لندن: يقول المطالبون بانفصال كاتالونيا إنها تريد استعادة استقلالها والتمتع بحق تقرير المصير الذي حُرم منه الكاتالونيون. يرد الطرف الآخر أن كاتالونيا لم تكن ذات يوم دولة مستقلة، وهي جزء من إسبانيا منذ ما يربو على خمسة قرون. 

كما أن كاتالونيا ليست مستعمرة، ولم تكن مستعمرة يومًا، ولا تستوفي الكثير من الشروط التي ينص عليها القانون الدولي بشأن حق تقرير المصير. وللكاتالونيين حق التصويت مثلهم مثل الإسبان الآخرين ومارسوه في مناسبات متعددة. 

القانون مهم

تقول الحركة الانفصالية إن كاتالونيا مجتمع متجانس يدعم الاستقلال بقوة. ويرد المعسكر الآخر أن كاتالونيا مجتمع يتسم بتعددية واسعة، وأن أكثر من مليون من سكانها البالغ عددهم 7.5 ملايين نسمة نزلوا إلى شوارع برشلونة في 8 اكتوبر للاحتجاج على الاستقلال، وأن اللغتين الرسميتين الإسبانية والكاتالونية تتعايشان، فالاسبانية لغة 50.73 في المئة من سكانها في التعامل اليومي، والكاتالونية لغة 36.29 في المئة، ويستخدم 6.82 في المئة اللغتين من دون تمييز، بحسب بيانات 2013 الرسمية. 

تؤكد الحركة المطالبة بالاستقلال إنها حركة ديمقراطية سلمية غير شعبوية، لكن خصومها يقولون إنها تقوم على عدم التزام القانون وعدم احترام التعددية السياسية، وإن العملية الانفصالية ترتبط بحركات قومية متطرفة شعبوية ومعادية للنظام ظهرت في أوروبا والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. بحسب معارضين الاستقلال، الحركة التي تنتهك الدستور والقانون لا يمكن أن تُعتبر حركة ديمقراطية. 

يقول دعاة الاستقلال إن القانون مهم ولكن الديمقراطية هي صوت الشعب. ويرد الطرف الآخر أن الانفصاليين أوجدوا خطابًا تبسيطيًا لا تعني الديمقراطية فيه إلا التصويت لما يريده الناخب، وان "إرادة الشعب" فوق القانون. لكن التاريخ زاخر بالأنظمة السلطوية التي كانت، متى ما يناسبها، تنظم استفتاءات ليست إلا مسرحيات لا تمت بشيء إلى الديمقراطية.

ادعاء الديمقراطية

تشير حركة الاستقلال إلى أن الكاتالونيين صوتوا في استفتاء 1 اكتوبر، وأن صوتهم يجب أن يُسمع. لكن الطرف الآخر يقول إن الكاتالونيين لم يصوتوا لأسباب منها عدم استيفاء أبسط شروط الاستفتاء، وهو أن يُجرى بموجب القانون، وأن بعض القيادات الانفصالية أجرت مشاورات تدعي الديمقراطية كذبًا، فيما كانت الإدارة غير محايدة في تنظيم الاستفتاء ومراقبته.

كما أن نتيجة الاستفتاء لا تعني شيئًا لأن الحكومة الكاتالونية جعلت من الواضح انها تعتزم اعلان الاستقلال حتى قبل أن تُعرف نتائج الاستفتاء، وبصرف النظر عن مستوى المشاركة. 

يقول الانفصاليون إن العالم وأوروبا متعاطفان مع استقلال كاتالونيا، لكن الطرف الآخر يلفت إلى انه ليست هناك دولة واحدة اعترفت بنتائج الاستفتاء أو تؤيد حركة الاستقلال، بل على العكس فإن زعماء مثل المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأميركي دونالد ترمب وغيرهم كثيرين أعربوا علنًا عن دعمهم لبقاء إسبانيا موحدة، ودافعوا عن حكم القانون. والموقف نفسه اتخذه قادة الاتحاد الأوروبي ومؤسساته. 

ترفض الحوار

يقول الانفصاليون إن كاتالونيا تُعامل معاملة مجحفة ثقافيًا وماليًا. ويرد خصومهم مؤكدين أن كاتالونيا من أكثر مناطق إسبانيا ازدهارًا ونصيب الفرد فيها من الدخل أعلى من المتوسط الوطني العام. ومن بين مناطق الحكم الذاتي في إسبانيا، كان نصيب كاتالونيا من الاستثمار في البنية التحتية الأكبر خلال الفترة الواقعة بين 1996 و2015 ويزيد كثيرًا على الأندلس التي تأتي بالمركز الثاني. 

يذهب الانفصاليون إلى أن الحكومة الاسبانية ترفض الحوار وكان على مدريد وبرشلونة أن تتوصلا إلى اتفاق على الاستفتاء كما حدث في كندا وبريطانيا. ويرد الطرف الآخر قائلًا إن الحوار الوحيد المقبول للحكومة الكاتالونية كان بحث شروط إجراء الاستفتاء والحكومة الاسبانية لا يمكن أن توافق على هذا الهدف لأنه مخالف للدستور. 

كما أن الحكومة الكاتالونية لم تستجب لدعوة البرلمان الاسباني لتقديم مشروعها او اقتراح تعديل الدستور في البرلمان الوطني. يتهم دعاة الاستقلال الحكومة الاسبانية باستخدام القوة المفرطة ضد المواطنين الذين أرادوا التصويت وتسببت في وقوع مئات الجرحى. 

تصرفت بمهنية

يرد الطرف الآخر أن الشرطة الاسبانية تصرفت بمهنية واستخدمت الوسائل المتاحة لها بشكل متناسب لتنفيذ أمر قضائي يمنع اجراء استفتاء مخالف للقانون، وهي لم تتحرك إلا بعد أن رفضت شرطة الإقليم تنفيذ أوامر القضاء. كما يطعن المعارضون للاستقال بدقة الأرقام التي قدمتها الحكومة الكاتالونية عن أرقام الجرحى. 

أخيرًا، يقول الانفصاليون إن الكاتالونيين لا يتمتعون بحرية التعبير. ويرد المعسكر المعارض للاستقلال أن اسبانيا بلد ديمقراطي يخضع لحكم القانون ويدافع عن حقوق جميع مواطنيه وحرياتهم.

ولا يتعرض أحد للملاحقة بسبب افكاره أو التعبير عن رأيه، لكن على الجميع أن يكونوا مسؤولين عن أفعالهم إذا كانت ضد القانون، كما في أي نظام ديمقراطي آخر. وأي طموح سياسي يمكن أن يُراعى إذا جرى التعبير عنه وتنظيمه من خلال القنوات المعترف بها قانونيًا.