برشلونة: يستعد الانفصاليون في كاتالونيا الأحد للرد على الخطوات الجذرية التي اتخذتها مدريد لمنع استقلال الإقليم عبر حل حكومته الانفصالية وفرض اجراء انتخابات مبكرة. 

وأعلن رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي السبت اجراءات تتضمن إقالة زعيم كاتالونيا كارليس بوتشيمون وجميع أعضاء حكومته، الذين أثاروا أسوأ أزمة تشهدها البلاد منذ عقود عبر اجراء استفتاء على الاستقلال في 1 اكتوبر. 

وستسيطر مدريد بموجب الاجراءات لمقترحة على وزارات الإقليم. 

وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم حكومة كاتالونيا جوردي تورول الاحد "حصل بالأمس انقلاب كامل على مؤسسات كاتالونيا".

وأضاف في تصريحات أدلى بها إلى إذاعة كاتالونيا "ما سيجري الآن، وعبر اتفاق واتحاد من قبل الجميع، هو أننا سنعلن ما سنقوم به وكيف". 

 ودفع راخوي باسبانيا إلى المجهول عبر تحركه لانتزاع سلطات الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي من خلال الاجراءات التي قد تؤدي إلى سيطرة مدريد على جهاز شرطة كاتالونيا واستبدال المسؤولين في وسائل إعلامها. 

وأثار التحرك غضب الانفصاليين ونزل نحو نصف مليون متظاهر السبت إلى شوارع برشلونة فيما اتهم بوتشيمون رئيس الوزراء الاسباني بشن "اسوأ هجوم على مؤسسات وشعب كاتالونيا منذ مراسيم الديكتاتور العسكري فرانشيسكو فرانكو".

وبين الاجراءات القمعية التي اتخذها فرانكو، الذي حكم من 1939 إلى 1975، انتزاعه سلطات الإقليم الواقع في شمال شرق البلاد ومنعه رسميا استخدام اللغة الكاتالونية. 

ورغم الانقسام العميق في اوساط الكاتالونيين بشأن الانفصال عن اسبانيا، تبقى مسألة الحكم الذاتي قضية حساسة في الإقليم الذي يعد 7,5 ملايين نسمة ويدافع بشراسة عن لغته وثقافته ويتولى إدارة جهاز شرطته وقطاعي التعليم والصحة. 

وقال راخوي إن لا خيار لديه إلا إقالة بوتشيمون مع رفض الأخير التراجع عن تهديده بإعلان الاستقلال عقب الاستفتاء الذي اعتبر غير دستوري. 

وفي رده على الاتهامات بأن ما جرى "انقلاب"، قال وزير الخارجية الاسباني ألفونسو داستيس "في حال كان هناك انقلاب، فإنه يصح أن يطلق على ما قام به بوتشيمون وحكومته". 

وقال لشبكة "بي بي سي" التلفزيونية "ما نقوم به هو أننا نتبع بشكل صارم بنود دستورنا". 

ويتوقع أن يقر مجلس الشيوخ الاسباني الاجراءات بحلول نهاية الأسبوع المقبل. ويمتلك حزب راخوي المحافظ (الجزب الشعبي) الأغلبية في المجلس فيما تدعم أحزاب كبرى أخرى جهوده في منع انفصال جزء من البلاد. 

ماذا بعد؟ 

وفي أزمة أثارت المخاوف في أحد اهم الأقاليم الاسبانية من الناحية الاقتصادية وهزت سوق الأسهم، أمر راخوي بإجراء انتخابات مبكرة في غضون ستة أشهر من تاريخ إقرار مجلس الشيوخ الاجراءات، ما يعني أن الاقتراع قد يجري بحلول منتصف حزيران/يونيو كأقصى حد. 

وهيمنت الأحزاب الانفصالية من جميع الأطياف السياسية، من المحافظين إلى اليسار المتشدد، على البرلمان الكاتالوني منذ الانتخابات الأخيرة في 2015، حيث احتلت 72 مقعدا من 135. 

وقبيل اجتماع الأحزاب الكاتالونية الاثنين لتحديد تاريخ وأجندة لجلسة حاسمة للبرلمان الإقليمي لمناقشة الخطوات التالية، أصر تورول عبر إذاعة "راك1" على أن مسألة الانتخابات "غير مطروحة". 

ويحذر محللون من أن راخوي يواجه تحديا خطيرا بمحاولته فرض سلطة حكومته على الإقليم. 

وتتضمن السيناريوات المحتملة رفض الموظفين المدنيين وعناصر الشرطة الكاتالونية الانصياع إلى أوامر السلطات المركزية. 

وقال المحلل خوسيه فيرنانديز-ألبيرتوس لوكالة فرانس برس إن "المشكلة الأساسية تكمن في أنه سيكون على (مدريد) إدارة كاتالونيا وسط معارضة جزء كبير من السكان". 

ولدى سؤاله إن كان سيجري توقيف بوتشيمون في حال أصر على البقاء في منصبه، حاول داستيس الطمأنة قائلا لـ"بي بي سي" "لن نوقف أحد،" مستبعدا استخدام الجيش لفرض النظام. 

ولكنه حذر من أنه في حال استمرت حكومة بوتشيمون بحاولة اصدار الأوامر "فسيصبحون متساوين مع أي مجموعة من المتمردين تحاول فرض طابعها التعسفي على أهالي كاتالونيا". 

دعم أوروبي لمدريد 

وأفادت الشرطة الوطنية أنه تم توجيه الاتهام إلى شخصين بعدما اعتديا على الشرطة خلال تظاهرة السبت في برشلونة والتي شارك فيها نحو 450 ألفا من أنصار الانفصال على وقع هتافات "حرية" و"استقلال". 

وأعلن بوتشيمون أن 90 بالمئة ممن شاركوا في الاستفتاء صوتوا لصالح الانفصال عن اسبانيا في حين بلغت نسبة المشاركة 43 بالمئة. 

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن المنطقة الغنية تشهد انقساما بشأن مسألة الاستقلال، اذ يقول الانفصاليون إن الإقليم يدفع الكثير من الأموال لخزائن الدولة في حين يصر معارضو الاستقلال على أن كاتالونيا ستكون أقوى اذا بقيت جزءا من اسبانيا.

أما مدريد فتحظى بدعم قادة أوروبا وأكد رئيس البرلمان الاوروبي انطونيو تاجاني الأحد ان على جيران كاتالونيا عدم الاعتراف بها في حال أعلنت استقلالها من جانب واحد. 

وقال لصحيفة "ايل ميساجيرو" الايطالية "لا يمكننا تعزيز أوروبا عبر التقليل من شأن الانتماء إلى الدولة".