غوما: يؤكد "الجنرال" المتمرد القادم من جنوب السودان ديلينغ كياه الذي يقود جيشا من بضع مئات من الجنود الذين سرحوا ويتجولون بلا هدف في مخيم بالقرب من غوما (شرق الكونغو الديموقراطية) "نحن عالقون".

في تموز/يوليو 2016، كان "الجنرال" وجنوده يقاتلون الى جانب النائب السابق للرئيس رياك مشار ضد القوات الحكومية بقيادة سلفا كير قبل ان ينكفىء مئات الكليومترات مشيا على الاقدام الى جمهورية الكونغو الديموقراطية.

وبعد 15 شهرا يمارس الرجل البالغ من العمر 37 عاما وتربطه صلة قرابة برياك مشار سلطته على متمردين نزعت اسلحتهم ولا يملكون شيئا.

وتقوم بعثة الامم المتحدة في الكونغو الديموقراطية بتأمين الغذاء واللباس لهؤلاء المقاتلين السابقين في معسكر مونيجي على بعد حوالى عشرة كيلومترات عن غوما على المرتفعات التي تطل على بحيرة كيفو.

ويراقب عدد قليل من السودانيين الجنوبيين الجالسين وراء سياج، السيارات وهي تمر متوجهة الى محمية فيرونغا الوطنية وبركان نياراغونغو وحتى اراضي ماسيزي وروتشورو التي تشكل معقلا لمجموعات كونغولية مسلحة.

في الداخل، يمضي آخرون الوقت بما تيسر، من لعب الورق والدومينو الى كرة القدم او مشاهدة التلفزيون عبر الجلوس في قاعة صغيرة اقيمت داخل حاوية.

ويعيش اكثر من 400 سوداني جنوبي في قرابة ثلاثين خيمة. وهم مقاتلون سابقون ومدنيون وقاصرون. ومعظم هؤلاء من قبائل النوير لكن بينهم اشخاص ينتمون الى مجموعات اخرى.

وفي الخيمة التي يتقاسمها مع ستة من رفاقه، وضع "الجنرال" ديلينغ كياه الكراسي لاستقبال اول فريق من الصحافيين يسمح له بزيارة المكان.

وروى هذا المقاتل قصة جحيم الفرار مع رياك مشار ورجاله.

وبسبب الحر ثم الامطار والامراض ونقص المياه والغذاء وعمليات القصف قتل ما بين سبعين وثمانين مقاتلا خلال هذه الرحلة الى جمهورية الكونغو الديموقراطية، بحسب "الجنرال".

- "كان وزني 42 كلغ" -

انقذت بعثة الامم المتحدة الناجين في اللحظة الاخيرة. وعثر على رياك مشار وهو في الرمق الاخير.

وقال جون (27 عاما) احد اقرباء "الجنرال" ويبلغ طوله 1,90 متر "كان وزني 42 كيلوغراما". وهو يزن اليوم 66 كلغ.

وبينما سلك رياك مشار طريق جنوب افريقيا، نقل رفاقه في السلاح الى غوما بناء على طلب بعثة الامم المتحدة في الكونغو الديموقراطية التي اتهمها خبراء بانها تنفرد في التحرك بعيدا عن القانون الدولي.

واثار وصول هؤلاء المقاتلين الى غوما موجة عداء وحتى ذعر لدى السكان المفجوعين اصلا بذكرى مخيمات اللاجئين الهوتو الذين نقلوا صدمة الابادة الرواندية الى زائير السابقة قبل عشرين عاما.

وقال نائب رئيس بعثة الامم المتحدة في الكونغو الديموقراطية ديفيد غريسلي الذي عمل في الماضي في جنوب السودان "نطلب منهم البقاء داخل المعسكر مقابل الدعم الانساني الذي نقدمه لهم. نسمي ذلك +تقييدا طوعيا للحرية+".

واكد غريسلي انهم "وافقوا على نزع اسلحتهم وتسريحهم". وتكفلت الامم المتحدة بتخزين اسلحة المتمردين التي وصفها خبير بانه "قديمة".

وقال "الجنرال" ديلينغ كياه "لم يعد لدينا اسلحة منذ عام. نحن مستعدون للحياة المدنية".

و"الجنرال" المسيس جدا ويختار كلماته بدقة، ممتن للامم المتحدة لانها انقذت حياة رجاله وامنت لهم الغذاء واللباس والحماية.

لكنه قال ان الوضع لا يمكن ان يستمر بهذا الشكل، وذلك قبل ايام من زيارة السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة نيكي هايلي الى الكونغو الديموقراطية وجنوب السودان.

ومن العزلة الى الغذاء غير المتنوع وضيق المكان... تزيد المؤشرات الى الملل في هذا المخيم الذي يبلغ طوله 500 متر وعرضه 200 متر.

ويطلب جنود رياك مشار، المحرومون من الحرية بدون ان يكونوا سجناء والناجون في مخيم للامم المتحدة بدون ان يتمتعوا بحق اللجوء، نقلهم الى بلد آخر للقاء اقربائهم: اوغندا او اثيوبيا او كينيا او السودان وحتى الى مخيم للاجئين على الحدود بين الكونغو الديموقراطية وجنوب السودان.

من جهة اخرى، تمكن مئات المقاتلين السابقين في غوما الى مغادرة المخيم لانهم كانوا يملكون وثائق سفر صالحة.

لكن هذا لا ينطبق على "الجنرال" ديلينغ كياه ولا على جون ولا على كثيرين من المتمردين المعزولين في غوما في مخيم تابع للامم المتحدة ونوع من الفراغ القانوني.