دول عدة، بينها الولايات المتحدة في عام 1973.

ختم التقرير بالقول: "عاد حاكيموف في عام 1935 إلى السعودية مندوبًا مفوضًا لبلاده، وما كادت تتحسن العلاقات بين البلدين حتى تم استدعاؤه من جديد خريف عام 1937 إلى موسكو ليواجه مصيره المأساوي، وليصبح أحد ضحايا ما يعرف بفترة القمع والاضطهاد الستالينية".