«إيلاف» من الرباط: من منطلق دعمه للفنون التشكيلية في المغرب، في مختلف تجلياتها وتعبيراتها الفنية، منح صندوق الإيداع والتدبير، "لاكارت بلانش"،(معناها بالعربية "الورقة البيضاء" ) للفنان بوشعيب هبولي، في تقليد فني سنوي يروم إعطاء الفرصة لرسام من الجيل القديم، ليختار أعمال فنانين لعرضها بشراكة معه.

في المعرض المقام حالياً في "ساحة بيتري"، في الرباط، تحت شعار "نظرات فنانين"، فسح هبولي المجال أمام أربعة من الرسامين الشباب، رأى فيهم نماذج فنية جديرة بالوجود معه في قاعة عرض واحدة، اقتناعًا منه بأهمية تقديمهم للجمهور والتعريف بعطاءاتهم الفنية.

وتضم لائحة الفنانين التشكيليين الشباب الذين استدعاهم هبولي، الأسماء التالية: حسن أبارو، ورشيد باخوز، وأناس البوعناني، وعزيز سحابة، بمعدل خمس لوحات، لكل واحد منهم، إضافة إلى إبداعاته المعروضة بجانب أعمالهم الفنية.

بوشعيب هبولي والفنانة لطيفة التيجاني أمام إحدى لوحاته

 

ضد النمطية

قال هبولي لـ" إيلاف المغرب"، بطريقته العفوية في الحديث، إن بعض الفنانين الذين سبقوه، كانوا يستقدمون طلبتهم في الفنون التشكيلية، أو أصدقاءهم، أما هو فقد وقع اختياره على أربعة شباب أغلبهم غير معروفين، رغم أنهم يشتغلون بجد وحماس، وكل واحد منهم ينفرد ببصمته الفنية الخاصة.

وعن معايير اختيار هؤلاء الفنانين،أوضح هبولي أنه تعمد أن تكون هناك أساليب واتجاهات فنية مختلفة في التناول والرؤى، بهدف الغنى في الطرح، وذلك من منطلق فني يهدف إلى تفادي النمطية.

وأضاف أنه منذ البداية، فضل ألا يفرض رؤيته الفنية على المشاركين معه، مشيرًا إلى أن لوحاتهم تتصف بالتميز، وبالسعي لإضفاء المزيد من التنوع على المشهد التشكيلي في المغرب.

وبخصوص غياب العنصر النسوي عن المشاركة في المعرض، في وقت يسعى فيه المغرب إلى تكريس المناصفة لتحقيق المساواة بين الجنسين، دافع هبولي عن وجهة نظره، بقوله إنه لم يعثر على ما كان يبتغيه، مع اعترافه بأن هناك ريشات نسائية سجلت حضورها في عالم التشكيل.

من الأعمال الفنية للفنان بوشعيب هبولي

التجريب والتجدد

ويجر هبولي وراءه رصيدًا متراكمًا من العطاء، وهو من الفنانين الذين لايكفون عن التجريب، بحثا عن الصيغة الفنية الأفضل، وقد يستغرق في إنجاز اللوحة الواحدة عدة أشهر، لتأخذ وقتها الكافي في النضوج، حسب قوله.

وفي هذا السياق ، أكد لـ"إيلاف المغرب" قائلا:" على امتداد مساري الفني، حاولت استعمال جميع المواد والخامات، بما فيها الجلد، وذلك بما يخدم رؤيتي الفنية للعمل التشكيلي". 

وأردف هبولي أنه يتعين على الرسام ألا يبقى حبيس الصباغة، وقال "إنه ليس رجل صباغة فقط"، بل إن المطلوب منه أن ينوع أساليبه ومساهماته الفنية، في مختلف المجالات.

ودعا إلى الاقتداء ببعض التجارب الفنية الرائدة في الخارج، حيث يمكن للرسام أن يبدع في مجالات أخرى قريبة من انشغالاته، مثل النحت والمشاركة في وضع التصاميم الفنية لكل ما له علاقة بالذوق الجمالي مثل التأثيث والحلي.

حلي ومصوغات

وكشف هبولي الذي يعرض للمرة الاولى منحوتات ومشغولات فنية ومصوغات بالفضة، لرمزه الفني " الطائر"، في أحجام صغيرة وجميلة إلى جانب لوحاته، أنه قرر السير في هذا الاتجاه، بالتعاون مع بعض الصناع التقليديين.

ولم يفت المتحدث ذاته أن يذكر بالمناسبة أن واجهة مستشفى لعلاج السرطان في مدينة الدار البيضاء، تحمل منحوتة لهذا " الطائر" الذي اشتهر به، على امتداد عشرة أمتار، والذي شكل خلفية فنية لإحدى مراحله، التي عرف بها هبولي في الصحافة.

يشار إلى أن معرض الفنان هبولي ومن معه، مازال مفتوحًا في وجه العموم، إلى غاية العشرين من أكتوبر .

وشهد حفل افتتاحه حضور عدد من وجوه الثقافة والفن.

ولعل الملاحظة التي أثارت انتباه الجميع هي أن "كاتالوج" أو دليل المعرض الصادر في طباعة أنيقة وإخراج فني جميل، جاء كله مطبوعًا باللغة الفرنسية، في غياب أي كلمة عربية واحدة، وكأنه موجه إلى الجمهور في باريس وليس في الرباط..

وحين وجهت "إيلاف المغرب" سؤالاً في الموضوع إلى الجهة المعنية في صندوق الإيداع والتدبير الوصية على قاعة العرض، كان الجواب أن ذلك رهين بتوفر النص، "وما دام النص العربي غير موجود، فقد تم الاكتفاء باللغة الفرنسية"، مع التذكير أن معارض سابقة تم فيها استعمال اللغة العربية.