الرقة: فرّ العشرات من المدنيين اليائسين من جبهات القتال في مدينة الرقة الخميس تزامناً مع استئناف التحالف الدولي بقيادة أميركية غاراته العنيفة على أحياء ما زالت تحت سيطرة تنظيم داعش.

وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية بفضل الدعم الجوي للتحالف، من طرد التنظيم المتطرف من نحو تسعين في المئة من الرقة، أبرز معاقله سابقاً في سوريا. لكن من المرجح بقاء المئات من الجهاديين والمدنيين في وسط المدينة.

وتمكن عشرات الأشخاص معظمهم من النساء والأطفال من عبور خط القتال في حي البدو في وسط الرقة، قبل أن تنقلهم قوات سوريا الديموقراطية الى نقاط تابعة لها على الأطراف الغربية للمدينة.

ووصل غالبية الأطفال بلا أحذية وأقدامهم متسخة جراء فرارهم حفاة من منازلهم. وتم فصل الرجال من مختلف الأعمار، ويعاني معظمهم من جروح في الرأس أو الأرجل، الى مكان آخر لاستجوابهم.

وأفاد نازحون عدة بمعاودة الغارات والقصف المدفعي ليل الأربعاء بوتيرة عنيفة بعد أيام من الهدوء النسبي.

وتقول نسرين (20 عاماً) المقيمة في الرقة والمتحدرة من مدينة حلب لفرانس برس "ساد الهدوء آخر يومين أو ثلاثة أيام ولم نكن نفكر إلا بالخروج".

لا تقوى نسرين على تذكر عدد الأيام التي حوصرت فيها مع ابنها البالغ من العمر عاماً واحداً وجارتها آية داخل منزلهما في حي البدو.

وتوضح نسرين التي تخفي وجهها خلف وشاح أسود تظهر منه عيناها البنيتان المتعبتان "لكن عندما بدأ القصف مجدداً، كان أسوأ من قبل".

لم ننم

خلال هذا الأسبوع، أعلن التحالف الدولي أن ممثلين عن مجلس الرقة المدني، الذي يضم وجهاء وممثلو عشائر وناشطون من مدينة الرقة، أجروا "محادثات" لتوفير ممر آمن يسمح بإخراج المدنيين من الأحياء التي ما زالت تحت سيطرة التنظيم المتطرف.

وأكد قياديون ميدانيون من قوات سوريا الديموقراطية لفرانس برس أن خطوط القتال شهدت في الأيام الأخيرة هدوءاً نسبياً رغم شن التحالف غارات متفرقة.

وأفاد التحالف الدولي الداعم لهجوم هذه القوات على الرقة، أن طائراته لم تشن ضربات جوية في محيط الرقة الاثنين، مقابل ست ضربات الثلاثاء. لكنها في المقابل شنت 24 ضربة حول الرقة الأربعاء.

وبدت ملامح الصدمة والتعب واضحة على الشاب العشريني عبدالله العلي الذي تمكن من الفرار صباح الخميس.

ويقول لفرانس برس "على أساس أن القصف توقف وهناك هدنة ويريدون (مقاتلو التنظيم) الاستسلام، لكن لا نعرف ماذا حصل بعدها وعادت المدفعية مجدداً".

على بعد أمتار منه، يوضح رجل يغطي إحدى عينيه بقماش أبيض وهو ينتظر نقله الى مركز استقبال في ضاحية غرب الرقة، أن القصف توقف خلال ثلاثة أيام، لكن "أمس لم ننم كل الليل، غارات ومدفعية".

ومع سيطرة قوات سوريا الديموقراطية التي تضم فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن على الجزء الأكبر من مدينة الرقة، منذ بدئها هجومها داخل الرقة في حزيران/يونيو، انكفأ التنظيم الى وسط المدينة حيث يتحصن المئات من مقاتليه في جيوب عدة.

وبينما كانت قوات سوريا الديموقراطية تستعد لشن هجومها الأخير على هذه الجيوب، توضح قائدة حملة "غضب الفرات" روجدا فلات لفرانس برس أن وجود المدنيين حال دون تحقيق ذلك.

وتقول إنه خلال الأيام القليلة الأخيرة "حررنا تقريباً ألف شخص، نحو 250 شخصاً منهم اليوم".

وتضيف "نستعد لدخول الأسبوع الأخير (من المعارك)، لكن ما منعنا هو خروج اعداد كبيرة من المدنيين".