«إيلاف» من بيروت: في 23 سبتمبر الماضي، أعلن وزير الأشغال العامة اللبناني يوسف فنيانوس من القبيات عن العمل لإعادة تشغيل مطار القليعات أو مطار رينيه معوض، وأجرت حينها اللجنة التي كُلفت من قبل الوزارة ومن هيئة الطيران المدني الكشف الميداني اللازم، واتضح أن المطار لا يحتاج الى كثير من الأموال لكي يعمل، ولكن هل الأموال فقط هي من تعيق إعادة العمل بمطار القليعات، وماذا عن الأسباب السياسيّة التي تضاف إلى التحضيرات العملانية اللازمة لإعادة تشغيله؟

والسؤال الذي يطرح أيضًا ما هي اليوم إيجابيات فتح مطار القليعات، ولماذا التجاذب السياسي عليه؟&

تعقيبًا على الموضوع، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديثه لـ"إيلاف" أن فتح المطار ضروري بغض النظر عن الأوضاع السياسية، فوجود مطار آخر في لبنان ضروري، ومع وجود 3 مطارات أفضل أيضًا وهكذا تتوزع شركات الطيران عليها، وهذا يؤدي إلى تنمية قوية للمناطق، فمع وجود تلك المطارات تُستحدث مواقف السيارات وكذلك تنتعش الحركة السياحية، ونخفف الضغط عن بيروت ومطارها، فمع وجود البنايات من حول مطار بيروت لم يعد بالمطار المثالي.

منافع

عن منافع فتح مطار القليعات أو المساوىء التي تترتب على فتحه، يقول حبيقة:" المنافع واضحة إنمائية تنموية وشغل للعمال، وتنمية المناطق، والمشكلة التي تطرح هل نحن نملك القدرة الكافية لتشغيل مطارين في لبنان، الهدف ليس التخفيف من القادمين إلى مطار بيروت، بل الهدف أن يبقى العمل كما هو في مطار بيروت، ويزيد في مكان آخر، ولا يصبح مطار القليعات وكأنه البديل عن مطار بيروت، نريد أن يبقى مطار بيروت بعمله الطبيعي، وكذلك مطار القليعات.

الهدف يضيف حبيقة، زيادة في العمل وليس توزيعه بين المطارات. وهنا يمكن استعمال مطار القليعات لطائرات ال"تشارترز" ولشركات طيران جديدة.

وبرأي حبيقة يستطيع لبنان تحمّل أعباء فتح مطار جديد، وهناك تقنيات عدة أيضًا لا تكلف الدولة، ومن يبني المطار يشغله لمدة معينة، كما حصل تمامًا مع إنشاء الخليوي في لبنان.

وفتح المطار يفيد لبنان سياحيًا بقدر كبير، من خلال إضافة العمل ويبقى مطار بيروت مطارًا مهمًا ونزيد العمل بالمطارات الاخرى.

إنعاش المناطق

ويضيف حبيقة:"عملية إنعاش المناطق المجاورة من خلال فتح مطار القليعات تتم من خلال تشغيل المئات من الناس من المناطق المجاورة، وحتى من خبراء الطيران، وحتى فنادق المناطق تنتعش، ومن خلال أيضًا انتعاش الحركة في المحال التجارية القريبة من المطار، فعندما نفتح مطارًا نخلق مدينة من حواليه."

ويضيف حبيقة:" لكن يجب أن يكون فتح مطار القليعات ليس على حساب استمرارية مطار بيروت، وذلك بطريقتين من خلال جعله مطارًا للتشارترز، وثانيًا نستقبل شركات طيران غير موجودة في بيروت."

ماذا عن العقبة السياسية بوجه فتح مطار القليعات؟ يرى حبيقة أن عقبة أخرى لا يستهان بها في ظل الظروف الحالية تكمن في إعطاء إذن الموافقة السورية، لأن حركة الملاحة والخطوط الجوية في مطار القليعات ستمرّ في الأجواء السورية عبر اللاذقية، وبالتالي لا بدّ من التنسيق مع الحكومة السورية، فكيف سيتمّ ذلك والحكومة اللبنانيّة منقسمة حول نفسها في مقاربة مسألة التنسيق هذه؟.

نبذة&

ليست المرة الأولى التي تُبعث فيها فكرة إعادة تشغيل مطار القليعات. طرحت مرارًا مسألة استثمار المدرج الموجود في منطقة القليعات الشمالية، مقدمة لإنشاء فرع ثانٍ لمطار بيروت.

تقع قاعدة القليعات في بلدة القليعات الساحلية وسط سهل عكار على بعد 105 كلم من بيروت و25 كلم شمال مدينة طرابلس.

لجأت الدولة إلى مطار القليعات في أواخر الثمانينات كمطار مدني بعدما تعذر التواصل بين العاصمة وشمال لبنان، فتم تجهيزه بما يؤهله لاستقبال المسافرين وشهد حركة هبوط وإقلاع ناشطة بافتتاح أول خط جوي داخل الأراضي اللبنانية، وكانت الطائرة الأولى التي استخدمت في المرحلة الأولى من نوع "بوينغ 720 " تابعة لطيران الشرق الأوسط ناقلة 16 راكبًا من الشمال إلى العاصمة اللبنانيّة، ثم سيرت شركة "الميدل إيست" ثلاث رحلات أسبوعيًا، وزادتها في ما بعد بمعدل رحلتين يوميًا وحددت سعر التذكرة آنذاك ذهابًا وإيابًا بـ 28 ألف ليرة للدرجة الأولى، و20 ألف ليرة للدرجة السياحية، وقدر حينها أعداد المسافرين الذين استخدموا مطار القليعات بنحو 300 راكب يوميًا.

وازدادت أهمية هذا المطار عندما أصبح مسرحًا لانتخاب رينيه معوض رئيسًا للجمهورية في 5 نوفمبر 1989 حيث شهد المطار هبوط طائرة "بوينغ 707 " مما عزز جدارة هذا المطار في استقبال طائرات ضخمة. وبعد مقتل الرئيس معوض غداة عيد الاستقلال في 22 نوفمبر 1989 قرر مجلس الوزراء تسمية المطار باسمه، وظلت الرحلات الداخلية سارية حتى أواخر العام 1991.